الحركة الإسلامية المعارضة تحذر من «عصيان مدني»
احتجاجات وشغب في الأردن بعـــد قرار رفع أسعار المحروقات
يشهد الأردن منذ الليلة قبل الماضية، احتجاجات واعمال شغب شملت اعتداءات على مباني ومؤسسات حكومية ومراكز امنية، واوقعت اصابات، بعد قرار الحكومة رفع اسعار المحروقات في بلد قارب عجز موازنته خمسة مليارات دولار، فيما حذرت الحركة الاسلامية المعارضة من «عصيان مدني» في البلاد، بعد قرار الحكومة رفع اسعار المحروقات، وأعلنت مديرية الأمن العام أن محتجين حاولوا اقتحام مباني المحافظات في مدن الكرك والطفيلة ومعان جنوب البلاد، غير أن أجهزة الأمن تصدت لهم وأبعدتهم.
وقررت الحكومة الاردنية، أول من أمس، رفع اسعار المشتقات النفطية بنسب متفاوتة راوحت بين 10٪ و53٪ لمواجهة عجز الموازنة للعام الجاري في بلد يستورد معظم احتياجاته النفطية، ويعتمد اقتصاده على المساعدات الخارجية.
وبعد نحو ساعة من القرار، اعتصم نحو 2000 شخص في دوار الداخلية وسط عمان وهم يهتفون «اللي بيرفع بالاسعار بدو البلد تولع نار» و«يا نسور ارحل ارحل» في اشارة الى رئيس الوزراء عبدالله النسور.
واضطر رجال الامن الى استخدام الغاز المسيل للدموع لتفريق هؤلاء المعتصمين الذين اعتقلت قوات الامن 24 شخصاً منهم، بحسب مصدر أمني.
وسرعان ما امتدت الاحتجاجات واعمال الشغب الى مدن اردنية اخرى، مثل اربد والرمثا والمفرق (شمال) والكرك ومعان (جنوب)، بمشاركة آلاف الاشخاص قام بعضهم باغلاق الطرق باطارات مشتعلة والاعتداء على مباني ومؤسسات حكومية ومراكز امنية. واضطرت قوات الأمن الى استخدام الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريق المتظاهرين في عدد من المدن.
وقالت مديرية الأمن العام في بيان، إن اعمال الشغب الليلة الفائتة ادت الى اصابة 14 شخصاً، بينهم 10 من رجال الأمن بعيارات نارية، اثر اعتداء متظاهرين غاضبين على مراكز امنية في اربد، ومباني رسمية في السلط. واستخدمت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريق محتجين غاضبين قرب منزل رئيس الوزراء عبدالله النسور بمدينة السلط.
وتناقلت مواقع التواصل الاجتماعي و«يوتيوب» مقاطع فيديو تظهر إحراق صورة للعاهل الاردني الملك عبدالله الثاني في لواء ذيبان (جنوب)، وسط هتاف لعشرات الشبان «الشعب يريد اسقاط النظام».
واظهرت بعض المقاطع سيارات تابعة لدوائر رسمية محترقة في الرمثا والسلط.
وبموجب القرار الحكومي تم رفع سعر بيع اسطوانة الغاز المنزلي الى 10 دنانير (14 دولاراً) بدلاً من 6.5 دنانير (9 دولارات) وسعر ليتر بنزين 90 اوكتان الى 80 قرشاً (1.12 دولار) بدلاً من 71 قرشاً (دولار واحد). وقالت الحكومة انها ستقوم بتعويض الاسر التي لا يتجاوز دخلها السنوي 10 الاف دينار (نحو 14 الف دولار) بمبلغ 420 دينار سنويا (نحو 592 دولاراً).
ويأتي قرار رفع اسعار المشتقات النفطية قبل نحو شهرين من موعد الانتخابات النيابية المقررة في 23 يناير المقبل، والتي يأمل الاردن ان تشكل نقطة تحول سياسية تاريخية في المملكة.
ورأى نائب المراقب العام لجماعة الاخوان المسلمين في الاردن، زكي بني ارشيد، في تصريحات لوكالة «فرانس برس» ان قرار رفع الاسعار «شكل ضربة قاسية جدا للانتخابات التي باتت على كف عفريت».
وتقاطع الحركة الاسلامية الانتخابات المقبلة احتجاجاً على قانون الانتخاب، وتطالب بحكومات منتخبة، فيما ينص الدستور حالياً على ان يعين الملك رئيس الوزراء.
واعلنت نقابة المعلمين، أمس، في بيان اضراباً عاماً شمل قرابة 120 ألف معلم ومعلمة في مدارس المملكة رداً على «قرار الحكومة الجائر وغير المسؤول برفع الأسعار والاعتداء على جيوب المواطنين، وانتهاج سياسة افقار الشعب وتجويعه».
وقال عضو النقابة، حسن المومني، إن «نحو 50٪ من مدارس المملكة اي نحو 2000 مدرسة التزمت بالقرار».واضاف «إنه اضراب عام مفتوح لحين تراجع الحكومة عن قرار رفع الأسعار»، كما اعلنت نقابة المحامين التوقف عن المرافعات امام المحاكم.
وتستعد نقابات عمالية اخرى لاتخاذ خطوات مشابهة، فيما أعلن عدد من المجموعات الشبابية والحركة الاسلامية النية في تنظيم تظاهرات تصعيدية في مختلف مناطق المملكة.
واعتبر بني ارشيد أن «قرار رفع الاسعار مؤلم بلا شك، وتداعياته (ستكون) قاسية وحادة جداً»، مشيراً الى انها «ربما تتطور لحد الوصول الى عصيان مدني». وأكد ان «الاردن دخل في أزمة قاسية وحادة وصعبة جداً نتيجة غياب التفاهم والحوار الوطني والتوافق الوطني، وازمة الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة جميعها». الا انه رأى ان «هذه الأزمة قد تكون مفتاحاً او بوابة للعودة الى الحوار الوطني والاصلاحي، ومدخل ذلك تأجيل الانتخابات، والعودة الى التفاهم حول الحالة السياسية وقانون الانتخابات».
واعتبر بني ارشيد أن «الأزمة وضعت النظام السياسي في ممر اجباري: إما ان يصلح او سيدفع كلفة عالية، ربما تكون مفاجئة للجميع».
من جانبه، رأى الكاتب والمحلل السياسي، عريب الرنتاوي، مدير مركز القدس للدراسات السياسية، أن «رفع الاسعار سيلقي بظلال كئيبة وكثيفة على المشهد الانتخابي الاردني هذا إن جرت الانتخابات في موعدها المحدد»، مشيراً الى أن هناك «ثمة احتمالات لمفاجآت». وقال: «ما جدوى اجراء انتخابات إن كانت الحكومات لا تصغي لنبض الشارع، ولاحتياجات الناس ومعاناتهم». وأضاف «ما الحاجة الى الانتخابات إن لم يكن الشعب هو من يصنع حكوماته في نهاية المطاف، ويحاسبها ويحمّلها المسؤولية».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news