سورية تحتضن ابنها المصاب في سيارة إسعاف للصليب الأحمر بعد أن تم تهريبها إلى وادي خالد شمال لبنان. أ.ف.ب

روسيا ترفض التحرك الدولي ضد سورية.. والمعارضة تتهـمها بتشـجيع إجـرام النظام

رفضت روسيا، أمس، القيام بأي تحرك جديد في الأمم المتحدة ضد سورية، بعد مجزرة الحولة التي قتل فيها 108 مدنيين، وأكدت أنها لاتزال تعارض بشدة تدخلا اجنبيا في الأزمة السورية، فيما اعتبر المجلس الوطني السوري المعارض ان مواقف روسيا من الأزمة السورية تشجع النظام على مواصلة «جرائمه الوحشية»، وتأمين غطاء سياسي له في المحافل الدولية. في حين طردت تركيا واليابان، أمس، الدبلوماسيين السوريين لديها غداة قيام دول غربية بإجراء مماثل يعكس تصعيدا غير مسبوق على نظام الرئيس السوري بشار الأسد، بينما دعا مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى سورية كوفي أنان إلى «تضافر الجهود» الدولية لوقف القتل، مع امتداد رقعة الاشتباكات بين القوات النظامية وعسكريين منشقين.

وأكدت روسيا أنه «من السابق لأوانه»، القيام بأي تحرك جديد في الأمم المتحدة ضد سورية بعد مجزرة الحولة.

وقال نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف، إن التوبيخ الذي تلقته سورية في مجلس الأمن الدولي على المجزرة «كان كافيا»، ودان الطرد «غير المجدي» سفراء سوريين من عواصم غربية.

وقال لوكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء «نعتبر ان نظر مجلس الأمن الدولي في اتخاذ أية اجراءات جديدة بشأن الوضع في سورية، سابقاً لأوانه».

وأضاف أنه «من المهم إعطاء خطة كوفي انان الوقت الكافي لتنجح»، لأن أي تدخل يمكن ان «يفاقم الوضع بالنسبة لسورية، والمنطقة بأكملها».

ورأت وزارة الخارجية الروسية ان طرد السفراء السوريين من عدد من الدول الأوروبية، إضافة الى كندا والولايات المتحدة «أغلق قنوات دبلوماسية كان من الممكن استخدامها لتبادل الآراء، وممارسة ضغط بنّاء على الحكومة السورية».

من جهته، اعتبر المجلس الوطني أن مواقف روسيا من الأزمة السورية تشجع النظام على مواصلة «جرائمه الوحشية».

وقال في بيان، إن «الجانب الروسي فضل الاصطفاف إلى جانب النظام السوري، وتأمين غطاء سياسي له في المحافل الدولية، وتقديم ما يشجعه على مواصلة جرائمه الوحشية، والتي تستهدف المدنيين من أطفال ونساء».

واعتبر المجلس ان هذه المواقف و«السلاح الفتاك (الذي) تقدمه الحكومة الروسية للنظام يجعل موسكو في خانة مشتركة مع نظام يسعى لإثارة حرب أهلية، ويبعدها عن لعب دور سياسي بناء في الأزمة السورية».

ودعا المجلس روسيا الى «الانضمام الى معسكر اصدقاء الشعب السوري، بدلا من ان تقرن نفسها بنظام امتهن الجريمة والقتل والإبادة، وهو زائل لا محالة».

وقال رئيس المجلس الوطني المستقيل برهان غليون، في اتصال مع وزير خارجية ألمانيا جيدو فيسترفيله، إن «تفاهما دوليا لتنحي الأسد فورا، هو السبيل الوحيد لإنقاذ خطة انان والحل السياسي، وإلا فإن الوضع مقبل على انفجار يهدد كل المنطقة».

في سياق متصل، طردت تركيا واليابان، أمس، الدبلوماسيين السوريين لديها.

وقال مسؤول في وزارة الخارجية اليابانية لـ«فرانس برس»، إن الحكومة اليابانية طلبت من السفير محمد غسان الحبش مغادرة البلاد «في اسرع وقت ممكن».

وأضاف أن هذا التحرك يهدف إلى إظهار احتجاج اليابان «الشديد» لسورية، «ليس فقط على العنف، وإنما على الانتهاكات الفاضحة لحقوق الإنسان».

كما طلبت تركيا من الدبلوماسيين السوريين مغادرة البلاد في غضون 72 ساعة. وقالت وزارة الخارجية في بيان «إن القائم بالأعمال والدبلوماسيين السوريين المعتمدين، أبلغوا بمغادرة تركيا خلال 27 ساعة، اعتبارا من 30 مايو (أمس)».

ويأتي ذلك غداة قيام الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وهولندا وسويسرا وأستراليا وكندا، بطرد أعلى الدبلوماسيين السوريين لديها، بهدف زيادة الضغط على نظام الأسد.

وردت الخارجية السورية، في بيان مقتضب، بطرد القائمة بالأعمال في السفارة الهولندية في دمشق، وأمهلتها ثلاثة أيام للمغادرة.

