روسيا: الأسد ارتكب «خطأ فادحاً قد يكون قاضياَ»
أعلن رئيس الوزراء الروسي، ديمتري مدفيديف، أمس، أن الرئيس السوري، بشار الأسد، تأخر كثيراً في تطبيق الإصلاحات السياسية، معتبراً أن ذلك كان «خطأ فادحاً قد يكون قاضياً». وفيما تزامنت الاشتباكات العنيفة مع قصف من القوات النظامية في الأحياء الجنوبية لدمشق، شن الطيران الحربي السوري غارات على مناطق في محيطها، وفي حين قرر القضاء وقف ملاحقة الشخصيات المعارضة المشاركة في الحوار، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان أن النزاع المستمر منذ 22 شهراً أدى إلى مقتل اكثر من 50 ألف شخص، بينهم نحو 35 ألف مدني.
وتفصيلاً، قال مدفيديف بحسب ما أوردت وكالات الأنباء الروسية أنه «كان عليه (الأسد) التحرك بسرعة اكبر، ودعوة المعارضة السلمية، التي كانت مستعدة للجلوس إلى طاولة المفاوضات معه. إنه خطأ فادح قد يكون قاضياً».
واضاف مدفيديف «يبدو لي أن فرصه في البقاء (في الحكم) تتضاءل يوماً بعد يوم»، كما صرح في حديث أدلى به لشبكة «سي.إن.إن» على هامش منتدى دافوس في سويسرا، ونشرته وكالات الأنباء الروسية.
وأكد رئيس الوزراء الروسي موقف بلاده المتمثل في أن الشعب السوري هو الوحيد الذي يحق له أن يقرر مصير الأسد الذي يطالبه الغربيون بالرحيل.
وقال مدفيديف «اكرر من جديد: الشعب السوري هو الذي يقرر، وليس روسيا او الولايات المتحدة أو أي بلد آخر».
ميدانياً، قال المرصد في بيان « يتعرض حيا القدم والعسالي بمدينة دمشق للقصف من قبل القوات النظامية»، ترافقه اشتباكات عنيفة منذ ساعات عدة في منطقة بورسعيد في حي القدم.
وأوضح أن الاشتباكات امتدت إلى محطة القدم للقطارات، وأن حدة المعارك دفعت إلى اغلاق طريق دمشق ـ درعا الدولي، القريب من المناطق التي تشهد اشتباكات وقصفاً.
من جهتها، أفادت الهيئة العامة للثورة السورية بسقوط جرحى في القصف العنيف بالمدفعية الثقيلة وقذائف الهاون، الذي يستهدف خصوصاً جورة الشريباتي في العسالي. واشار المرصد إلى سقوط قذائف على حي الميدان، من دون ورود معلومات عن سقوط ضحايا.
في ريف دمشق، شنت مقاتلات حربية سورية غارات عدة، أمس، على بلدات في الغوطة الشرقية، لاسيما منها شبعا التي تشهد أطرافها اشتباكات بين مقاتلين من الكتائب المقاتلة والقوات النظامية منذ أسابيع.
ويشهد محيط دمشق في الفترة الماضية عمليات عسكرية واسعة للسيطرة على معاقل للمقاتلين المعارضين يتخذونها قواعد خلفية في هجماتهم تجاه العاصمة.
في داريا التي يحاول النظام فرض كامل سيطرته عليها، تدور اشتباكات يرافقها قصف عنيف على المدينة التي استقدمت تعزيزات اضافية اليها، بحسب المرصد. وافادت الهيئة العامة بأن القصف مصدره مطار المزة العسكري وجبال المعضمية «مقرّا الفرقة الرابعة»، وهي ابرز فرق النخبة، ويقودها العقيد ماهر الأسد شقيق الرئيس السوري.
