الأعلام الأميركية تجارة مربحة في باكستان
سارع الباكستاني نافيد حيدر إلى انتهاز الفرصة لتحقيق مكاسب ضخمة: فقد طبع المئات من الأعلام الأميركية التي تهافت على شرائها مواطنوه كي يحرقونها بحماس هستيري في كل مرة.
ويقول وهو يفرك يديه سعيداً إن «التظاهرات تزايدت في الاسابيع الماضية»، احتجاجاً على الاساءة للإسلام، في مدينته روالبندي القريبة من العاصمة اسلام آباد شأنها شأن بقية مدن البلاد. ورغم انها ليست تظاهرات حاشدة فإنها كثيرة العدد ومعادية اساسا للولايات المتحدة.
ويضيف، الذي يدير مطبعة «بانافلكس» الواقعة في الطابق الاعلى لبناية قديمة، انه مع اعلان التعبئة ضد هذا الفيلم المسيء للاسلام المنتج في الولايات المتحدة «قلت لنفسي انني سأحقق مكاسب ضخمة».
ويترافق ازدهار سوق الأعلام الأميركية وايضاً الاسرائيلية مع تصاعد في النزعة المعادية لأميركا المرتبطة غالباً بمعاداة لليهود لوحظ في السنوات الاخيرة في بلد انهكته اعمال العنف (معارك مع طالبان، واعتداءات، وقصف جوي للطائرات بلا طيار الاميركية) التي تمزقه منذ ان شنت واشنطن حربها «ضد الارهاب» في المنطقة في نهاية عام .2001
وبلغت قوة هذه النزعة حداً جعل الولايات المتحدة، المتهمة بالوقوف وراء كل هذه الويلات وغيرها في هذا الوقت من الازمة الاقتصادية، تتفوق على الهند، العدو الاول التاريخي، لتصبح هي العدو رقم واحد في نظر الرأي العام الباكستاني كما يرى عدد من المراقبين.
ويقول نديم محمود شاه مازحاً «لم ابع علماً هندياً واحداً منذ وقت طويل»، وهو جالس في متجره لبيع لوازم الزواج في الممر الرئيس لبازار راوالبندي وقد ازدحم بالزبائن الراغبين في شراء الأعلام الاميركية.
ويبلغ سعر العلم الكبير (3 في 2 متر) المصنوع من القماش 1500 روبية، ما يمثل عشر الراتب الوسطي الباكستاني. ويكفل هذا السعر احتراق سريع للعلم وهو الهدف الرئيس للمتظاهرين، خصوصاً عندما تكون هناك الكثير من كاميرات التلفزيون.
ويقول عاصم (22 سنة) العامل في مطعم لثمار البحر في روالبندي، إن احراق العلم الاميركي اصبح نوعاً من الشعائر. ويؤكد انه قام يوم الجمعة الماضي بإحراق واحد خلال تظاهرة في اسلام آباد كان الرابع الذي يحرقه في شهر واحد.
ويضيف هذا الشاب الاسمر الكثيف الحاجبين وهو يحمل طبقين لاثنين من زبائن المطعم «إن ذلك يمنحني سعادة بالغة»، معتبراً انها «ليست جريمة وإنما مجرد وسيلة للتعبير كغيرها».
وخلافاً لعاصم فإن معظم الشباب من حارقي الاعلام ينتمون الى تنظيمات سياسية أو دينية. والجماعة الاسلامية، اول حزب ديني في البلاد، تقدم هي نفسها لأنصارها «الاعلام الاميركية والاسرائيلية حتى يتمكنوا من التعبير عن استيائهم»، كما يوضح سجاد عباس، احد كوادر هذا الحزب في اسلام آباد. ويوضح سجاد «لدينا اتفاقات مع مطابع نقوم نحن بتزويدها بالقماش. وهي وسيلة جيدة للمجموعات السياسية لاظهار فاعليتها بأقل كلفة ومع كل بادرة توتر سياسي في البلاد». وتقول جماعة الدعوة، وهي الفرع السياسي لجماعة عسكر طيبة المتطرفة المحظورة، إن لديها «فريقاً خاصاً» يعمل في صنع الاعلام الاميركية او الاسرائيلية في أوقات التظاهر. ويقول اصف خورشيد، احد مسؤولي الجماعة في اسلام آباد «هذا يكلفنا في النهاية ما بين 50 الى 60 روبية (40 الى 50 سنتا من اليورو) للقطعة الواحدة». وفي مجلس وحدة المسلمين، فإن الفرع الطلابي هو المكلف بتنسيق عملية صنع الأعلام مع عمال طباعة شركاء له. وبفخر يقول مظهر شيغري المتحدث باسم المجموعة في لاهور (شرق) «اننا نصنع 500 قطعة في الساعة». ولا تنوي «خلية العلم» في الجماعة الوقوف عند هذا الحد فهي تعد لضربة اعلامية كبرى: علم اميركي طوله 500 متر وعرض 60 مترا سيوضع قبل منتصف أكتوبر الجاري في شارع رئيس في لاهور. ويقول مظهر «ستتمكن كل السيارات والمارة من تحقيره بالسير والدوس عليه».