انتخابات تشريعية في سورية وسط إضراب عام ومقاطعة
أدلى السوريون بأصواتهم في انتخابات برلمانية، أمس، تعتبرها السلطات «ركيزة أساسية» في إصلاح سياسي، في حين وصفتها المعارضة بـ«المهزلة» باعتبارها «مظهراً زائفاً» بينما يقتل الناس يومياً في الانتفاضة المناهضة لنظام الرئيس بشار الأسد. وشهدت عملية التصويت إقبالا ضعيفا وسط إضراب عام ودعوات مقاطعة من قوى معارضة في الداخل والخارج، وأعمال عنف متفرقة أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 14 شخصاً، في وقت بدأت ثلاث مجموعات من المراقبين الدوليين، أمس، بتسيير دوريات في مناطق ريف دمشق، بعد انضمام اعداد جديدة إليهم.
وانتخب السوريون، أمس، 250 عضوا في مجلس الشعب من بين 7195 مرشحا.
وأقيم 12152 مركزاً انتخابياً في مختلف المدن السورية، موزعة على 15 دائرة انتخابية، ويبلغ عدد الناخبين فيها 14 مليوناً. وبينما عرض التلفزيون الرسمي لقطات توضح اصطفاف الناخبين أمام اللجان، أكد مراقبون مستقلون في دمشق أن الإقبال ليس كما كانت تتوقعه الحكومة.
وبث التلفزيون السوري صورا لعدد من المراكز الانتخابية في عدد من المحافظات السورية، منها الرقة وحمص ودمشق وحلب واللاذقية وادلب ودرعا، وكتب في اسفل الصور «السوريون يقولون كلمتهم في صناديق الاقتراع».
كما أجرى لقاءات مع عدد من المواطنين المشاركين في الانتخابات، وقال احدهم من حمص ان «الانتخابات تجري بأجمل صورة، خصوصاً في وجود التعددية الحزبية». واعتبر آخر انها «البداية الحقيقية لبناء سورية المتجددة».
وأكد وزير الداخلية محمد ابراهيم الشعار، أن انتخابات أعضاء مجلس الشعب «تسير بشكل طبيعي»، وأن مراكز الاقتراع تشهد «اقبالا ملحوظا من قبل الناخبين»، بحسب ما نقلت عنه وكالة الأنباء الرسمية (سانا).
وأضاف الشعار «لا مشكلة حتى الآن باستثناء بعض الأمور التي قد تحصل في أي جو انتخابي»
ويشارك في هذه الانتخابات سبعة أحزاب من بين تسعة اعلن عن تأسيسها منذ اصدار قانون تنظيم الاحزاب الجديد، إضافة الى المستقلين وقائمة الوحدة الوطنية التي أعلنت عنها الجبهة التقدمية التي يقودها حزب البعث وتشرف على الحكم في البلاد.
وهذه الانتخابات هي الاولى التي تجري بعد صدور قانون يسمح بالتعددية الحزبية في سورية، جاء من ضمن «سلسلة اصلاحات» أعلنتها السلطات في محاولة لاستيعاب الحركة الاحتجاجية، ومن بينها إصدار دستور جديد يلغي الدور القيادي لحزب البعث القائم منذ 50 عاماً.
إلا أن المعارضة تنظر الى الانتخابات على انها «مهزلة»، مؤكدة ان المشاركة فيها ستقتصر على مؤيدي النظام.
ودعا المجلس الوطني السوري المعارض السوريين «للاضراب او التظاهر في ساعات الانتخاب للتعبير عن رفضهم لهذه المسرحية».
وقال في بيان «بصفاقة قل نظيرها، يدعو النظام السوري لاجراء انتخابات لمجلس الشعب على وقع الرصاص والقذائف من كل نوع وجرائم الابادة والعقوبات الجماعية». واعتبر البيان أن إجراء هذه الانتخابات «يستهين بدماء آلاف الشهداء السوريين، ويدل على استهتار نظام الاسد بالمبادرة الدولية العربية».
وقال المرصد السوري لحقوق الانسان ان مناطق عدة في ادلب (شمال غرب) ودرعا (جنوب) وحماة (وسط) شهدت اضرابا عاما احتجاجا على اجراء الانتخابات، إضافة الى بعض أحياء العاصمة دمشق وبلدات ريفها.
