اشتباكات في العاصمة.. وأنباء عن خطط طوارئ لانسحاب الأسد إلى معقله الأخير علــى ساحل المتوسط
المقاتلات السوريـة تقصـف مخيــــم اليرموك
قتل ثمانية أشخاص، أمس، جراء غارة جوية شنها الطيران الحربي السوري على مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في جنوب دمشق، فيما تتعرض مناطق في جنوب العاصمة السورية للقصف من القوات النظامية، في حين تدور اشتباكات مع مقاتلي الجيش الحر في عدد من المدن والبلدات المحيطة بدمشق.
في الأثناء ذكرت صحيفة صندي تايمز، البريطانية، أن الرئيس السوري بشار الأسد يضع خطط طوارئ للانسحاب من دمشق والتراجع إلى معقله الأخير على ساحل البحر الأبيض المتوسط، مع استمرار تآكل السلطة من بين يديه.
وتفصيلاً، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان «استشهد ثمانية مواطنين على الاقل إثر الغارة الجوية التي تعرض لها مخيم اليرموك بحسب نشطاء من المخيم»، مشيرا الى أن العدد مرشح للارتفاع، بسبب وجود جرحى بحالة خطرة.
وكان المرصد قال في وقت سابق «نفذت طائرة حربية غارة جوية على محيط مشفى الباسل وحي الجاعونة في مخيم اليرموك».
من جهتهم، قال سكان في المخيم لوكالة فرانس برس إن صاروخاً استهدف مسجد عبدالقادر الحسيني الذي يؤوي 600 نازح من احياء دمشق الجنوبية، مشيرين الى سقوط عدد كبير من الضحايا.
وأظهر شريط فيديو بثه المرصد على موقع «يوتيوب» الالكتروني حطاماً على طريق اسفلتية، بينما يهرع المصور وأشخاص آخرون الى المكان المستهدف وسط صيحات «الله اكبر» و«يا الله».
وفي ما يبدو أنه الباحة الخارجية للمسجد، يتجمع أشخاص حول عدد من الجثث الموزعة على الارض والدرج المؤدي الى المسجد نفسه.
وكان المرصد أفاد في وقت سابق بمقتل امرأة وفتاة جراء سقوط قذائف على المخيم.
وأشار المرصد إلى أن الغارة كانت واحدة من ست غارات شنها الطيران الحربي السوري على مناطق في جنوب دمشق، هي إضافة الى اليرموك، حيا الحجر الاسود والعسالي. وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن، في اتصال هاتفي مع «فرانس برس» إن القوات النظامية تشعر بحاجة الى تعزيز حملتها للقضاء على المقاتلين المعارضين في جنوب دمشق، ولا يمكنها محاربتهم من دون اللجوء الى قوتها الجوية. وأضاف «أما بالنسبة الى الفلسطينيين، فهم منقسمون، ويقاتلون الى جانب طرفي النزاع السوري المستمر منذ 21 شهراً».
من جهته دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس، امس، الى الوقف الفوري للقصف الذي تقوم به القوات السورية النظامية على مخيم اليرموك الفلسطيني .
وقال عباس في بيان بثته وكالة الانباء الفلسطينية الرسمية (وفا): «اننا نتابع بغاية القلق ما يجري في سورية من اقحام الشعب الفلسطيني والمخيمات الفلسطينية في الصراع الدائر المؤسف في سورية، حتى وصل الامر الى القصف الذي تعرض له مخيم اليرموك والذي سقط به عدد كبير من الشهداء والجرحى، وهو ما يجب ان يتوقف فورا».
وأضاف الرئيس الفلسطيني في بيانه «ندعو الاطراف المتصارعة في سورية الى تجنيب الشعب الفلسطيني ومخيماته في سورية ويلات هذه المعارك، كما ندعوهم الى عدم إقحام ابناء شعبنا ومخيماته في الصراع الداخلي فيها.. وندعو المجتمع الدولي ونطلب منه توفير الحماية لأهلنا وشعبنا الفلسطيني في سورية».
من جهة أخرى، قال مسؤولون أتراك ان طائرات حربية سورية قصفت بلدة اعزاز القريبة من الحدود التركية، أمس، فدمرت خمسة منازل على الاقل، الأمر الذي دفع مئات الاشخاص الى الهرب وأثار الذعر في مخيم للاجئين السوريين على الحدود داخل تركيا. من جهة أخرى، تتعرض مناطق في جنوب دمشق للقصف من القوات النظامية، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان. وقال المرصد في بيان إن حي العسالي في جنوب دمشق تعرض للقصف من قبل القوات النظامية، صباح أمس.
كذلك، أفاد المرصد بتعرض مدينة داريا جنوب غرب العاصمة للقصف من القوات النظامية، التي تحاول منذ مدة اقتحام هذه المدينة.
من جهتها، أفادت الهيئة العامة للثورة السورية عن تجدد القصف المدفعي العنيف على مدينة داريا في ريف دمشق، تزامناً مع تحليق الطيران الحربي «الميغ» في سماء المدينة. وأشار المرصد إلى تعرض مدينة حرستا شمال شرق دمشق والذيابية وعربين للقصف، متحدثاً عن اشتباكات في محيط حرستا وداريا.
