الإسلاميون يدعون إلى «إنقاذ الثورة».. وشفيق يعد بإعادتها إلى «مفجريها»
دعت جماعة الإخوان المسلمين، أول من أمس، المصريين إلى الاتحاد خلف مرشحها محمد مرسي، في الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية من أجل «انقاذ الثورة» التي يقولون إن فوز احمد شفيق سيقضي عليها، وسيضع «الأمة في خطر»، وبدأت الجماعة الاتصال بمنافسيها السياسيين، من بينهم مرشحون خرجوا من السباق الرئاسي، في محاولة منها لحشد الدعم لمرشحها، فيما سعى شفيق، الذي احتل المركز الثاني في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية بحسب نتائج غير رسمية، إلى تحسين صورته بالتأكيد على أنه «لا عودة لإنتاج النظام السابق» الذي كان أحد رموزه ويصفه معارضوه بـ«رئيس وزراء موقعة الجمل»، كما سعى الى استمالة شباب الثورة بوعدهم بأن يعيد اليهم «ثمار» ثورتهم، وقال إنه لا يرى أي غضاضة في فكرة تشكيل حكومة برئاسة «الإخوان»، في عرض على ما يبدو للجماعة التي يستعد لمواجهة مرشحها في الإعادة، فيما شككت الحملة الانتخابية للمرشح حمدين صباحي في صحة النتائج المبدئية.
وتفصيلاً، اعتبرت جماعة «الإخوان»، الليلة قبل الماضية، أن النتائج الكاملة للجولة الأولى، التي حصلت عليها، تؤكد أن الرجلين سيتواجهان في الجولة الثانية التي ستجرى في 16 و17 يونيو، موضحة أن مرسي حصل على 25.3٪ من الأصوات، وشفيق على 24٪. لكن اللجنة العليا للانتخابات، التي ستعلن النتائج الرسمية للجولة الأولى اعتباراً من اليوم، لم تؤكد بعد هذه المنازلة بين مرسي وشفيق.
وفي مؤتمر صحافي عقده، الليلة قبل الماضية، هاجم القيادي في الجماعة ونائب رئيس حزب الحرية والعدالة المنبثق عنها، عصام العريان، بشدة احمد شفيق، مؤكداً أن انتخابه سيضع «الأمة في خطر».
وعلى الأثر، قال العريان لـ«فرانس برس» إن «الثورة في خطر، نحن في حاجة الى بلد ديمقراطي، وشفيق ضد الديمقراطية».
وأوضح أن مرسي دعا المرشحين الذين خرجوا من المنافسة في الجولة الأولى، الى الاجتماع للاتفاق على «إنقاذ الثورة» من عودة نظام مبارك الذي اسقط في فبراير .2011
في المقابل، نفى المتحدث باسم حملة شفيق أن يكون مرشحه يشكل تهديداً لأهداف الثورة.
وقال «لا، هذا العهد (مبارك) انتهى والسياسة تغيرت، مصر دخلت عصر الديمقراطية»، وذلك قبل الهجمات التي شنها «الإخوان» على شفيق في المساء.
من جهة اخرى، يرى معارضو مرسي ان ولاءه سيكون للجماعة وللمرشد وليس لمصلحة البلد.
لكن علي احمد الذي صوت لأبوالفتوح، والذي أكد انه سينتخب مرسي في الجولة الثانية، يرى ان «المهم هو ان تكون الانتخابات نزيهة».
في المقابل، قال شفيق، اخر رئيس وزراء في عهد مبارك، في مؤتمر صحافي في مقر حملته بالقاهرة «أتعهد الآن ولكل المصريين، سنبدأ عصراً جديداً لا عودة فيه للوراء، لا عودة لإنتاج النظام السابق».
واضاف المرشح الرئاسي الذي سيواجه في الجولة الثانية، محمد مرسي «سنبدأ عصراً جديداً، لا عودة للوراء، لن نعيد انتاج ما سبق، ما فات قد فات، وما كان لن يعود».
