دعا إلى تأسيس «الولايات المتحدة الأوروبية» بديلاً
«منتدى الإعلام الأوروبـي الآسيـــوي»:الوحدة الأوروبية تتجه إلى التفكــــــــك
حذر المتحدثون في جلسة اليوم الثاني لمنتدى الإعلام الأوروبي الآسيوي الذي يعقد في العاصمة الكازخية أستانة، من أن الوحدة الأوروبية «ستتفكك لا محالة» ودعوا دول الاتحاد الأوروبي إلى أن تستعد لهذا التفكك للتقليل من حدة تبعات هذا التفكك والخروج منه بأقل الخسائر الممكنة.
وبحث المتحدثون في الجلسة التي حملت عنوان «أزمة منطقة اليورو» وناقشت التهديد الحقيقي للاتحاد الأوروبي ومستقبل الوحدة الأوروبية، سيناريوهات عدة لذلك التفكك وحذروا من اضطرابات سياسية واجتماعية إذا ما استمرت الأزمة الاوروبية في التعمق.
وطرح المتحدثون بدائل إذا ما تفككت الوحده الأوروبية، أبرزها تأسيس «الولايات المتحدة الأوروبية» على غرار وحدة الولايات المتحدة الأميركية كبديل أوروبي فيدرالي عن الوحدة الأوروبية.
وانتقد المتحدثون افتقار الوحدة الأوروبية للسياسيات النقدية والاقتصادية والمصرفية الموحدة، على الرغم من وجود عملة موحدة تجمعها وهي اليورو، وحذروا من احتمالات «انهيارات جديدة لبنوك أوروبية» أسوة بانهيار بنك «ليمان براذرز» إبان اندلاع الأزمة المالية العالمية في عامي 2007 و ،2008 إذا ما تواصل اشتداد أزمة الديون السيادية.
وافتتحت الجلسة، الإعلامية في قناة الـ«سي إن إن»، بيكي أندرسوم بالحديث عن التصدعات في الاقتصاد الأوروبي، وأن الاتحاد الاوروبي «لايزال يعيش حالة من الحمى»، فيما كشفت أيسلندا واليونان وللمرة الأولى عن عيوب في السوق الداخلية للاتحاد الأوروبي، فضلاً عن هشاشة البنية التحتية لأوروبا ذاتها.
وحاول المتحدثون تقييم المخاطر في الوحدة الأوروبية وتحديد الدروس المستفادة من الأزمة وتطرقوا إلى مستويات التنمية الاقتصاية المتفاوتة في بلدان منطقة اليورو، وتساءلوا عن حقيقة وجود انهيار في الوحدة الأوروبية؟
من جهته، قال نائب رئيس الوزراء اليوناني ثيدور بانغالوس، إن الاتحاد الأوروبي يواجه اليوم تحديات جمة، فيما تواجه دول أوروبية مثل إسبانيا وإيطاليا واليونان والبرتغال أزمات ديون سيادية كبيرة تهدد مستقبل اقتصاداتها.
وأضاف أن تلك الأزمات ظهرت واضحة في معدلات البطالة في أوروبا، التي وصلت إلى 25٪، فيما تجاوزت نسبة العاطلين عن العمل من الشباب الأوروبي بعمر 21 عاماً الـ50٪.
وأشار إلى أنها «المرة الأولى» التي تشهد فيها الوحدة الأوروبية أزمة من هذا النوع.
وأكد أن اليونان أفاقت على ديون «متراكمة كبيرة جداً» بعد أن اتجهت الحكومة اليونانية للاقتراض، وتراكم الدين العام في اليونان، وتساءل إن كان الأجدر باليونان أن تغادر الوحدة الأوروبية أم ينبغي الاستمرار في مساعدة اليونان «حتى تقف مجدداً على قدميها»، مقابل أن تقوم بإصلاحات هيكلية في أنظمتها المالية. وقال إن اليونان «تقدم درساً لبلدان اليورو بأنه عليها أن تنفق باعتدال ولا تنفق على ديون ضخمة».
وتساءل عمن يقود العالم اليوم؟ مضيفاً أن الولايات المتحدة هيمنت على العالم منذ عام حتى عام 2000 في حين تقود دول (البريكس) اليوم نمو الاقتصاد العالمي. وانتقد الوضع القائم، وقال إنه «للمرة الأولى في التاريخ يكون لدينا نحن الأوروبيين عملة موحدة، ولكننا على الرغم من ذلك نفتقر للسياسات الاقتصادية الموحدة».
