البرادعي يدعو إلى اجتماع عاجل مع السلطة.. وألمانيا تربط مساعدتها بمدى التقدم الديمقراطي
مشاورات سياسية في القاهرة لتسوية تُـنهي العنف
تشهد القاهرة مشاورات سياسية مكثفة، للخروج من الأزمة السياسية، المصحوبة بمواجهات دامية تعصف بالبلاد منذ أيام عدة، فيما دعا اثنان من قيادات جبهة الإنقاذ الوطني إلى تسوية سياسية تكفل وقف العنف، الذي أوقع، أمس، قتيلين جديدين في القاهرة، وقال الرئيس المصري، محمد مرسي، خلال زيارته لبرلين، إن مصر ستستند إلى حكم القانون وليس الجيش ولا رجال الدين، وإن البرلمان الجديد الذي سينتخب بعد بضعة أشهر هو الذي سيقرر التشكيل الحكومي، بينما ربطت ألمانيا مساعدتها لمصر بالتقدم الديمقراطي في هذا البلد، واندلعت اشتباكات عنيفة وسط القاهرة، بين قوات الأمن ومتظاهرين يطالبون بإسقاط النظام، قتل خلالها اثنان، فيما أُقيم رابع جدار خرساني للفصل بين الجانبين.
وتفصيلاً، عقد قادة جبهة الإنقاذ الوطني (ائتلاف المعارضة الرئيس) اجتماعاً مع قيادات حزب النور، اكبر الأحزاب السلفية، لبحث مبادرة طرحها الأخير، الليلة قبل الماضية، لتسوية الأزمة ولاقت ترحيباً من عدد من مسؤولي جبهة الإنقاذ.
وقال رئيس حزب الوفد (عضو جبهة الإنقاذ)، السيد البدوي، في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس حزب النور، يونس مخيون، بعد الاجتماع، ان «هناك ارضية مشتركة» حول النقاط التي تمت مناقشتها، وهي «تشكيل حكومة وحدة وطنية» و«تشكيل لجنة لتعديل الدستور» و«تعيين نائب عام جديد» وتشكيل «لجنة تحقيق قضائية» في الأحداث الأخيرة.
وأضاف «اتفق الجميع على أن فصيلاً واحداً لا يستطيع أن يقود البلاد منفرداً، وأن ما تمر به البلاد يحتاج إلى تضافر كل القوى على الساحة السياسية» وعلى «إدانة بكل قوة أي شكل من أشكال العنف أو الاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة مع التأكيد على حق الاحتجاج والتظاهر السلمي». واوضح انه تم كذلك «الاتفاق على مدونة للسلوك السياسي بين الأطراف جميعاً لإيقاف الحروب الكلامية التي تسيء للجميع».
من جهته، أكد رئيس حزب النور أن الاجتماع كان «إيجابياً وبداية طيبة» وإن حزبه «سيعرض على الأحزاب الأخرى ما تم التوصل اليه».
وقبيل بدء هذا الاجتماع، دعا قياديا جبهة الإنقاذ محمد البرادعي وعمرو موسى إلى حوار وطني.
وكتب البرادعي في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، إننا «نحتاج فورا لاجتماع بين الرئيس ووزيري الدفاع والداخلية والحزب الحاكم والتيار السلفي وجبهة الانقاذ، لاتخاذ خطوات عاجلة لوقف العنف وبدء حوار جاد». وأضاف البرادعي ان «وقف العنف هو الأولوية» مشترطا «بدء حوار جاد، يتطلب الالتزام بالضمانات التي طرحتها جبهة الانقاذ، وفي مقدمتها حكومة إنقاذ وطني، ولجنة لتعديل الدستور».
وأكد عمرو موسى، في بيان، أن «الموقف الخطير الحالي يتطلب قبول الدعوة التي وجهها مجلس الدفاع الوطني، بالأهداف التي حددها، وفي إطار النقاط الأساسية التي اقترحتها جبهة الإنقاذ الوطني، بشأن التعامل مع الموقف الحالي في البلاد».
واعتبر خالد داود، الناطق باسم حزب «الدستور»، الذي ينتمي إليه البرادعي والعضو في جبهة الإنقاذ، أن نداء البرادعي «ينفي تصريحات الرئاسة القائلة إن الجبهة ترفض الحوار». وأضاف «نبحث عن طريقة للخروج من هذه (الأزمة)، لأننا نشعر بقلق شديد». غير ان داود لم يوضح ما إذا كان نداء الجبهة الى التظاهر الجمعة لايزال قائما. وتواصلت الصدامات بين الشرطة والمتظاهرين في القاهرة ومحافظات مصرية عدة، وأفاد مصدر في جهاز الإسعاف بأن شخصين قتلا في اشتباكات بين متظاهرين والشرطة، على كورنيش النيل، بالقرب من ميدان التحرير، إثر اصابتهما بطلقات خرطوش (من بنادق صيد).