وحرصاً على تأكيد انه سيكون رئيساً لكل المصريين، قال «مصر للجميع، لا إقصاء لأحد، لا إبعاد لأحد، من حق الجميع ان يكون له نصيب في هذا الوطن، من حق الجميع ان يشارك، وان كنت قد عانيت شخصياً من حالات الإقصاء».
ودعا المصريين إلى أن «يتفرغوا للبناء لا الانتقام»، مؤكداً «اتعهد الآن ولكل المصريين لا خصومة لي مع احد، امد يدي للجميع».
من جهة أخرى، سعى المرشح للرئاسة الى خطب ود شباب الثورة الذين وعد بأن يكون لهم «موقع الصدارة في الجمهورية الجديدة».
وخاطبهم قائلاً «لقد اختطفت منكم الثورة التي فجرتموها واتعهد بأن أعيد ثمارها إلى أياديكم».
ويعتبر الشباب الذين اطلقوا الثورة ضد حسني مبارك، وقطاع كبير من المصريين، أن شفيق من «فلول» النظام السابق، ويتهمونه بالتورط في ما يعرف بـ«موقعة الجمل» في ميدان التحرير، في الثاني من فبراير ،2011 قبل ايام من سقوط مبارك.
وأضاف شفيق، قائد الأركان السابق للقوات الجوية «شعب مصر العظيم شابات وشباباً، الحالم والغاضب، والطموح والمحبط، المسلم والقبطي، الليبرالي والإسلامي واليساري، ابناء حركة (6 ابريل)، ومراكز الالتراس، جميعاً، لقد اختطفت منكم الثورة التي فجرتموها وأتعهد بأن أعيد ثمارها إلى أيديكم».
وأضاف «شهدت مصر انتخابات عظيمة لم يكن لها ان تتم لولا ثورة مجيدة، قام بها الشبان المصريون في 25 يناير، تحية الى هذه الثورة العظيمة، وعهد بأن نخلص لمبادئها التي تطالب بالعدل والحرية»، مؤكداً أيضاً ان «هذه الثورة ما كانت لتنجح لولا قوات مسلحة تؤمن بدورها». وأشاد شفيق بذكرى شهداء الثورة «هؤلاء المصريون الذين ضحوا بأرواحهم» واعداً بأن «نعيد الى ذويهم كل الحقوق الواجبة».
من جهة أخرى، أكد شفيق، الذي ركز في حملته على استعادة الأمن والاستقرار، عزمه على تحقيق ذلك. وقال «عهدي قائم بأن أعيد الأمن وفق القانون، قانون نحترمه جميعاً، تعهدت بالاستقرار لكي نبدأ جميعاً بناء البلد واحياء اقتصاده، ولكي يطمئن الجميع».
ونفى عقد أي صفقات تمهيداً للجولة الثانية التي ستجرى في 16 و17 يونيو المقبل، وقال «يعتقد البعض أن علينا الآن أن نعقد صفقات انتخابية، وان نبني تحالفات سياسية، لكي نحقق الفوز في هذه الانتخابات».
وأضاف «أقبل بالحوار مع كل السياسيين من كل التيارات، وأصر على ان يكون التحالف مع الشعب، وان نعقد الصفقات مع الناس»، مؤكداً «لا نسعى إلى الحكم من أجل سلطة، لكن لكي نخدم الناس».
لكن في ما يبدو أنه محاولة لكسب أصوات ناخبيهم، حرص شفيق على شكر بقية المرشحين ومنهم «الأستاذ حمدين صباحي المنافس الصلب»، و«عبدالمنعم أبوالفتوح الصديق والسياسي المخلص»، و«الأخ الصديق عمرو موسى، الدبلوماسي المصري العلامة».
وقد حل صباحي ثالثاً في الجولة الأولى للانتخابات التي جرت الأربعاء والخميس الماضيين، بحصوله على 21.1٪ من الأصوات، فيما حصل الإسلامي المعتدل عبدالمنعم أبو الفتوح على 17.8٪، اما وزير الخارجية السابق والأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، فجاء في المركز الخامس مع 11.3٪.
