دمشق تدفع بآلاف الجنود لاستعـادة حلب وتقصفها بالطائرات
دفعت القوات السورية النظامية بآلاف الجنود نحو مدينة حلب في الساعات المبكرة من صباح أمس، وأمرت طابوراً من العربات المصفحة بالتقدم الى المدينة، وقصفت بالمدفعية وطائرات الهليكوبتر مقاتلي المعارضة مع استمرار الاشتباكات العنيفة في تصعيد للهجوم على ثاني أكبر المدن السورية، بينما لازال حي الحجر الاسود في دمشق يتعرض للقصف من قوات النظام التي تحاول السيطرة عليه، في محاولة للقضاء على الانتفاضة المندلعة ضد نظام الرئيس السوري بشار الاسد منذ أكثر من 16 شهراً. في حين اغلقت تركيا معابرها الحدودية مع سورية «لأسباب امنية»، لكنها استمرت في إدخال اللاجئين السوريين.
وأكد ناشطون من المعارضة أن آلاف الجنود انسحبوا بدباباتهم وعرباتهم المدرعة من مرتفعات جبال الزاوية الاستراتيجية في محافظة إدلب القريبة من الحدود التركية واتجهوا صوب حلب.
وقال الناشط عبدالرحمن بكران، من المنطقة، ان مقاتلي المعارضة هاجموا مؤخرة القوات المنسحبة من المنطقة عند قريتي أورم الجوز والرامي قرب الطريق السريع الرابط بين حلب واللاذقية، وعند قرية إلى الغرب من طريق حلب دمشق السريع.
وذكر سكان في حلب ان طائرات الهليكوبتر حلقت فوق المدينة وأطلقت الصواريخ طوال أول من أمس.
كما يشتبك مقاتلو المعارضة مع القوات الحكومية عند بوابات المدينة التاريخية القديمة، فيما أطلقت القوات السورية قذائف المورتر على مقاتلي المعارضة المسلحين بالبنادق والاسلحة الآلية.
وقال مواطن يسكن قرب منطقة تعرضت للقصف وطلب الاشارة اليه باسمه الاول فقط عمر لـ«رويترز»، أمس، «سمعت على الاقل دوي إطلاق 20 صاروخاً أعتقد انها أطلقت من الهليكوبتر، وزخات كثيفة من نيران الرشاشات».
وأضاف «الكل تقريباً فر ذعرا حتى أسرتي، بقيت في محاولة لمنع اللصوص، سمعنا انهم يجيئون عادة بعد قصف المناطق».
وقال سكان إن الطائرات النفاثة حلقت أيضاً فوق المدينة، وأعقب ذلك أصوات عالية لكن تضاربت التقارير حول ما إذا كانت قد فتحت نيرانها.
وتدور اشتباكات عنيفة لليوم السادس على التوالي في احياء مدينة حلب بين مقاتلين معارضين والقوات السورية.
وقال المرصد السوري لحقوق الانسان إن حيي بستان القصر وصلاح الدين في مدينة حلب يشهدان «اشتباكات عنيفة» وان القوات النظامية «تستخدم الطائرات الحوامة» في قصف أحياء الصاخور وطريق الباب والشعار وقاضي عسكر وصلاح الدين. وشملت الاشتباكات أحياء سيف الدولة والميرديان والجميلية. وذكر المرصد ان مقاتلين معارضين «أحرقوا قسم الشرطة في حي الكلاسة في حلب». كما اشار الى «حركة نزوح» من حي السكري صباح أمس.
وأفاد ناشط في مدينة حلب رفض الكشف عن اسمه لـ«فرانس برس» ان حي صلاح الدين «تعرض فجرا (أمس) لحملة قصف عنيفة ما تسبب بإحراق بعض البيوت التي حاول عناصر الجيش الحر اطفاءها». واضاف ان القصف تسبب في «لجوء عدد كبير من الاهالي الى جامع بلال في الحي».
وأعلن ناشطون خلال الايام الماضية ان الجيش السوي الحر سيطر على أجزاء من أحياء عدة في حلب بينها صلاح الدين.
