المصريون يتابعون بـشغف حال مبارك في السجن
«العدالة الإلهية»، عبارة استخدمها البعض لوصف حال الرئيس المصري السابق حسني مبارك، بعد نقله إلى سجن طرة، الذي ضم يوما أبرز معارضيه السياسيين.
أودع مبارك (84 عاما)، سجن طرة بعد حكم بالسجن المؤبد، أصدره السبت الماضي قاض رأى أنه يتحمل مسؤولية ولو جزئية عن مقتل المئات، خلال الانتفاضة التي أطاحته في فبراير العام الماضي.
ولم يكن من المتصور على الإطلاق قبل 16 شهرا، أن يدخل مبارك السجن في لحظة تاريخية، سواء لمصر أو للمنطقة ككل، حتى رغم الجدل المثار حول الأحكام في هذه القضية وقضية فساد أخرى.
وقال أيمن نور، وهو سياسي ظل محتجزا في السجن ذاته طوال أربع سنوات خلال عهد مبارك، إن هذه هي «العدالة الإلهية».
وتمتلئ أكثر الصحف المصرية مبيعا بتقارير تتحدث، بالتفصيل، عن الأيام الأولى لمبارك في مستشفى سجن طرة، بشكل يعكس فضولا شعبيا لمعرفة مصير الرئيس السابق.
وقالت وكالة أنباء الشرق الاوسط، إنها علمت من مصادر بسجن طرة، أن حالة مبارك الصحية تدهورت بشدة عقب زيارة زوجته سوزان وزوجتي نجليه علاء وجمال ووالد زوجة جمال له الإثنين الماضي.
وعلى الرغم من صدور حكم براءة لكل من علاء وجمال في قضية فساد بسبب انقضاء الدعوى، فإنهما لايزالان رهن الاحتجاز على ذمة قضية أخرى.
وذكرت صحيفة «المصري اليوم»، نقلا عن مصادر لم تنشر أسماءها، أن مبارك، قال لدى رؤيته أفراد أسرته «مصر كلها باعتني رغم إنجازاتي، والجميع الآن يريدون موتي بأي طريقة وعلشان كدة أنا في طرة، أنا خدمت البلد دي 60 سنة، وكل الناس عايزين يموتوني علشان كدة جابوني سجن طرة».
وذكرت صحيفة «اليوم السابع»، نقلا عن مصدر لم ينشر اسمه أيضا، إن سوزان قالت «ما تنسوش إن ده كان بطل كبير من أبطال أكتوبر»، في إشارة إلى حرب السادس من أكتوبر مع إسرائيل عام .1973
وقال هشام قاسم، وهو ناشر ومعلق سياسي «الإعلام يتنافس على الخبر الأكثر إثارة بخصوص مبارك، المنافسة بين وسائل الإعلام على ذلك وليس على تداعيات الحدث». وحكم على مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي بالسجن المؤبد لامتناعهما، حسب ما قال القاضي، عن حماية المتظاهرين، الذين قتلوا خلال الانتفاضة التي اندلعت في 25 يناير ،2011 وانتهت بعد 18 يوما، عندما تنحى مبارك وسلم السلطة للجيش.
وكانت الاتهامات الموجهة لمبارك والعادلي وستة من مساعديه أقوى من ذلك وهي إصدار أوامر بقتل المتظاهرين، لكن القاضي قال إن الأدلة المقدمة لم تكن قوية لدرجة تشير إلى صدور تعليمات رسمية، ما أدى إلى تبرئة كبار مساعدي العادلي وهو ما أثار غضبا في الشارع المصري. ويخشى المصريون، الذين انطلقوا للشوارع احتجاجا على نظام مبارك، تبرئته لدى استئناف الحكم، غير أن كثيرين يقولون إن سجن مبارك بعث بالفعل برسالة قوية لأي شخص يحل محله في الرئاسة. وقال الأكاديمي والناشط سعد الدين ابراهيم، الذي سجن في عهد مبارك «هذه هي المرة الأولى التي يسجن فيها فرعون على أيدي أبناء شعبه».
وأضاف «هذه عدالة السماء، أن يلاحق الرجل الذي كان مصرا على تدميري، وإيداعه السجن نفسه الذي أودعته قبل 12 عاما».
وكان ابراهيم أمضى ثلاث سنوات في سجن طرة وحكم عليه في اتهامات مختلقة، يقول إنها نتاج لرغبة في الانتقام، بسبب مقال كتبه يؤكد فيه أن مبارك يعد ابنه جمال لخلافته، وكان ابراهيم من أوائل من تحدثوا علنا عن الخطة التي أصبحت معروفة للجميع من أجل «توريث السلطة».
وكان سجن طرة مصير المعارضين السياسيين بمختلف توجهاتهم، خلال حكم مبارك طوال 30 عاما، ومن بين هؤلاء عبدالمنعم أبوالفتوح الإسلامي المستقل الذي رشح نفسه في انتخابات الرئاسة.
ويقع سجن طرة على الأطراف الجنوبية للقاهرة ويخفيه عن الأنظار سور شاهق، وقال مسؤولون بالسجن إن سوزان أحضرت لزوجها ملابس رياضية زرقاء بدلا من ملابس السجن، بعد أن رفض ارتداءها، وذكر مصدر أمني أن جمال نقل أول من أمس، إلى غرفة بجوار غرفة والده بعد أن أصيب بحالة نفسية.
وقال نور الذي سجن في اتهامات بتزوير توكيلات لحزبه الذي أسسه بعد أن رشح نفسه في مواجهة مبارك في انتخابات رئاسية عام 2005 «هناك عيوب في الحكم»، لكن دخول مبارك السجن لايزال «لحظة تاريخية في تاريخ الأمة». وأضاف «لا أشعر بالفرح لهذا، لكن أشعر بأن عدالة الله تتحقق، رغم أن العدالة في مصر لم تكتمل بعد».