«العسكري» يحلّ «البرلمان» رســمياً.. و«الإخوان» تتهمه بـ «الاستحواذ» وتطـالب بـاستفتاء شعبي
أعلن رئيس المجلس العسكري الحاكم في مصر، المشير حسين طنطاوي، أمس، حل مجلس الشعب (البرلمان)، رسميا، تنفيذا لحكم المحكمة الدستورية العليا الصادر الخميس الماضي، والذي أكد ان المجلس «غير قائم بقوة القانون»، نظرا لعدم دستورية القانون الذي انتخب على أساسه، فيما أعلن حزب الحرية والعدالة المنبثق من جماعة الاخوان المسلمين رفضه قرار الحل، وطالب باجراء استفتاء شعبي، معتبرا ان «الارادة الشعبية لا تلغيها إلا إرادة الشعب نفسه». واتهم الحزب في بيان «المجلس العسكري بالرغبة في الاستحواذ على كل السلطات، رغما عن الارادة الشعبية»، في وقت بدأ الناخبون، أمس، انتخاب أول رئيس لهم منذ سقوط الرئيس السابق حسني مبارك، في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي انحصر الخيار فيها بين مرشح جماعة الاخوان المسلمين محمد مرسي وآخر رئيس وزراء في نظام مبارك، أحمد شفيق، والتي تستمر اليوم أيضاً، وتجري وسط احتقان سياسي بعد يومين من حل مجلس الشعب، وحذرت لجنة الانتخابات الرئاسية الناخبين من استخدام أقلام يختفي حبرها بعد دقائق ما يؤدي إلى بطلان الصوت، وأربكت «الورقة الدوارة» و«القلم السحري» المشهد الانتخابي، ودعا نشطاء إلى مقاطعة جولة الإعادة.
وتفصيلاً، قالت وكالة انباء الشرق الاوسط الرسمية، إن «الأمانة العامة لمجلس الشعب تلقت، السبت، قرار رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المشير حسين طنطاوي، الذي تضمن حكم المحكمة الدستورية العليا، واعتبار مجلس الشعب منحلا منذ (أول من أمس) الجمعة».
وأضافت الوكالة أن «حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية قانون مجلس الشعب دخل حيز التنفيذ، بعد ان نشر بالجريدة الرسمية (الخميس الماضي)، ويعمل بالحكم من اليوم التالي لنشره بالجريدة الرسمية». وأكدت الوكالة أنه «بدأ تنفيذ الحكم في ما يتعلق بحل مجلس الشعب، ومنع دخول النواب السابقين إلى المجلس إلا بتصريح وإخطار مسبق».
من ناحية اخرى، دُعي أكثر من 50 مليون ناخب للتصويت في 13 ألف مركز اقتراع فتحت أبوابها، أمس، الثامنة صباحاً، ونشر الجيش 150 الف جندي لتأمينها، حيث توافد الناخبون إلى مراكز الاقتراع للتصويت في جولة الإعادة من الانتخابات الرئاسية التي يتنافس فيها محمد مرسي وأحمد شفيق.
وتستمر جولة الإعادة لمدة يومين، فيما يؤمن الانتخابات نحو 150 ألف فرد من القوات المسلحة. وظهرت طوابير الناخبين أمام عدد كبير من المدارس التي تضم لجاناً انتخابية، قبل نحو ساعة من فتح باب التصويت.
وقد تم فتح المواصلات العامة مجاناً أمام المواطنين، وتخفيض تذكرة المواصلات المكيفة إلى النصف.
وتأتي جولة الإعادة بعد يومين من صدور حكمي المحكمة الدستورية العليا في مصر ببطلان انتخابات مجلس الشعب (البرلمان)، وبعدم دستورية ما يُعرف بقانون العزل السياسي الذي مكّن شفيق من الترشّح.
وبينما جاءت المشاركة متوسطة في يومها الاول في الريف وقرى الصعيد، كانت فوق المتوسطة في المدن وامتدت الطوابير لمئات الأمتار في مدن أخرى، خصوصا في القاهرة والجيزة والاسكندرية، وهي المحافظات الثلاث التي تحسم عادة نتيجة الانتخابات، إذ إن بها 15 مليون ناخب يشكلون أكثر من ربع الناخبين.
وأكد الناشط بحملة مرسي، عمرخيرالله، أن الحملة أبلغت قيادات حزب الحرية بضعف الإقبال، والتي قامت بدورها بتكليف نواب الحزب في البرلمان المنحل بالتحرك الفوري بين دوائرهم، لحث الناس على الخروج، وقال خيرالله ان هناك رسائل عبرالهاتف، قام النواب السابقون بإرسالها لأبناء دوائرهم للخروج والتصويت لمصلحة مرسي، مؤكدا ان نسبة التصويت بالاعادة ستفوق الجولة الاولى، وقال اننا تعلمنا من اخطاء الجولة الاولى، ونقوم بالاتصال الشخصي بالناخب وليس فقط عبر الدعاية في محل اقامته.
