خلافات داخل «الإخوان» حول ترشـــــــيح الشاطر لرئاسة مصر
دافعت جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر عن قرارها ترشيح القيادي الكبير، المهندس خيرت الشاطر فيها، لخوض انتخابات الرئاسة المقررة الشهر المقبل، وسط خلافات داخل الجماعة واتهامات للاسلاميين بالسعي الى احتكار السلطة، إذ عبر قيادي بارز في الجماعة عن عدم رضاه عن قرار الجماعة ترشيح الشاطر، بينما قرر مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، أمس، بصفة نهائية عدم المشاركة في أعمال الجمعية التأسيسية المُناط بها إعداد مشروع دستور جديد.
وتفصيلاً، قال رئيس حزب الحرية والعدالة (المنبثق عن الجماعة والذي يتمتع بالاكثرية في البرلمان) محمد مرسي في مؤتمر صحافي «ليس لدينا نية للسيطرة». وأضاف «على ماذا نسيطر هل لدينا وزراء، نحن موجودون الآن فقط في كل ما تم انتخابه، سواء البرلمان أو النقابات أو نوادي هيئات التدريس وبعض الجميعات». وتابع «هذه إرادة الشعب، هل يريد أحد أن يقف ضد إرادة الشعب أو أن يمنعها؟».
ونفى المرشد العام لـ«الإخوان» محمد بديع تقارير صحافية، تحدثت عن انقسام داخل الجماعة حول ترشيح الشاطر، وأكد ان «أغلبية داخل الجماعة أيدت ترشيح الشاطر، وللاسف كل الأرقام التي كتبت خاطئة»، في اشارة إلى ما نشرته الصحف المصرية، عن ان التصويت على قرار ترشيح الشاطر داخل مجلس شورى جماعة «الإخوان»، المكون من 108 أعضاء، يدل على انقسام إذ لم يؤيد ترشيحه سوى 56 عضوا فقط.
وأضاف «لا يمكنكم تخيل عدد الرسائل التي تلقيتها عبر الفاكس أو الهاتف، والتي تبين تأييدا غير مسبوق لقرار» ترشيح الشاطر. وأدى القرار إلى ظهور الخلافات داخل الجماعة، لأول مرة، إلى العلن.
وأشار بديع إلى وجود اختلافات في الآراء، لكنه قال إن الاعضاء دعموا القرار. وأضاف أن من كانوا يعارضون القرار، أصبحوا يؤيدونه الان.
وعبر إسلاميون آخرون عن استيائهم، لكن التصريحات اقتصرت ـ إلى حد كبير ـ على أعضاء سابقين في الجماعة، أو شخصيات من خارجها. وكانت الجماعة فصلت المرشح الرئاسي عبدالمنعم أبوالفتوح، بعد قراره خوض انتخابات الرئاسة، بينما كانت الجماعة لاتزال على رأيها بعدم خوض الانتخابات.
وقال النائب السابق لمرشد «الإخوان»، محمد حبيب، الذي استقال من الجماعة العام الماضي لـ«رويترز»، إن ترشيح الشاطر للرئاسة خطأ استراتيجي، سيكلف الجماعة كثيرا في ما يتعلق بصدقيتها بين المصريين. وشكك المرشد العام السابق لـ«الإخوان»، مهدي عاكف، في سلامة القرار، لكنه قال إنه سيحترمه.
وأعلن عدد من شباب «الإخوان»، في تصريحات لقنوات التلفزيون المحلية، معارضتهم قرار ترشيح الشاطر.
كما أعلن القيادي في حزب «الحرية والعدالة»، النائب محمد البلتاجي، معارضته ترشيح عضو من الجماعة للرئاسة.
وكتب البلتاجي ـ على صحفته على شبكة «فيس بوك» ـ «لست مع تقديم (الإخوان) مرشحا منهم للرئاسة، وأرى أنه من الظلم لـ(الإخوان) وللوطن، أن يتحمل فصيل واحد مسؤولية الوطن كاملة في مثل تلك الظروف (شعب، شورى، جمعية دستور، حكومة، رئاسة). والمشروع الإسلامي الذي صبر 80 عاما لينبت شجرته مؤمنا بالتدرج، يجب ألا يتورط في حرق كل هذه المراحل في أشهر عدة ».
وأضاف «إذا سمحنا بعودة المعادلة السياسية المصرية القديمة، واختزالها في صورة معركة بين النظام و(الإخوان)، نكون قد عدنا إلى ما قبل 25 يناير، قامت الثورة حين صار النظام في مواجهة شعب وليس فصيل أو جماعة، علينا كـ(إخوان) أن نعترف بأخطائنا التي أسهمت في تباعد القوى الوطنية الثورية عنا، وعلينا أن ننجح في لم الشمل الوطني الثوري، ومعالجة ما ألمّ به من جراح».
وكانت خلافات ظهرت داخل «الإخوان المسلمين»، بدأت في الظهور عقب قرار الجماعة، العام الماضي، بفصل القيادي «الإخواني» عبدالمنعم أبوالفتوح، بسبب قراره الترشح للرئاسة، المخالف لقرار الجماعة آنذاك بعدم خوض هذا السباق.
ويحظى أبوالفتوح بتأييد العديد من كوادر وأعضاء جماعة «الإخوان».
ويواجه «الإخوان»، كذلك، انتقادات عنيفة، أدت إلى أزمة سياسية، بسبب هيمنتهم ـ بالتحالف مع حزب النور السلفي ـ على اللجنة التأسيسية لوضع الدستور الجديد للبلاد.
وانسحبت كل الأحزاب الليبرالية من هذه اللجنة، احتجاجا على هيمنة الإسلاميين عليها، وكذلك انسحبت منها مؤسسة الأزهر، والكنيسة القبطية، والمحكمة الدستورية العليا.
وقال احد نواب حزب «الحرية والعدالة»، طالبا عدم ذكر اسمه لـ«فرانس برس»، إن الجماعة قررت ترشيح أحد اعضائها لانتخابات الرئاسة، لأنها تخشى أن تفقد الدعم الشعبي، إذا لم تمسك بالسلطة التنفيذية، لتنفيذ البرنامج الذي خاضت على أساسه الانتخابات التشريعية.
وأضاف «نريد أن نطبق برنامجنا، وإلا سنفقد أصوات ناخبينا».
في سياق آخر، قال مصدر مطلع في مكتب شيخ الأزهر، إن أعضاء المجمع وافقوا بالإجماع مجدداً، خلال اجتماع عقد أمس، على قرار بعدم تمثيل الأزهر بأي من قياداته أو من رموزه في أعمال الجمعية التأسيسية المُنوط بها إعداد مشروع دستور جديد لمصر «طالما بقيت الجمعية بتشكيلها الحالي».
وأضاف المصدر أن قرار مجمع البحوث الإسلامية يقطع الطريق على أي محاولة تُبذل من أجل إقناع قيادات الأزهر بالمشاركة في جمعية وضع مشروع الدستور بعد قرار المجمع، الخميس الماضي، بسحب ممثل الأزهر مفتي الديار المصرية الأسبق الدكتور نصر فريد واصل من المشاركة في أعمال الجمعية.