وقال ناشطون في المكتب الإعلامي للثورة في حماة لـ«فرانس برس» إن «أحياء حماة واسواقها شهدت اضرابا كاملا ردا على انتخابات مجلس الدمى».
وأضاف أن الاضراب يشمل بلدات الريف، مشيراً الى ان قوات الامن أجبرت الاهالي على فتح محالهم في طيبة الامام.
وقال عضو المكتب الاعلامي للثورة في ادلب نورالدين العبدو «لا توجد في ادلب وريفها علامات على وجود انتخابات في البلاد».
وأضاف أن «النظام يحاول ان يوهم نفسه بأنه لايزال قائماً من خلال تنظيم هذه الانتخابات المهزلة، فيما هو عاجز عن حكم المدن والقرى إلا بقبضة الدبابات».
وفي دمشق، قال فادي (47 عاماً) انه لن يشارك في الانتخابات، مضيفا «لقد شاركت في الاستفتاء على الدستور، ولم اوافق عليه، لكن الامر مختلف الآن».
واعتبر ان المشاركة الآن «لا معنى لها»، لان تصويته يعد «موافقة على الوضع القائم».
وأفادت لجان التنسيق المحلية ان مدينة السويداء (جنوب) ذات الغالبية الدرزية شهدت «اعتصاما داخل نقابة المهندسين»، رفضا للحل الامني، ورفضا لانتخابات «مجلس التصفيق»، وتضامناً مع جامعة حلب التي سقط فيها الخميس اربعة قتلى بنيران القوات النظامية التي اقتحمت الجامعة عقب تظاهرة ليلية تنادي باسقاط النظام.
من جهتها، أبدت الصين، حليفة دمشق، والتي استقبلت، أمس، وفداً من المجلس الوطني السوري المعارض، املها في ان تتمكن الانتخابات من «تعزيز مسار الاصلاح في سورية».
على الصعيد الميداني، ذكرت لجان التنسيق المحلية أن تسعة أشخاص على الأقل لقوا حتفهم في اشتباكات بين قوات نظامية ومسلحين منشقين في حماة بوسط البلاد، فيما قتل آخران في قصف استهدف مناطق بمحافظة إدلب شمال البلاد.
وذكر المرصد السوري أن ثلاثة قتلوا في في قرية ذيبان بريف دير الزور في كمين نصبته لهم القوات النظامية فجر أمس، بالتعاون مع موالين للنظام، فيما سمعت أصوات خمسة انفجارات صباح أمس، في مدينة ادلب.
من ناحية أخرى، بدأت ثلاث مجموعات من المراقبين الدوليين، أمس، بتسيير دوريات في مناطق ريف دمشق، بعد انضمام اعداد جديدة اليهم.
وقال المتحدث باسم المراقبين الدوليين نيراج سينغ، للصحافيين إن الفريق سيّر، أمس، دوريات في مناطق ريف دمشق بالطريقة نفسها التي تعمل بها فرقنا العاملة في المحافظات الأخرى، حيث يعمل ثمانية مراقبين عسكريين، اضافة الى شخص مدني انضم اليهم، ولدينا أربعة مراقبين في كل من حماة وادلب ودرعا.
وأشار الى «أعداداً جديدة من المراقبين ستنضم الى بعثة المراقبين الدوليين في سورية، حيث بلغ عددهم حتى يوم أمس (الأحد) 70 مراقباً، بينهم 39 مراقباً عسكرياً». وزار فريق المراقبين منطقة الزبداني القريبة من الحدود السورية - اللبنانية وبلدات مضـايا وسرغايا. بدوره، أكد وزير الخارجية السوري وليد المعلم، أمس، أن حكومته تسهل عمل المراقبين الدوليين، حسب ما أفادت (سانا).
وذكرت الوكالة أن المعلم أكد أثناء لقائه رئيس بعثة مراقبي الأمم المتحدة الجنرال روبرت مود «استمرار سورية في تسهيل مهمة البعثة ضمن التفويض المخصص لعملها». وأشاد مود «بتعاون الجانب السوري في تسهيل عمل البعثة وضمان حرية حركتها دون أي عوائق»، بحسب الوكالة.