في محافظة حلب، تدور اشتباكات بين مقاتلين معارضين ووحدات من القوات النظامية بالقرب من كلية المشاة في ريف المحافظة، إثر قدوم تعزيزات عسكرية الى المدرسة.
وقال نشطاء من المعارضة ان 25 شخصا على الأقل قتلوا أمس، عندما قصفت القوات السورية بلدة حلفاية بمحافظة حماة بالطائرات والمدفعية للمرة الأولى منذ فبراير.
وفي لندن ذكرت صحيفة صندي تايمز، أمس، أن الرئيس الأسد يضع خطط طوارئ للانسحاب من دمشق والتراجع إلى معقله الأخير على ساحل البحر الأبيض المتوسط، مع استمرار تآكل السلطة من بين يديه.
وقالت الصحيفة، نقلاً عن مصدر روسي لم تكشف عن هويته، إن «الرئيس الأسد، الذي ينتمي إلى أقلية علوية تعيش وسط أغلبية سنية، يعد لأسوأ احتمال قد يجبره على التخلي عن العاصمة دمشق، والقتال حتى آخر رصاصة في وطن منفصل بجبال العلويين».
وأضافت أن المصدر «التقى الأسد مرات عدة منذ تفجر الأحداث في سورية في مارس 2011، وشارك أيضاً بمحادثات مع مسؤولين أميركيين».
ونسبت الصحيفة إلى المصدر الروسي، قوله، إن «جيش الأسد قادر على القتال لمدة أشهر بمساعدة السكان المحليين المتعاطفين في جبال العلويين، ويعرف الأميركيون أن العلويين مدربون ومسلحون بشكل جيد، ولا يملكون أي خيار سوى القتال حتى النهاية».
وأضاف المصدر أن روسيا «لن تُرسل قوات برية إلى سورية لدعم أي من جانبي الصراع».
وقالت «صندي تايمز» إن «مصادر استخباراتية بمنطقة الشرق الأوسط ذكرت أن نظام الأسد نشر ما لا يقل عن سبعة ألوية من القوات الخاصة ومنصة واحدة لإطلاق الصواريخ بالمناطق العلوية مطلع الشهر الجاري، من بينها لواء مجهز بذخيرة كيميائية».
وأضافت نقلاً عن المصادر أن «روسيا التي لاتزال أهم داعمي نظام الأسد أقامت مركزاً لعمليات القيادة والسيطرة للاتصال بالضباط السوريين البارزين في مدينة طرطوس السورية الساحلية، التي تُعد المقر الرئيس الشتوي لأسطول البحر الأسود الروسي».
ونقلت الصحيفة عن المصدر الروسي، قوله إن «الروس يمارسون عمليات رصد استخباراتية ضخمة لتوفير الدعم لسلاح الجو السوري وللاستخبارات العسكرية السورية».
وأضاف المصدر أن «الأسد لن يتخلى أبداً عن معقله في الساحل السوري، وأبلغه أن مبارك (الرئيس المصري السابق) قد يكون رحل، غير أن مصر لاتزال باقية، لكن في حال ذهب هو فلن يبقى شيء من سورية».
وقالت «صندي تايمز» إن تقريراً غير مؤكد اقترح بأن نظام الأسد قد يكون نقل أفراداً من عائلته إلى مسقط رأسه بلدة القرداحة بحماية قوات خاصة موالية.
على صلة، يرى خبراء أن النظام السوري المتكتل حول الرئيس الاسد لايزال على الارجح متماسكاً وقادراً في الوقت الراهن على تكذيب التكهنات الغربية بقرب سقوطه، رغم نجاح المقاتلين المعارضين في تنفيذ هجمات في قلب دمشق، وسيطرتهم على أجزاء واسعة من سورية.
ويعتبر هؤلاء أن التصريحات الغربية الاخيرة عن وصول النظام الى أيامه الاخيرة، والتصريح الروسي المفاجئ عن احتمال انتصار المعارضة على الارض، دلائل على ان هذه الاخيرة تعزز مواقعها، لكنهم يرون أن سقوط الاول يتطلب أكثر من هذه الضربات الصغيرة.
ويقول الباحث في المعهد الجيوسياسي الاسباني والخبير في شؤون الشرق الاوسط براء ميخائيل، إن النظام السوري لا يمكن أن يسقط إلا بانقلاب أو تدخل خارجي أو من خلال زيادة هائلة في الدعم اللوجستي الذي تقدمه الدول الاجنبية للمقاتلين المعارضين في سورية. ويضيف أن ثمة «تصريحات دبلوماسية قوية، لكن لا يجدر تقديرها بأكثر مما هي عليه، لان النظام لايزال يحافظ على الهيكلية العسكرية والمؤسساتية رغم انه يفاجأ في بعض الاحيان بهجمات من المقاتلين المعارضين، كالتفجير الاخير في غرب دمشق، الذي أدى إلى إصابة وزير الداخلية السوري محمد الشعار».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news