من جهة أخرى، انتقدت الصحف السورية، أمس في دمشق إقدام دول غربية على طرد السفراء السوريين، معتبرة أن «هذه الخطوة حركة مكشوفة بقدر ما هي مشبوهة وضربة في الصميم لجهود أنان، للايحاء بأن الزمن الآن هو زمن الحرب، وأن المواجهة العسكرية باتت امرا محتما».

غير أن الصين جددت، أمس معارضتها أي تدخل عسكري في سورية.

كما حذر وزير خارجية لوكسمبورغ جان اسيلبورن، في مقابلة نشرتها، أمس، مجلة «در شبيغل» الألمانية الأسبوعية، من تدخل عسكري في سورية، «سيتسبب في سقوط عشرات الاف القتلى».

من جهته، دعا أنان الذي التقى وزير خارجية الأردن ناصر جودة في عمان، إلى «تضافر الجهود والتعاون مع مختلف الجهات والدول، لمواجهة هذا الوضع وإيجاد طرق، لإنهاء ووقف القتل» في سورية، وفقا لبيان صادر عن وزارة الخارجية الأردنية.

وأشار انان إلى ان «القضية السورية قضية معقدة، ونحن نعمل بجد ونبذل قصارى جهدنا، لإيجاد حل لهذه الأزمة ووقف معاناة الشعب السوري»، مؤكدا «أهمية اعطاء الأولوية للشعب السوري وحمايته، في مختلف المباحثات والجهود التي تبذل لهذه الغاية».

إلى ذلك، افتتح المندوب الالماني لدى الامم المتحدة بيتر فيتيغ، أمس، جلسة لمجلس الأمن، مخصصة للازمة في سورية، معربا عن الأمل بأن تدفع مجزرة الحولة بعض دول مجلس الامن الى «فتح عيونها». وقال «آمل بأن تفتح مجزرة الحولة عيون بعض اعضاء مجلس الامن بشكل يسمح لنا بالتقدم في المناقشات»، في اشارة ضمنية الى روسيا والصين اللتين تحولان دون اتخاذ مجلس الامن لإجراءات رادعة بحق النظام السوري.

واعتبر ان مجزرة الحولة هي بالفعل «خرق فاضح» لقرارات مجلس الامن، منددا بـ«عدم تحرك مجلس الامن»، خلال الـ15 شهرا الماضية، أي منذ بدء الحركة الاحتجاجية في سورية على نظام الأسد.

وقال دبلوماسيون في الامم المتحدة ان جان ماري غيهينو نائب أنان، أبلغ مجلس الامن أن من المستبعد أن تتوقف الانتفاضة المندلعة في سورية، من دون مفاوضات سياسية بين الحكومة والمعارضة.

وقال دبلوماسي لـ«رويترز» طالبا عدم نشر اسمه ملخصا تعليقات غيهينو، إن «الانتفاضة في سورية لها سمات حركة ثورية». وأضاف غيهينو أن «الناس تخلصوا من الخوف، ومن المستبعد ان يوقفوا حركتهم». وقال إن «الاتصال المباشر بين الحكومة والمعارضة مستحيل حاليا».

على الصعيد الميداني، شهدت سورية امتدادا في رقعة الاشتباكات بين القوات النظامية والمعارضة المسلحة، التي تضم عسكريين منشقين عن الجيش والأمن ومدنيين متطوعين، فقد اندلعت اشتباكات عنيفة فجر أمس، في منطقة السيدة زينب بضاحية دمشق، وفي مدينة القطيف بالريف، وسمعت اصوات انفجارات في مدينة دوما التي قتل فيها خمسة اشخاص، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان، كما سمعت اصوات انفجارات وإطلاق رصاص في حيي القدم والحجر الأسود الدمشقيين، وقتل مواطن بمدينة داريا بريف دمشق بعد منتصف الليل برصاص القوات النظامية.

وفي محافظة حماة وسط البلاد، سجل وقوع اشتباكات عنيفة في كفرزيتا، أسفرت عن مقتل عنصرين منشقين وعدد من عناصر القوات النظامية لم يتسن للمرصد السوري تحديده، ثم عاد الهدوء وسيطر على البلدة. وتشهد مدينة كرناز بريف حماة اضرابا عاما، حدادا على قتلى سقطوا في مواجهات مع القوات النظامية في كفرزيتا. وبمدينة حماة، نفذت القوات النظامية حملة دهم في حي القصور، فيما سجل انشقاق مجموعة من عناصر القوات النظامية بالريف اثر الاشتباكات. وفي حمص (وسط)، تعرضت احياء المدينة لقصف بمدافع الهاون وإطلاق نار من القوات النظامية ما اسفر عن مقتل اربعة اشخاص من بينهم ضابط منشق، وفقا للمرصد.

وفي ريف حمص، قتل خمسة اشخاص من بينهم منشق في القصير، التي تتعرض لقصف القوات النظامية فيما تشهد القـرى المحيطة بها اشتباكات.

وفي إدلب (شمال غرب)، دارت اشتباكات عنيفة بعد منتصف الليلة قبل الماضية في محيط قرية المغارة، أسفرت عن مقتل عدد من مقاتلي المعارضة والقوات النظامية، وتشهد قرى فركيا ودير سنبل قصفا من القوات النظامية.

الأكثر مشاركة