ورصدت «الإمارات اليوم» حالة من التوتر والغضب أمام معظم اللجان بين أنصار شفيق ومرسي، إضافة إلى انتشار الشائعات التي تأتي عبر رسائل المحمول، أو من خلال مجموعات تقوم بنشرها من خلال التجول أمام اللجان الانتخابية. واشتكى عدد من الناخبين وجود أسماء ذويهم المتوفين في كشوف الانتخابات.
وقالت الناخبة شيماء الوكيل إنها وجدت اسم شقيقها، الذي توفي في حادث بداية العام بكشف الانتخاب في لجنة ابن الأرقم بمدينة نصر، وأبلغت المستشار رئيس اللجنة، وأصرت على شطب الأسم أمامها، مشددة على أنها تصدق الكلام حول تزوير الانتخابات.
وكانت حملة مرسي قد تقدمت بشكوى إلى اللجنة العليا للانتخابات تضمنت وجود آلاف الأسماء لموتى في كشوف الناخبين، من بينها 900 اسم في محافظة الجيزة وحدها.
كما اثارت شائعة وجود القلم المزور الذي يختفي أثر حبره بعد خمس دقائق، الخلافات بين القضاة والمرشحين، حيث أصر القضاة على أن يسخدم الناخبون الأقلام التي وفرتها اللجنة العليا، بينما احضر الناخبون أقلامهم وأصروا على استخدامها.
وقال الناخب عبدالرحمن أبوالوفا، إن القاضي بلجنة عباس العقاد بمدينة نصر، قام بطرده بعد إصراره على التصويت بقلمه الخاص، وقال عبدالرحمن إن مئات الناخبين أحضروا أقلامهم، ونجح البعض منهم في استخدامها من دون علم القضاة، مشيرا إلى أن هناك حالة من اليقين بأن تزويرا موسعا يرتكب لمصلحة شفيق.
وكان رئيس اللجنة العليا للانتخابات المستشار فاروق سلطان، قد أكد أن اللجنة وفرت 50 ألف قلم للجان بعد علمها بضبط الأمن لشحنات أقلام صينية، يختفي حبرها بعد دقائق، وقال سلطان لـ«الإمارات اليوم»، إنه أصدر تعليماته بإلزام القضاة للناخبين في الـ14 ألف لجنة انتخابية بأقلام اللجنةالعليا منعا للشائعات.
وكانت لجنة الانتخابات الرئاسية حذرت الناخبين من استخدام أقلام يختفي حبرها بعد دقائق ما يؤدي إلى بطلان الصوت. وحذر عضو الأمانة العامة للجنة القضائية العُليا المشرفة على الانتخابات الرئاسية المستشار طارق شبل، في مقابلة مع فضائية «سي.بي.سي» المصرية، أمس، الناخبين من الحصول على أقلام حبر جاف من أشخاص يقفون أمام اللجان الانتخابية، يختفي حبرها بعد دقائق ويصبح الصوت في هذه الحالة باطلاً.
وأوضح شبل أن لجنة الانتخابات الرئاسية، أرسلت، أول من أمس، تحذيراً لكل القضاة في اللجان الفرعية على مستوى الجمهورية، ورسائل قصيرة للتنبيه بالأمر، مشيراً إلى أن كل لجنة مثبت بها أقلام خاصة للناخبين للإدلاء بأصواتهم.
وكان نشطاء مصريون حذروا، من خلال صفحات على موقعي التواصل الاجتماعي «فيس بوك» و«تويتر» من استخدام أقلام حبر خاصة تنتشر حالياً لمصلحة أحد المرشحين الرئاسيين، موضحين أن هذه الأقلام تحوي حبراً جافاً يتطاير بعد فترة من استخدامه. وفي عدد كبير من لجان القاهرة والمحافظات، ظهرت من جديد مشكلة الورقة الدوارة التي يقوم المواطن بتصويرها عند الإدلاء بصوته أو أخذ استمارة التصويت والخروج بها وإعادة تصوير أعداد كبيرة منها وتسويدها لمصلحة مرشح معين، ثم يتم وضعها في الصندوق عند الادلاء بالصوت، وشهدت لجنة مصطفى خليل في عابدين توتراً حاداً بين أنصار المرشحين، إثر اكتشاف الورقة الدوارة، إذ تم ضبط إحدى الناخبات وهي تخرج بها.