بدوره قال الإعلامي في صحيفة «الفايننشال تايمز» غايدون راشمان، إنه «عند الحديث إلى رؤساء البنوك تلمس خشيتهم من السقوط كما سقطت بنوك كبرى عندما اندلعت الأزمة المالية العالمية في عام 2007».
وأضاف أن «المركزي الأوروبي توجه لشراء سندات البلدان الأوروبية المتعثرة وخصص صندوقاً للإنقاذ بنحو 600 مليار يورو»، مؤكداً أنه على الرغم من تلك الخطوات فإن «الأزمة تكمن في أن البلدان الأوروبية لا تعرف متى يمكنها أن تخرج من الأزمة الراهنة وإن كانت ستخرج؟ فاليونان على سبيل المثال ديونها في تزايد كبير».
وأوضح أن ألمانيا تدفع اليوم «فاتورة إنقاذ» الوحدة الأوروبية. وتساءل عما ستؤول إليه الأمور «فيما لو جاءت حكومة ألمانية جديدة في الانتخابات المقبلة ترفض تقديم شيكات على بياض للأوروبيين».
أما الصحافي الألماني والخبير في شؤون آسيا الوسطي غونتار نابي فشبه ألمانيا بالصين بالنسبة للأوروبيين. وقال إن ألمانيا تعد الاقتصاد الأكبر في أوروبا، «وهي الآلة التي تبقي أوروبا قادرة على المواصلة على الرغم من تلك الأزمات السيادية العميقة».
وأكد أن ألمانيا تبذل جهوداً كبيرة للإبقاء على الوحدة الأوروبية، مضيفاً أنه «ليس من الجيد لمستقبل أوروبا أن تكون ألمانيا فقط من تتحمل عبء الوحدة الاوروبية». وأشار إلى أن «أوروبا نمت عندما كانت ألمانيا لاتزال منقسمة شرقية وغربية بعد تاريخ النازيين الأسود». وأضاف أن الأوروبيين بحاجة للشعور بالانتماء إلى أوروبا، واصفاً ألمانيا بالدولة «الأكثر أوروبية في أوروبا».
وتساءل إن كان سيكون هناك وحدة أوروبية سياسية مستقبلاً، وإن كان سيقبل الفرنسيون بأن تملي عليهم دولة أوروبية أخرى كيف ينفقوا وأين ينفقوا أموالهم وجزم بأنهم «بالتأكيد لن يقبلوا بذلك». وأضاف أن الميزانية الفيدرالية في الولايات المتحدة تمثل 25٪ من إجمالي الناتج المحلي مقارنة بـ1٪ في أوروبا، داعياً إلى ضرورة تأسيس ميزانية فيدرالية في أوروبا.
من ناحية أخرى، تطرقت الجلسة إلى الحديث عن التعددية الثقافية وإن كان فشلها قد جاء كنتيجة مباشرة لحرب الحضارات، حيث وقعت أوروبا تحت الضغوط الاجتماعية المتزايدة جراء الهجرة من الشرق والجنوب والعالم الإسلامي والكتلة السوفييتية السابقة وإفريقيا، وبحث المشاركون في الجلسة في «التعددية الثقافية التي اعتمدتها دول كبريطانيا وألمانيا»، وتساءلت الجلسة عن كيفية «احتواء التوتر العنصري وتعصب القومية المتطرفة»، في حين بدأت سياسة التعددية الثقافية التي وضعتها معظم حكومات الدول المتقدمة بالانهيار، وإذا ما كان ازدياد تدفق الهجرة من البلدان الإسلامية يدل على فشل التعددية الثقافية كناقل لتنميتها واستشهدت الجلسة باعتراف المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل «بفشل سياسة التعددية الثقافية».
وأثار النقاش حماس الحضور وصفقوا لرئيس أول تلفزيون إسلامي روسي روستام أرفدفموف حين قال «إنه ينبغي على الدول التي استقبلت المهاجرين لعقود وعلى رأسهم الأتراك أن تدرك بأن هؤلاء الذين جاووا كعمال للعمل في البلدان الاوروبية لم يأتوا كعمال فقط وإنما حملوا معهم ديانتهم ولغتهم وعاداتهم وتقاليدهم الخاصة بهم»، داعياً إلى احترام العادات والقيم الإسلامية. واتفق المتحدثون على أن الجيل الثالث من أبناء المهاجرين اندمج في المجتمعات الأوروبية ولم يلق صعوبة في الاندماج أسوة بالجيل الأول.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news