وفي دمشق، يتعرض حي الحجر الاسود في جنوب العاصمة للقصف من طائرات حوامة ورشاشات ثقيلة من القوات النظامية التي تحاول السيطرة على الحي.
ولم تدخل قوات النظام بعد حي الحجر الاسود في دمشق، بينما استعادت خلال الايام الماضية السيطرة على معظم أحياء العاصمة، باستثناء جيوب وأجزاء من أحياء لايزال يقاوم فيها المقاتلون المعارضون.
وبين هذه المناطق حي العسالي (جنوب) الذي شهد أمس اشتباكات، بحسب الهيئة العامة للثورة، بين الجيش الحر وقوات النظام «التي تحاول اقتحامه».
وأشارت الهيئة من جهة ثانية الى «نزوح عدد كبير من العائلات من بلدة التل في ريف دمشق بعد قصف عنيف تعرضت له بالدبابات والمدفعية».
وفي محافظة حمص (وسط)، ذكر المرصد ان القوات النظامية وبينها عناصر من المخابرات الجوية حاولت الليلة قبل الماضية اقتحام السجن المركزي «لإنهاء عصيان مستمر» منذ أيام، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى.
وقال الناشط أبوخالد الحموي، الموقوف في السجن على خلفية مشاركته في التظاهرات والحركة الاحتجاجية ضد النظام السوري في اتصال مع «فرانس برس» من داخل السجن، ان «التمرد بدأ على خلفية الصوم وبدء شهر رمضان». وأوضح ان المجلس الوطني السوري المعارض كان أعلن الجمعة بداية شهر الصوم، بينما أعلنته السلطات يوم السبت.
وأضاف ان «ما حصل ان السجناء صاموا الجمعة لكن إدارة السجن لم تغير مواعيد توزيع الوجبات ذاك اليوم الى سحور وإفطار فحصلت مشادات كبيرة أدت الى عصيان». وأوضح ان السجن يتألف من ثلاثة مبان تضم نحو 6000 سجين معظمهم من المعتقلين بتهمة المشاركة في التظاهرات، وعدد كبير منهم من حماة». وأكد ان «السجناء يسيطرون على السجن من الداخل»، مضيفاً «نحن الآن موجودون على سطح أحد المباني ونلقي الحجارة على قوات الامن والجيش والشرطة التي تحاصر السجن بالمدرعات وتطلق علينا قنابل الغاز المسيلة للدموع والرصاص وقذائف الهاون».
وذكر ان السلطات تقطع عن السجناء «الطعام والماء والكهرباء ونعيش على فتات الخبز اليابس».
إلى ذلك، أغلقت تركيا معابرها الحدودية مع سورية «لأسباب امنية». وأتت الخطوة التركية بعدما سيطر مقاتلون معارضون سوريون الاسبوع الماضي على بعض هذه المعابر من الجانب السوري.
وقال وزير الاقتصاد التركي ظافر كاغليان أمام وسائل الاعلام، ان «عبور حمولاتنا الثقيلة الى سورية بات مقفلاً»، مؤكداً ان دخول السيارات السورية لشراء الحاجات والعودة الى بلادها أو عبور الشاحنات القادمة من الخارج سيبقى متاحاً. وأكد أن القرار اتخذ «لضمان سلامة سائقي شاحناتنا». ويشمل القرار كل الاتراك الراغبين في دخول سورية، علماً بأن العبور من سورية الى تركيا لن يتأثر.
وقال مسؤول في وزارة الخارجية «اتخذنا هذا الإجراء لأسباب أمنية من اجل مواطنينا»، مضيفاً ان «إعادة فتح (المعابر) تتوقف على التطورات الميدانية». وأوضح المسؤول ان القرار يشمل المواطنين الاتراك. أما الاجانب الراغبون في العبور فسيترتب عليهم توقيع وثيقة تبلغهم بالمخاطر التي يواجهونها.
ويسيطر مقاتلون معارضون منذ الاسبوع الماضي على ثلاثة من المعابر السبعة من الجانب السوري، وهي معابر باب الهوى والسلامة وجرابلس.