السودان شرع في ترحيل الجنوبيين بعد أن انتهت مهلة بقائهم. رويترز

السودان يبدأ عملية نقل 15 ألــف جنوبي إلى جـوبا جـواً

بدأت، أمس، عملية نقل نحو 15 الف سوداني جنوبي جوا إلى جوبا، مع إقلاع أول طائرة من مطار الخرطوم الدولي، فيما رفض البرلمان السوداني دعوة الامم المتحدة له الى التفاوض مع فرع الشمال للحركة الشعبية لتحرير السودان الناشط على ارض السودان، كما رفض السماح بإيصال المساعدات الانسانية الدولية الى المناطق المتمردة في النيل الازرق وجنوب كردفان.

وأقلعت أول طائرة استأجرتها المنظمة الدولية للهجرة، متوجهة إلى جوبا، وعلى متنها نحو 160 سودانيا جنوبيا، بعضهم قضى حياته كلها في الشمال، وهذه الدفعة هي من بين 12 أو 15 ألف سوداني جنوبي ينتظرون نقلهم جنوبا من مطار مدينة كوستي على بعد 300 كلم من الخرطوم.

وأصبحت كوستي اكبر منطقة تجمع للسودانيين الجنوبيين، الذين ينتظرون نقلهم الى الجنوب، حيث يعيش العديد منهم في مخيمات مؤقتة، أو مبان تشبه الحظائر منذ نحو العام.

وأعلن حاكم كوستي ان المهاجرين يشكلون تهديدا أمنيا وأمهلهم حتى الخامس من مايو الجاري للمغادرة، ما أثار مخاوف الأمم المتحدة ومنظمة الهجرة الدولية التي ساعدت آلاف السودانيين الجنوبيين على الانتقال جنوبا، ومدد المسؤولون المهلة النهائية حتى 20 مايو الجاري، إلا أنهم ابلغوا منظمة الهجرة الدولية بعد ذلك بعدم اخذ هذه المهلة في الاعتبار، بعد وضع خطط لنقل السودانيين الجنوبيين جوا.

وقالت سيسيليا بيتر (27 عاما)، التي كانت تنتظر الحصول على بطاقة الصعود إلى الطائرة، مع أطفالها الخمسة الصغار، إن عائلتها امضت 13 شهرا في كوستي، بعد ان فقدت عملها مدرسة.

وتم طرد جميع المتحدرين من الجنوب من الخدمة في المؤسسات الحكومية السودانية، قبل استقلال جنوب السودان في يوليو الماضي، بموجب اتفاق أنهى 22 عاما من الحرب الأهلية، أدت الى مقتل مليوني شخص، ودفعت بالعديد الى الشمال.

والجنوبيون الموجودون في كوستي هم من بين نحو 350 ألف من المتحدرين من الجنوب، تقدر سفارة جنوب السودان وجودهم في الشمال، بعد مهلة الثامن من أبريل الماضي، لجعل وضعهم قانونياً أو مغادرة السودان.

وتوجه مئات آلاف آخرين الى جنوب السودان، وقالت سيسيليا إنها لم تتمكن من الحصول على وثائق تمكنها من البقاء في الشمال. ولا يطلب من الركاب على متن طائرة وكالة الهجرة الدولية امتلاك وثائق سفر. وأضافت أن زوجها سيرافق امتعة العائلة في شاحنة ستصل الى رينك على الحدود في جنوب السودان، وتشكل مسألة الأمتعة مشكلة بالنسبة للعائدين، الذين يحاولون حمل ما امكنهم من الأمتعة الى جنوب السودان الفقير.

وفقد اديلنو جوفيدا (31 عاما)، عمله في الحكومة شرطيا بولاية غيداريف، وأمضى 11 شهرا في كوستي.

وقال إنه جاء إلى شمال السودان من الجنوب عام ،1983 عندما كان صغيرا في عمر طفله الصغير الذي يجلس في حضنه، وكانت زوجته وأطفاله الصغار الاخرون يجلسون بجانبه بغرفة الانتظار في مبنى المطار، الذي يستخدمه عادة الركاب المتوجهون إلى مكة المكرمة، لأداء مراسم الحج.

وعلى الرغم من أن هذه أول زيارة له إلى الجنوب، فإنه يقول وهو متجهم «أنا سعيد، لأنني سأتمكن من رؤية أقاربي مرة اخرى».

وكان من بين الركاب أطفال صغار ورجال ونساء مسنون، وكانت عجوز ترتدي زيا أزرق مزينا بالورود وحذاء صيفيا أصفر، تسير في المبنى متكئة على عصاها الخشبية.

وقالت منظمة الهجرة الدولية إن جميع الجنوبيين في كوستي يعتمدون على المساعدات الدولية، والتي تشمل الأغذية والماء والرعاية الصحية، وغيرها من الخدمات الأساسية، ولم تتوافر لمعظمهم وسائل نقل خاصة بهم. وقالت جيل هيلكي التي ترأس منظمة الهجرة الدولية في السودان، إن الرحلة الثانية التي ستقل مزيدا من الجنوبيين إلى جوبا قد تنطلق بوقت لاحق.

ونصت الخطط الأولية على تسيير ست رحلات جوية يوميا، إلا أن الطائرات وطواقهما تأخروا في الوصول. وحتى لو جرت ست رحلات يوميا، فإن نقل جميع السودانيين الجنوبيين، الذين يتم نقلهم بالحافلات من الخرطوم الى كوستي، سيتطلب أسبوعين.

وكانت منظمة الهجرة الدولية خططت في البداية لنقل آلاف من كوستي بواسطة السفن، إلا ان الجيش السوداني أعرب عن مخاوف أمنية. ومنذ أواخر مارس الماضي، يدور قتال بين السودان وجنوب السودان على طول الحدود بينهما.

الأكثر مشاركة