6 قتلى بمواجهات بين «التبانة» وجبل محسن.. والمعارضة مصممة على إسقاط الحكومة

الجيش يشتبك مع مسلحين في بيروت ويتوعّد بالحزم

الجيش اللبناني دفع بتعزيزات واسعة لإعادة الأمن إلى شوارع بيروت. أ.ف.ب

اندلعت مواجهات عنيفة، أمس، في العاصمة اللبنانية بيروت، بين مسلحين والجيش اللبناني، الذي حذر من أن الأمن خط أحمر، وناشد القوى السياسية توخي الحذر في التعبير عن المواقف، متوعداً بالرد الحاسم على المخلين بالأمن، في حين وقعت اشتباكات في طرابلس كبرى مدن الشمال بين منطقتي جبل محسن ذات الأغلبية العلوية وباب التبانة ذات الأغلبية السنّية، ما تسبب في مقتل ستة اشخاص وإصابة 11 شخصاً، بينهم ثلاثة عناصر من الجيش الذي يعزز مواقعه في المناطق المتوترة. في وقت بقيت المعارضة على موقفها الداعي لإسقاط الحكومة متهمة اياها بالصمت عن مقتل قادة لبنانيين على ايدي النظام السوري، بعد يومين من اغتيال رئيس شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي اللواء وسام الحسن.

وشهدت بيروت، أمس، مواجهات بين الجيش اللبناني ومسلحين.

وسجل منذ صباح أمس، ظهور مسلح في عدد من مناطق غرب بيروت القريبة من الطريق الجديدة، معقل رئيس الوزراء السابق سعد الحريري، ابرز زعماء المعارضة، وقام مسلحون مقنعون بقطع عدد من الطرق بالعوائق وحاويات النفايات والحجارة، ومنعوا السيارات من المرور. وقال مصور لـ«فرانس برس» في بيروت، ان رجالا مسلحين يقدمون انفسهم كأنصار لـ«تيار المستقبل» الذي يتزعمه الحريري يقطعون الطرق بالاطارات وحاويات النفايات في مناطق قصقص والكولا وكورنيش المزرعة القريبة من الطريق الجديدة.

ويعمل الجيش على اعادة فتح الطرق وملاحقة المسلحين، إلا انه تعرض في منطقتي قصقص ومستديرة شاتيلا لإطلاق نار من اسلحة رشاشة فرد عليه بالرشاشات الثقيلة.

ونفذ الجيش عملية، الليلة قبل الماضية، ضد مسلحين في الطريق الجديدة. وسمعت على مدى اكثر من ساعة طلقات نارية كثيفة من اسلحة رشاشة وقذائف صاروخية لم يعرف تماما ما اذا كانت بين مجموعات مسلحة او نتيجة تدخل الجيش الذي تمكن من «ضبط الوضع».

وفي طرابلس كبرى مدن الشمال، استمرت الاشتباكات المتقطعة بين منطقتي جبل محسن وباب التبانة، ما تسبب في مقتل ستة اشخاص وإصابة 11 شخصا بجروح، بينهم ثلاثة عناصر من الجيش الذي يعزز مواقعه في المناطق المتوترة.

وقال مصدر أمني لـ«فرانس برس» إن الظهور المسلح والحوادث الامنية المتفرقة التي تحصل في عدد من المناطق السنية ناتجة عن «ردود فعل تقوم بها مجموعات تحظى بغطاء سياسي معين»، بعد مقتل وسام الحسن.

لكن قيادة الجيش أكدت «تمسكها بدورها في قمع الاخلال بالأمن وفي حفظ السلم الأهلي»، مشيرة الى ان «التطورات التي حصلت في الساعات الأخيرة اثبتت بلا شك أن الوطن يمر بلحظات مصيرية حرجة، وان نسبة الاحتقان في بعض المناطق ترتفع الى مستويات غير مسبوقة».

