دمشق تنتقد الطلب.. وبيلاي تؤكد ارتكاب جرائم حرب
5 دول في مجلس الأمن تؤيد إحالة الملف السوري إلى «المحكمة الجنائية»
أعربت خمس دول في مجلس الأمن الدولي عن تأييدها لطلب سويسرا إحالة الوضع في سورية إلى المحكمة الجنائية الدولية، وفيما انتقدت دمشق طلب احالة الملف السوري الى «الجنائية»، متهمة بعض الدول الموقعة على العريضة المرفوعة الى المجلس بدعم المعارضة، أعربت المفوضة السامية لحقوق الإنسان، نافي بيلاي، عن قناعتها الراسخة بأن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ارتكبت وترتكب في سورية ويجب التحقيق فيها.
وأصدرت فرنسا وبريطانيا وأستراليا ولوكسمبورغ وكوريا الجنوبية بياناً أكدت فيه تأييدها للخطاب الذي قدمته سويسرا إلى مجلس الأمن الدولي نيابة عن 58 دولة، وطالبت فيه بإحالة الوضع في سورية إلى المحكمة الجنائية الدولية.
ولدى قراءته البيان نيابة عن تلك الدول الخمس الأعضاء في المجلس، قال السفير البريطاني لدى الأمم المتحدة مارك لايل غرانت: «ندعم بشكل كامل المبادرة السويسرية، وسنبقى في طليعة المجتمع الدولي في المطالبة بإحالة الوضع في سورية إلى المحكمة الجنائية الدولية، ولضمان مساءلة جميع مرتكبي بعض أخطر الجرائم الدولية في سورية من دون استثناء».
وأضاف «نأمل أن تنضم الدول الأخرى لتلك المبادرة، وندعم بشكل كامل الدعوة التي أطلقتها لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة لإجراء تحقيقات شاملة في انتهاكات حقوق الإنسان، ومن المهم توثيق تلك الفظائع من أجل المقاضاة في المستقبل».
وأكدت الدول الخمس التزامها بدعم التحول السلمي في سورية، ودعت النظام السوري إلى وضع حد فوري لجميع انتهاكات حقوق الإنسان والهجمات ضد المدنيين.
كما دعت جميع الأطراف إلى إنهاء العنف والسعي لعملية تحول سياسي حقيقية تلبي التطلعات المشروعة للشعب السوري.
وأعرب غرانت، نيابة عن الدول الخمس، عن الأسف البالغ لأن المجلس ليس في وضع يسمح بإحالة الوضع في سورية إلى المحكمة الجنائية الدولية، لكنه أكد مواصلة فعل كل ما يمكن لتعزيز تلك الدعوة للمساءلة.
وكان مجلس الأمن الدولي عقد جلسة مشاورات مغلقة حول سورية، استمع خلالها إلى إفادتين من المفوضة السامية لحقوق الإنسان، نافي بيلاي، ومن وكيلة الأمين العام للشؤون الإنسانية، فاليري آموس، حول الأوضاع في البلاد.
وأعلن رئيس مجلس الأمن السفير الباكستاني، مسعود خان، عن وجود انقسام حول إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وقال خان، الذي تترأس بلاده مجلس الأمن هذا الشهر، ان المجلس شهد مناقشات موسعة في جلسته المغلقة حول القضايا الإنسانية وقضايا حقوق الإنسان في سورية.
وأشار إلى أن الدول الأعضاء أعربوا عن القلق، وسلطوا الضوء على ضرورة القيام بعمل إزاء الأزمة.
وأضاف في حديث إلى الصحافيين «تطرقنا إلى القضايا السياسية، وساد شعور لدى الجميع بأن الدبلوماسية يجب أن تنجح، وأنه يجب أن يكون هناك انخراط من قبل المجلس، وأن يواصل مراقبة الوضع».
وأعربت وكيلة الأمين العام للشؤون الإنسانية، فاليري آموس، عن قلقها بسبب تزايد العنف والاغتصاب في سورية. وفي إفادتها أمام أعضاء مجلس الأمن ، ركزت آموس على الطبيعة الوحشية والعشوائية لأعمال العنف، والمستويات المتزايدة للعنف الجنسي.
كما تحدثت آموس عن ظروف الشتاء القاسية، وقالت للصحافيين بعد المشاورات المغلقة بالمجلس: «هناك الآلاف الذين يقيمون في الخلاء في خيم لا يستطيعون الوصول إلى الغذاء أو المساعدة الطبية». وأضافت «أشعر بالقلق لأن أربعة ملايين شخص بالبلاد يحتاجون إلى المساعدة، من بينهم مليونا مشرد داخلي، وهناك 650 ألف لاجئ في الدول المجاورة وشمال إفريقيا وأوروبا، كما أن 400 ألف من 500 ألف لاجئ فلسطيني في سورية تضرروا من الوضع، ويحتاجون إلى المساعدات».
