صافرات الإنذار تدوي في تل أبيب للمرة الأولى منذ 20 عاماً
سماع صوت صافرات الإنذار المرتفعة والمنخفضة التي تحذر من الغارات الجوية هو أمر شائع بالنسبة
للإسرائيليين في جنوب البلاد، لكن قبل اندلاع الصراع الأخير فإنه لم يسمع في تل أبيب منذ أكثر من 20 عاماً، حيث كانت آخر مرة خلال حرب الخليج عام 1991.
ويقول ايتان شوارتز، أحد كبار مستشاري عمدة تل أبيب رون هولداى، إن الصواريخ التي استهدفت تل أبيب، تلك المدينة الكبيرة الواقعة على البحر الأبيض المتوسط، يومي الخميس والجمعة وحتي أمس، كانت بمثابة «تصعيد خطير» في القتال بين إسرائيل والمسلحين الفلسطينيين في قطاع غزة، فهذه الصواريخ تجعل ما يقرب من نصف شعب إسرائيل البالغ عدده 7.9 ملايين نسمة في مرمى نيران تلك الصواريخ، وذلك في ظل حقيقة أن عدد سكان مدينة تل أبيب الكبرى يبلغ ثلاثة ملايين نسمة.
وعلى الرغم من أن وسط المدينة يقع على مسافة 60 كيلومتراً، أي أقل من قيادة السيارة لساعة واحدة من حدود غزة الشمالية، فإن تل أبيب غالبا ما يطلق عليها «فقاعة» الترفيه التي يعيش سكانها في طي النسيان، وذلك عند أخذ الصراع مع الفلسطينيين في الاعتبار، لكن هذه الفقاعة انفجرت، الخميس الماضي، عندما سمع صوت صافرات إنذار وانفجارات فوق تل أبيب.
ومنذ بدأ الفلسطينيون في إطلاق الصواريخ من غزة لأول مرة قبل 20 عاماً، فقد سقطت 13 ألف قذيفة في جنوب إسرائيل. وقد أنفقت الحكومة الإسرائيلية منذ ذلك الحين مئات الملايين من الدولارات لتحصين البيوت والمباني العامة هناك، وهو الأمر، جنبا إلى جنب مع نظام القبة الحديدية المضاد للصواريخ، الذي ساعد على إبقاء عدد الضحايا منخفضا نسبيا.
وتحتوي العديد من المنازل في جنوب إسرائيل على غرف آمنة ذات جدران خرسانية سميكة للغاية لا يمكن اختراقها ولها أبواب مصنوعة من الصلب الثقيل. وهناك قانون إسرائيلي يلزم المقاولين ببناء غرفة واحدة في كل شقة جديدة في جميع أنحاء البلاد، لكن معظم المباني في تل أبيب قديمة وليس بها هذه الغرف.
وعندما يسمع صوت صافرات الإنذار في المدينة فإن سكان المدينة يكون لديهم 90 ثانية، وهو الوقت الذي يستغرقه صاروخ يطلق من غزة ليصل إلى تل أبيب، للعثور على مكان يحتمون بداخله.
فسكان بلدة بئر السبع لديهم دقيقة واحدة، في حين أن سكان بلدة أسدود الساحلية في جنوب البلاد لديهم 45 ثانية، أما المجتمعات المتاخمة لغزة فلا تملك إلا 15 ثانية قبل وصول تلك الصواريخ. وفي يوم الجمعة، أخذت صافرات الإنذار ركاباً في محطة قطارات تل أبيب على حين غرة، حيث هرع العشرات الذين كانوا ينتظرون القطار على رصيف المحطة بالخارج إلى داخل مبنى المحطة مرة أخرى، وما هي إلا دقائق معدودة حتى أعلنت الإذاعة الداخلية للركاب أن المكان أصبح آمناً وأنه يمكنهم أن يعودوا إلى الرصيف.