وأصيب عشرات من المتظاهرين باختناقات، بفعل غاز مسيل للدموع، أطلقته عليهم عناصر الأمن، التي وقعت إصابات في صفوفها جراء رشقهم بالحجارة من جانب المتظاهرين، خلال هذه الاشتباكات.
وفي غضون ذلك، قام ملثمون بمهاجمة المتظاهرين وعناصر الأمن، حيث سُمعت أصوات إطلاق رصاص، فيما بدأت قوات الأمن ببناء جدار خرساني في شارع الكورنيش، ليكون رابع جدار للفصل بينها والمتظاهرين، بعد جدران شوارع قصر العيني، ومحمد محمود، ونوبار.
وفوَّض الرئيس محمد مرسي، أول من أمس، محافظي مدن قناة السويس إصدار قرارات بتخفيف أو إلغاء قرار أصدره بفرض حظر التجوال بمحافظاتهم.
وأمر النائب العام المصري، المستشار طلعت عبدالله، بوضع وزيري السياحة السابقين، منير فخري عبدالنور وفؤاد سلطان، على قوائم الممنوعين من السفر وترقب الوصول، والتحفظ على اموالهما وممتلكاتهما كافة، للاشتباه في تورطهما في قضية تتعلق بالاعتداء على المال العام. كما تم توقيف متظاهرين يشتبه في انتمائهم الى الـ«بلاك بلوك» امام مكتب النائب العام، حيث كانوا يتظاهرون احتجاجاً على قرار الأخير بتوقيف كل من ينتمي الى هذه المجموعة.
وفي برلين، قال مرسي، في مؤتمر صحافي مشترك مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، أمس ، إن مصر في طريقها إلى «الحكم الرشيد ودولة القانون، في إطار الدولة المدنية الحديثة، التي نطمح كلنا إليها، الدولة المدنية التي ليست دولة عسكرية، ولا دولة ثيوقراطية (دينية)، وإنما دولة مدنية بالمؤسسات».
وسئل عن استعداده لتشكيل «حكومة إنقاذ وطني» مع المعارضة، فأجاب قائلا إن مجلس نواب جديدا سينتخب في غضون ثلاثة أو أربعة أشهر، وسيكون من مهامه اختيار حكومة جديدة، مشددا على حرصه على إقامة حوار وطني مستدام مع القوى السياسية كافة.
وفي ما يتعلق بانتقاداته، التى وجهها إلى الصهيونية والصهاينة، الذين وصفهم قبل عامين بأنهم «مصاصو دماء»، قال مرسي ان «هذه التصريحات اقتطعت من سياقها»، مشيرا الى انه ليس ضد الديانة اليهودية، لكنه في الوقت ذاته ضد التصرفات الاسرائيلية بالأراضي الفلسطينية المحتلة.
وطلبت المستشارة الألمانية، من مرسي التحاور مع «مختلف القوى السياسية».
وعشية وصول مرسي الى برلين، حذر وزير الخارجية الألماني، غيدو فيسترفيله، من ان المساعدات المالية الألمانية، لمصر، تتوقف على التقدم الذي يحرزه هذا البلد على صعيد الديمقراطية.
وقال فيسترفيله، متحدثا لتلفزيون «ايه آر دي» الألماني «رأينا في الأيام الأخيرة صورا فظيعة، صور عنف ودمار»، داعيا الحكومة والمعارضة في مصر إلى «الحوار» و«التقارب». ورأى انه ينبغي التسلح بـ«صبر استراتيجي» مع مصر، موضحا أن ذلك يعني «أن نفصح عما ننتقده، لكن ألا نقطع خيط الحوار». وأكد وزير الاقتصاد الألماني، فيليب روسلر، أهمية مراعاة حقوق الإنسان في مصر شرطاً للاستثمارات الألمانية هناك.
وبمناسبة الزيارة، نظمت منظمة العفو الدولية تظاهرات للتنديد بالتصدي العنيف من الجيش والشرطة المصريين للمتظاهرين، وحمل المتظاهرون تمثالين كبيرين للملكة الفرعونية نفرتيتي، أحدهما يرتدي قناعا واقيا من الغاز والآخر ضمادة.
وأعربت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، نافي بيلاي، أول من أمس، عن قلقها إزاء أحداث اندلاع للعنف في مصر، ودعت كل الأطراف إلى الحوار، لإنهاء حالة السخط، وطالبت بالتحقيق في الأحداث.
من جانبها، قالت الخارجية الأميركية المنتهية ولايتها هيلاري كلينتون، في مقابلة مع شبكة «سي.إن.إن»، إن أي انهيار في مصر سيكون له تداعياته في أنحاء المنطقة، لكنها تابعت قائلة «لا يمكن بأي حال إغفال أنه يوجد عدد كبير من المصريين غير راضين عن توجهات الاقتصاد والإصلاح السياسي».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news