محتجون في ميدان التحرير ضد الإعلان الدستوري المكمل للمجلس العسكري. أ.ف.ب

مصر تنتظر إعلان اسم الرئيس اليـــوم

استمرت اجواء الشحن، أمس، بين المجلس العسكري الحاكم وجماعة الإخوان المسلمين، في الوقت الذي ينتظر فيه ملايين المصريين معرفة من الفائز في الانتخابات الرئاسية، المقرر اعلانه اليوم، وهل هو القيادي في جماعة الإخوان، محمد مرسي، أم آخر رئيس وزراء في عهد حسني مبارك، أحمد شفيق، فيما قد تحل حرب التصريحات بين المجلس و«الإخوان» عن طريق نقاشات تجري من وراء الكواليس بين الجانبين، وأمضى مئات المتظاهرين، الليلة قبل الماضية، معتصمين بميدان التحرير بقلب القاهرة للتنديد بما يعتبرونه «انقلاباً دستورياً» للمجلس العسكري، ونفى رئيس الوزراء، كمال الجنزوري، ما تردد عن هروب رجال أعمال.

وتفصيلاً، أعلنت اللجنة الانتخابية، أمس، أن نتيجة الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية ستعلن بعد ظهر اليوم من قبل رئيس اللجنة. واوضح أمين عام اللجنة، حاتم بجاتو، في بيان «سيعلن رئيس لجنة الانتخابات الرئاسية، المستشار فاروق سلطان، نتيجة جولة الإعادة (اليوم) الأحد الساعة 00:15 عصرا» بالتوقيت المحلي.

وامضى مئات المتظاهرين ومعظمهم من انصار جماعة «الاخوان» الليلة قبل الماضية معتصمين بميدان التحرير بقلب القاهرة لحين اعلان نتائج الانتخابات. واستبق المتظاهرون اعلان اللجنة هاتفين «مرسي مرسي، الله اكبر» وذلك بعد ان كان مرشح الجماعة اعلن فوزه بالرئاسة، فجر الاثنين الماضي، بناء على محاضر الفرز التي جمعتها حملته.

وغذى تأجيل موعد إعلان النتائج التكهنات بوجود مفاوضات سياسية بين الأطراف المؤثرة في الساحة السياسية، هي التي ستحسم النتيجة. وقالت مصادر لوكالة «فرانس برس» إنه بالتزامن مع التصعيد القائم بين المجلس العسكري الحاكم و«الاخوان» بشأن الاجراءات الاخيرة التي عززت سلطات المجلس، هناك مباحثات تجري بين الطرفين لحل الأزمة القائمة. غير ان اي جهة رسمية لم تؤكد وجود مثل هذه المفاوضات.

بينما قال مسؤولون كبار من الجانبين لـ«رويترز» إنهم عقدوا عدداً من الاجتماعات خلال الأسبوع المنصرم، بعد أن نزل محتجون إلى شوارع عدد من المحافظات المصرية احتجاجاً على خطوات اتخذها المجلس قبل وبعد الانتخابات الرئاسية. ويقول معارضون لهذه الخطوات انها تهدف إلى ترسيخ الحكم العسكري في البلاد.

وقال خيرت الشاطر، الذي يدير الأمور المالية والاستراتيجية في جماعة «الاخوان» لـ«رويترز» الخميس الماضي «اجتمعنا معهم لبحث كيفية الخروج من هذه الأزمة بعد أن تم حل البرلمان، وكانت هذه الاجتماعات في اطار رسمي، هناك مشكلة في الاعلان الدستوري المكمل الذي ينتزع من الرئيس الجديد كل صلاحياته وسلطاته، لكن المجلس العسكري يشعر بأنه صاحب السلطة ولم يصل بعد إلى مستوى النقاش والتسوية الحقيقية».

وأكد عضو المجلس، اللواء ممدوح شاهين، عقد مثل هذه الاجتماعات في الآونة الأخيرة، وكرر التزام المجلس بعملية التحول الديمقراطي، لكنه كرر ما ورد في بيان المجلس شديد اللهجة الصادر أول من أمس، الرافض لمطالب المحتجين بإلغاء الإعلان الدستوري المكمل الذي صدر في 17 يونيو، والذي يعزز من صلاحيات المجلس العسكري بعد انتخاب رئيس مدني. وقال شاهين لـ«رويترز» «الإعلان الدستوري المكمل هو سلطة مطلقة للمجلس العسكري».

وتأخر الاعلان عن نتيجة الانتخابات الرئاسية، وقال مسؤول كبير مطلع على العملية الانتخابية، غير أنه ليس عضوا في لجنة الانتخابات الرئاسية، إن التأخير سببه كثرة الطعون التي تنظرها اللجنة، وإنه يتيح أيضا مزيدا من الوقت للمحادثات الهادفة الخروج من الأزمة. وتابع لـ«رويترز» «هناك بالتأكيد عملية فرز الأصوات الرسمية قبل اعلان النتائج، لكن أيضاً لا ننسى أن هناك مناورات سياسية وراء الكواليس، كل طرف يزن قوة الآخر»، واستطرد «جماعة الاخوان المسلمين ممكن أن تأتي بمئات الآلاف من المؤيدين إلى الشارع، لكن الجيش لديه تفويض لضمان النظام».