كما شكر شفيق «الأستاذ محمد مرسي شريكي في الجولة الثانية»، وحرص شفيق ايضا على شكر الذين منحوه اصواتهم في الجولة الأولى، والذين شاركوا في حملته، واعداً بأن «أكون عند حسن ظنكم وثقتكم».
ومنذ أول من أمس، أكدت مواقع الإنترنت والكثير من الصحف تصدر مرسي وشفيق الجولة الأولى، التي جرت الأربعاء والخميس الماضيين، والتي حقق فيها المرشح الناصري حمدين صباحي المفاجأة باحتلاله المركز الثالث. أما أكبر الخاسرين فهما وزير الخارجية الأسبق والأمين العام السابق للجامعة العربية، عمرو موسى، والإسلامي المعتدل، عبدالمنعم أبوالفتوح، الذي سرعان ما أكد رغبته في قطع الطريق على شفيق.
وكانت استطلاعات الرأي اعتبرت طويلاً موسى وابوالفتوح الأوفر حظاً للفوز في هذه الانتخابات، وانهما سيكونان بطلي جولة الإعادة. لكن مرسي «المرشح الاحتياطي» للجماعة، التي دفعت به بعد استبعاد مرشحها الأصلي خيرت الشاطر نائب مرشدها العام، تقدم بفضل «الماكينة» الانتخابية الهائلة للجماعة وقاعدتها الواسعة من الناشطين.
وكانت هذه الماكينة والقاعدة الناشطة للجماعة، قد ساعدتا بالفعل «الإخوان»، الذين كانوا محظورين رسمياً لاكثر من 50 سنة في مصر، في تصدر الانتخابات التشريعية ليصبحوا بذلك اكبر قوة في برلمان ما بعد الثورة.
إلى ذلك قال محامي المرشح الرئاسي، حمدين صباحي، أمس، إن صباحي سيقدم طعناً لوقف انتخابات الرئاسة في مصر بسبب مخالفات مزعومة، وانتظار الفصل في القضية الخاصة بحق رئيس الوزراء الأسبق أحمد شفيق في خوضها. وأضاف عصام الإسلامبولي لوكالة «رويترز» إنه سيقدم طعناً نيابة عن صباحي للجنة الانتخابات الرئاسية، متذرعاً بمخالفات خطيرة أثرت في نتيجة الجولة الأولى للانتخابات.
وتابع الاسلامبولي إن الطعن الذي سيقدم اليوم أو غداً على أقصى تقدير سيطلب من لجنة الانتخابات الرئاسية وقف الانتخابات إلى حين قيام النائب العام بفحص زعم من جانب ضابط شرطة بقيام وزارة الداخلية بمنح شفيق 900 ألف صوت بصورة غير مشروعة. وأضاف أن صباحي يريد أيضا وقف الانتخابات إلى أن تفصل المحكمة الدستورية في صحة قرار لجنة الانتخابات في ابريل بإبعاد شفيق عن سباق الرئاسة.
كما أعرب «قطاع الدلتا» في الحملة الانتخابية لصباحي، في تصريحات متطابقة أمس، عن تشككه في النتائج غير الرسمية التي تداولتها بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، التي أشارت إلى أن حمدين صباحي حل ثالثاً بعد مرشح جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي، ورئيس الوزراء الأسبق أحمد شفيق في انتخابات الرئاسة. وقالت الحملة إن النتائج الحقيقية لأصوات الناخبين تؤكد أن صباحي حصل على خمسة ملايين و310 آلاف و219 صوتاً ليحل ثانياً بعد مرسي الذي حصل على المركز الأول بخمسة ملايين و548 ألفاً و219 صوتاً، ومتقدماً على شفيق الذي حصل على خمسة ملايين و173 ألفاً و952 صوتاً، وبذلك فإن جولة الإعادة لانتخابات الرئاسة يجب أن تُجرى بين مرسي وصباحي وليس بين مرسي وشفيق كما أُعلن من قبل بشكل غير رسمي.