وأمام تعدد الشكوى في اللجان من الورقة الدوارة، قال رئيس لجنة حدائق القبة المستشار سمير مصطفى لـ«الإمارات اليوم»، إنه قام بختم جميع الأوراق بخاتمه الخاص، وسيقوم باستبعاد جميع الاوراق التي ليس عليها ختمه، مشدداً على أن بعض المستشارين يصر على ان يقوم الناخبون بالتصويت أمامه، كما يقوم آخرون بالتوقيع على الاستمارة قبل تسليمها للناخب.
وكان المستشار أشرف راجح، القاضي المشرف على اللجنة رقم 42 بمدرسة الشهيد نبيل طه قاسم الابتدائية بقرية الإعلام بمركز الفيوم، تحفظ على أحد أنصار أحمد شفيق، بعد ضبطه وهو يقوم بتصوير ورقة التصويت، وحرر محضرًا له وأحاله إلى النيابة المختصة، وفي المطرية حرر القاضي المشرف على اللجنة رقم 56 بمدرسة عزت باشا مذكرةً ضد أحد الناخبين، لقيامه بتصوير بطاقة إبداء الانتخاب بهاتفه المحمول عقب إدلائه بصوته.
وقالت غرفة عمليات متابعة الانتخابات بوزارة الداخلية، في بيان، إن أجهزة الأمن ألقت القبض على عدد من مثيري الشغب في منطقة «الأميرية» بالقاهرة، أثناء قيامهم بالاعتداء على قوات الشرطة، خلال إزالة الدعاية الانتخابية من أمام اللجان الانتخابية.
في السياق نفسه، ذكر التلفزيون المصري أن عناصر الأمن قامت بتوقيف مجموعة من مناصري المرشح للرئاسة محمد مرسي، على خلفية قيامهم بقطع طريق فرعي بمنطقة «الخصوص» شمال مدينة «شبرا الخيمة»، بعد أن تأكدوا من وجود «كثافة تصويتية لمصلحة المرشح للرئاسة أحمد شفيق في اللجان الانتخابية بالمنطقة».
ونقل التلفزيون عن الأمين العام للجنة القضائية العُليا للانتخابات الرئاسية المستشار حاتم بجاتو، قوله إن عناصر الجيش والشرطة أوقفت مجموعة من الأشخاص أمام اللجان الانتخابية، بمنطقة «سيدي جابر» بمحافظة الإسكندرية يقومون بتوزيع أقلام على الناخبين يزول حبرها بعد ساعات عدة.
وحث بجاتو الناخبين على التصويت باستخدام الأقلام، التي توفرها لجنة الانتخابات داخل اللجان الانتخابية.
وكانت وزارة الصحة والسكان المصرية أعلنت، في وقت سابق أمس، عن وقوع ثلاث إصابات بين الناخبين، خلال جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية. وقالت الوزارة في تقرير إن الإصابات وقعت بمحافظات القليوبية، وبني سويف، والبحيرة، موضحة أن المصابين يعانون «المغص الكُلوي»، وحالتهم مستقرة وتم نقلهم إلى المستشفيات القريبة لتلقي العلاج.
وقال المستشار فاروق سلطان إنه تلقى في تمام الساعة التاسعة والنصف ما يفيد بأن جميع اللجان الانتخابية، على مستوى الجمهورية، تؤدي عملها في استقبال الناخبين للادلاء بأصواتهم بنسبة 100٪.
وناشد المستشار سلطان الناخبين، ممن لهم حق التصويت في تلك الانتخابات، الحرص على التوجه إلى صناديق الاقتراع للادلاء بأصواتهم في اختيار رئيس جديد للبلاد، محذراً من أنه سيتم تفعيل حُكم القانون بتوقيع غرامة مالية قدرها مائة جنيه على من يتخلف عن أداء واجبه الانتخابي في الإدلاء بصوته في تلك الانتخابات. وأشار إلى أن عمليات فرز الأصوات سوف تجرى اعتباراً من مساء اليوم بداخل اللجان الفرعية بمعرفة القضاة ويتم إعلان النتيجة النهائية واسم الفائز برئاسة مصر في موعد غايته نهاية الأسبوع الحالي.
وكان نشطاء سياسيون قد دعوا، بوقت سابق، المواطنين على مقاطعة جولة الإعادة من انتخابات رئاسة الجمهورية.
ووزع نشطاء يُطلقون على انفسهم اسم «مبطلون» منشورات، وقاموا بلصق إعلانات على أبواب قطارات مترو الأنفاق بالمحطات الرئيسة (التحرير، شبرا الخيمة، الجيزة، الشهداء، حلوان، والمرج)، تدعو المواطنين إلى مقاطعة جولة الإعادة لانتخابات رئاسة الجمهورية التي بدأت أمس.