وأفادت صحيفة الوطن السورية المقربة من نظام الرئيس بشار الأسد بأن الجيش فرض سيطرته على كامل أطراف المدينة وصولاً إلى معضمية الشام التي لايزال يتحصن فيها عدد من المسلحين. وأوضحت أن «عدداً من متزعمي جبهة النصرة (الإسلامية) عرضوا الاستسلام لعناصر الجيش السوري فكان الرد: تأخرتم، كان عليكم القبول بذلك حين عرضناه عليكم»، مشيرة إلى أن القوات النظامية دمرت ثلاثة أنفاق كان يستخدمها المقاتلون في داريا لتلقي الدعم البشري والمادي والعسكري.
وأدت أعمال العنف، أول من امس، إلى مقتل 127 شخصاً، بحسب المرصد الذي اعلن أن عدد ضحايا النزاع المستمر منذ 22 شهراً، تخطى 50 ألف شخص.
وقال مدير المرصد، رامي عبدالرحمن، في اتصال هاتفي مع وكالة «فرانس برس»، إن 50 ألفاً وتسعة اشخاص قتلوا منذ منتصف مارس 2011، تاريخ اندلاع الاحتجاجات المطالبة بسقوط نظام بشار الأسد.
وأوضح عبدالرحمن أن من بين القتلى 34 ألفاً و942 مدنياً. ويدرج المرصد بين المدنيين، اولئك الذين حملوا السلاح ضد القوات النظامية، والذين بلغ عددهم اكثر من 8000 شهيد، بحسب ما افاد عبدالرحمن.
وتشمل الحصيلة 1619 مقاتلاً منشقاً عن الجيش السوري النظامي، اضافة إلى 12 ألفاً و283 عنصراً من القوات النظامية.
ومن بين القتلى أيضاً 1165 شخصاً مجهولو الهوية، بحسب المرصد. وأحصى المرصد كذلك سقوط 3679 طفلاً وطفلة دون سن الـ18، اضافة إلى 2120 سيدة. واشار عبدالرحمن إلى أن هذه الأرقام لا تشمل آلاف المفقودين داخل المعتقلات، او الشبيحة (وهم افراد ميليشيات موالية للنظام)، او مئات المقاتلين الأجانب الذين يعلن عن مقتلهم في بلدانهم، ولا تشمل المخبرين أو أسرى القوات النظامية.
في الأثناء، قرر مجلس القضاء الأعلى في سورية، أمس، وقف ملاحقة كل الشخصيات المعارضة التي ستشارك في الحوار الذي دعا اليه الأسد، على أن تحدد هذه الشخصيات من قبل الحكومة، بحسب ما أفادت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) .
وقالت الوكالة «قرر مجلس القضاء الأعلى وقف العمل بكل الملاحقات القضائية حال وجودها بحق أي من القوى والشخصيات السياسية المعارضة المشاركة في الحوار الوطني».
وأشار المجلس فى قراره إلى أن القوى والشخصيات المعارضة يتم تحديدها من قبل الحكومة، أو فريق العمل الوزاري المكلف تنفيذ المرحلة التحضيرية من البرنامج السياسي لحل الأزمة في سورية.
ويأتي القرار القضائي بعد اعلان وزارة الداخلية انها ستسمح لجميع القوى السورية المعارضة خارج القطر، التي ترغب في المشاركة في الحوار الوطني، بالدخول إلى سورية.
على صعيد آخر، وصل نحو 11 ألف لاجئ سوري جديد إلى الأردن خلال الأيام الثلاثة الماضية، حسبما اعلن مصدر مسؤول في القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية.
وقال المصدر في تصريحات أوردتها وكالة الأنباء الأردنية الرسمية (بترا)، إن عدد اللاجئين الذين عبروا من خلال قوات حرس الحدود ومن نقاط حدودية عدة خلال 48 ساعة الماضية، بلغ 7047 لاجئاً، وخلال الأيام الثلاثة الماضية بلغ عددهم 10979 لاجئاً من مختلف الفئات العمرية، بينهم العديد من المصابين والجرحى والمرضى.
وأوضح أن العديد من هؤلاء اللاجئين بدأوا يدخلون من مناطق غير معدة ومجهزة لاستقبالهم، وتتسم بالوعورة الشديدة والانحدار، ولا تسمح طبيعتها الجغرافية بحركة مختلف انواع الآليات.