من جهتها، أعربت بيلاي عن قناعتها الراسخة بأن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ارتكبت وترتكب في سورية، ويجب التحقيق فيها. وفي لقائها بالصحافيين عقب الجلسة، قالت بيلاي إنها أحاطت المجلس حول التطورات منذ أغسطس 2011 وحتى الثالث عشر من الشهر الجاري.
وأضافت «لقد أبلغت مجلس الأمن أن عدد الوفيات في هذا الصراع العنيف قد بلغ الآن 60 ألفاً، وأن الصراع نفسه قد تغير من حيث طبيعته منذ أغسطس من عام 2011، عندما كانت وقتها قوى الأمن التابعة للدولة تتعامل مع المتظاهرين السلميين، بمعدل وفيات بلغ 2000».
وذكرت ان المعدل الشهري للوفيات قد زاد بشكل كبير، فقد كان يقدر بـ1000 شهرياً، وأصبح الآن 5000 كل شهر.
وأشارت المفوضة السامية إلى انها حثت مجلس الأمن على إحالة الوضع السوري للمحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في وقوع جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية من قبل جميع الأطراف المنخرطة في هذا الصراع.
ورداً على سؤال عما تأمل تحقيقه على صعيد إحالة الوضع السوري للمحكمة الجنائية الدولية، خصوصاً أنها كان قد سبق لها أن تقدمت بالطلب نفسه إلى مجلس الأمن الدولي في يوليو الماضي، قالت بيلاي: «أبلغت مجلس الأمن الدولي أنني كمفوضة سامية لحقوق الإنسان، فإن جزءاً من التفويض المخول لي هو لفت الانتباه إلى الكيفية التي يرى بها الضحايا الوضع، ومن المؤكد أنهم يرون الوضع على ان الأمم المتحدة لا تقوم بمسؤوليتها في حماية الضحايا». وأكدت أنها ستواصل الدعوة لإحالة الوضع للمحكمة الجنائية الدولية، لأن الأمم المتحدة لا تدعم الإفلات من العقاب عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وارتكاب جرائم خطيرة، مثل الجرائم ضد الإنسانية. وأوضحت أن سورية ليست من الدول الموقعة على ميثاق روما الأساسي، ومن ثم لا تخضع لاختصاص المحكمة الجنائية الدولية، وأن الطريقة الوحيدة لإحالة الوضع إلى المحكمة لا تكون إلاّ عن طريق مجلس الأمن.
وأعربت بيلاي عن القلق لأرقام ضحايا الصراع في سورية، وعن إيمانها بقدرة المجلس على التصدي له، مؤكدة أنها ستواصل حث المجلس على تبني موقف لحل الأزمة. ومضت قائلة: «أحطت مجلس الأمن علماً بأنه بناءً على المعلومات التي تلقيتها، والتي جمعتها لجنة التحقيق فإنني أعتقد بشكل راسخ أن جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية قد تم ارتكابها، وترتكب، ويجب التحقيق فيها».
من جهتها، انتقدت دمشق في رسالة بعثت بها الى رئيس مجلس الامن الدولي الطلب الذي تقدمت به 58 دولة من اجل احالة النزاع السوري الى المحكمة الجنائية، متهمة بعض الدول الموقعة على العريضة المرفوعة الى مجلس الامن بدعم المجموعات المسلحة في سورية.
وجاء في نص الرسالة التي وجهتها وزارة الخارجية السورية، ونشرتها وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا)، أن «الحكومة السورية تأسف لاصرار تلك الدول على انتهاج مقاربة خاطئة ترفض الاعتراف بواجب الدولة السورية في حماية شعبها من الارهاب المفروض عليها من الخارج».
ولفتت الوزارة الى انه «لم يعد خافياً على احد التمويل والتدريب والايواء الذي تتلقاه المجموعات المسلحة من دول بعينها، بعضها وقع على الرسالة المشتركة، والذي تتم تغطيته بحملات سياسية واعلامية تسعى لحماية جرائم تلك المجموعات المسلحة، والاساءة للدولة السورية واتهامها بتلك الجرائم». وعبرت الخارجية السورية عن الاسف لان «تقوم سويسرا الدولة المودعة للاتفاقات الاساسية في القانون الدولي الانساني، والمعروفة سابقاً بحياديتها وموضوعيتها بقيادة هذه الحملة الظالمة والمضللة ضد بلد عضو في الأمم المتحدة».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news