وشددت القيادة على ان «الأمن خط أحمر فعلاً لا قولاً»، داعية «المواطنين على تنوع انتماءاتهم الى التحلي بأعلى درجات المسؤولية الوطنية في هذا الظرف العصيب، وعدم ترك الانفعالات تتحكم بالوضع، والمبادرة الى اخلاء الشوارع وفتح الطرق التي لاتزال مقطوعة».

وقالت ان الجيش سيتخذ «تدابير حازمة، لاسيما في المناطق التي تشهد احتكاكات طائفية ومذهبية متصاعدة، وذلك منعا لتحويل لبنان مجددا الى ساحة لتصفية الحسابات الاقليمية». وتقع المناطق السنية التي تشهد توترا في بيروت على تماس مع مناطق اخرى شيعية، وقد شهدت هذه المناطق في 2008 مواجهات دامية بين انصار الحريري و«حزب الله».

ولم يعلق «حزب الله» خلال الساعات الماضية على التطورات الامنية ولا على مطالبة المعارضة للحكومة التي يشكل الحزب مع حلفائه اكثرية فيها، بالاستقالة.

وكان تشييع الحسن، أول من أمس، في وسط بيروت تحول الى تظاهرة شعبية صاخبة طالبت بإسقاط الحكومة، وانتهت بمحاولة متظاهرين اقتحام السراي الحكومي. وعلى الإثر وجه سعد الحريري نداء الى انصاره للانسحاب من الشوارع. وقال «لسنا طالبي عنف بل سلام، نريد ان تسقط الحكومة بطريقة سلمية، اطالب كل المناصرين والموجودين في الطرق بالانسحاب». إلا ان اعتصاما لشبان من كل احزاب قوى 14 آذار (المعارضة) لايزال قائما قرب السراي. وقد تم نصب خيم في المكان. كما نصبت خيمتا اعتصام على مقربة من منزل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، في طرابلس للمطالبة باستقالته.

إلى ذلك، شهدت بيروت تحركاً دبلوماسياً دولياً ركز على اهمية «استمرارية العمل الحكومي والمؤسسات»، من اجل حفظ الاستقرار في لبنان. واكد سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن وممثل الامين العام للامم المتحدة في لبنان ديريك بلامبلي بعد اجتماعهم، أمس، مع الرئيس ميشال سليمان، دعمهم للاستقرار واستمرار العمل الحكومي.

وقال بلامبلي في بيان تلاه باسم السفراء، ان على اللبنانيين ان يتفقوا على طريقة لتجاوز المرحلة الراهنة، على ان يتم ذلك «من خلال مسار سياسي سلمي، وتأكيد استمرارية المؤسسات والعمل الحكومي للمحافظة على الامن والاستقرار والعدل في لبنان».

وفي ردّ غير مباشر على الانطباع السائد بأن الدول الغربية غير متحمسة لاي تغيير حكومي في لبنان، اكد سعد الحريري تصميمه على الاستمرار في معركته.

وذكر بيان صدر عن مكتبه الإعلامي ان الحريري تلقى اتصالات هاتفية من وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، ووزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، والامين العام للامم المتحدة بان كي مون، الذين قدموا له التعازي في وفاة الحسن.

وقال البيان ان الحريري شدد خلال هذه الاتصالات «على ان الشعب اللبناني يقوم بتحرك مدني ديمقراطي سلمي لإسقاط حكومة الرئيس نجيب ميقاتي»، وان قوى 14 آذار «ستبقى مقاطعة للحكومة حتى رحيلها، لأنها نتاج المحور السوري الايراني، وتعمل لتحقيق مصالحه ونفوذه على حساب مصالح لبنان وشعبه وأمنه». وكان ميقاتي تلقى بدوره اتصالات من كلينتون وفابيوس.

وقال صحافي في المكان، ان الجيش تعرض لإطلاق نار من مسلحين خلال محاولته فتح طريق في منطقة قصقص تؤدي الى الطريق الجديدة، معقل سعد الحريري، ابرز زعماء المعارضة، كان قطعها مسلحون، ورد الجيش على النار بالمثل.

تويتر