والوصول إلى تسوية بين أكبر قوتين في مصر ليس سهلاً، ولكن خلال الـ16 شهراً الماضية تطور نوع من التعاون بين الطرفين، الأمر الذي أثار استياء كثيرين ممن لا يريدون لمصر أن تكون دولة عسكرية أو دينية. وقد تشير وتيرة الاتصالات هذا الأسبوع، رغم استمرار اللهجة الحادة بين الجانبين، إلى أن التعاون قد يستمر لشهور.

ويخشى كلا الجانبين سيطرة الجانب الآخر بالكامل ليس فقط في المؤسسات الحكومية، لكن أيضاً في القضاء وقطاع الأعمال وداخل الجيش ذاته، حيث يتعاطف بعض الضباط مع الإسلاميين. ويرى «الاخوان» أن «الدولة العميقة» مازالت كما هي من دون أن تتأثر بعد الإطاحة بمبارك. ويخشى المجلس العسكري من إقامة دولة دينية على غرار إيران.

وقال عضو آخر في المجلس العسكري سراً إنه وزملاءه يشعرون بالقلق أيضاً من أن تولي مدنيين غير ذوي خبرة السلطة قد يحرك البلاد في اتجاه خاطئ. وأحبط ذلك الشاطر الذي قال إن المجلس العسكري يجتمع مع «الإخوان» وآخرين ويقول ما يريده ويستمع قليلاً لما يقال، لكن في نهاية الأمر ينفذ ما يريده.

وقال المسؤول الكبير المطلع على العملية الانتخابية إن «القوات المسلحة ستكون في ورطة إذا تركت الفرصة لكتلة إسلامية تكسب أرضية في البلد، أي كتلة سياسية ستشكل تهديداً لوضع القوات المسلحة بالدولة».

وأضاف «هناك دور محدد لجماعة الاخوان المسلمين يجب ألا تتعداه في الفترة المقبلة».

وقالت جماعة «الاخوان» إنها ترفض الاعلان الدستوري المكمل وحل البرلمان، وعرضت التفاوض على أساس أنه إذ كانت مشكلة البرلمان تتعلق بثلث المقاعد الفردية فيمكن له أن يجتمع مع حل الثلث فقط.

وقال الشاطر إن هذا سيحل على الأقل 75٪ من المشكلات المرتبطة بالاعلان الدستوري المكمل الذي يمنح المجلس العسكري سلطة الاعتراض على كل شيء.

ولكن المجلس العسكري الذي يقول إنه لا يمكنه تجاهل حكم المحكمة يقاوم هذا العرض. وقال المسؤول الكبير إن اقتراح الاخوان المتعلق بالبرلمان مناورة ويعكس اتجاهاً غير مواقعي للنقاشات التي سيحافظ الجيش فيها على اليد العليا. وقال مسؤول عسكري كبير إن على الجميع أن يتذكر أن القوى السياسية المصرية مازالت في المرحلة الأولى من الديمقراطية، مضيفاً أن العديد من الأخطاء ارتُكب وهناك الكثير الذي يجب تعلمه.

من جانبه، أعلن رئيس مجلس الوزراء، كمال الجنزوري، أن حكومته ستنهي عملها في 30 يونيو الجاري، نافياً صحة ما تردد عن هروب رجال أعمال. وطالب الجنزوري، في مؤتمر صحافي عقب آخر اجتماع وزاري الوزراء في حكومته بإعداد وثيقة عمل تتضمن مقترحات ورؤية سيتم تقديمها إلى الحكومة المقبلة، كما طالب وسائل الإعلام بتحري الدقة عندما يتحدثون عن مصر، قائلاً إن مصر في حاجة للجميع.

كم أكد وزير الخارجية محمد عمرو، أول من أمس، على التزام المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتسليم السلطة إلى الرئيس المنتخب بحلول 30 يونيو الجاري، مشيرا إلى أن لجنة الانتخابات الرئاسية هي الجهة المعنية بالإعلان عن نتيجة الانتخابات، وأن قراراتها واجبة الاحترام أياً كان الفائز في الانتخابات. وأشار عمر إلى ضرورة احترام أحكام القضاء المصري باعتبار أن الشرعية الدستورية هي السبيل الأمثل للوصول إلى دولة ديمقراطية حقيقية. وأوضح أن أي تصريحات تصدر من جهات خارجية تتناول الشأن الداخلي المصري في هذا التوقيت الحساس في مسيرة الانتقال الديمقراطي هي تصريحات غير مفيدة، وتؤثر سلباً في سير هذه العملية، بل ويمكن تفسيرها باعتبارها تمثل تدخلاً غير مرغوب فيه في الشأن الداخلي المصري.

الأكثر مشاركة