الرئاسة تدعو إلى حكومة وفاق وطني وتندد بدعوة معارضين لعودة الجيش.. والجـبالي متمســـك بوزارة التكنوقراط

تونس: عشرات الآلاف يشاركون في جــنازة بلعيد

مناوشات وحرق سيارات خلال جنازة بلعيد. رويترز

شارك عشرات الآلاف من التونسيين، أمس، في جنازة المعارض اليساري البارز شكري بلعيد (‬49 عاماً)، الذي اغتيل الأربعاء الماضي بالرصاص أمام منزله في العاصمة تونس، وسط مناوشات واشتباكات مع الشرطة، فيما نددت الرئاسة بدعوة معارضين الجيش والمؤسسة الأمنية الى الامساك بزمام الأمور في تونس، وأعلنت أنها تدعو الى تشكيل حكومة وفاق وطني، وأكدت انها ليست على علم باقتراح رئيس الحكومة المؤقتة حمادي الجبالي، المتعلق بتشكيل حكومة كفاءات مُصغرة لإدارة ما تبقى من المرحلة الانتقالية، وأكد، أمس، تمسكه بتشكيلها من «التكنوقراط»، من دون الذهاب للمجلس التأسيسي لتزكيتها، وقال إنها «جاهزة تقريباً».

وتفصيلاً، تدفقت أمواج بشرية على مقبرة الجلاز التي سيدفن فيها بلعيد، فيما رفضت الشرطة تقديم تقديرات حول عدد المشاركين في الجنازة التي أخذت شكل تظاهرة ضد حركة النهضة الاسلامية الحاكمة. وقدمت أعداد كبيرة من المشاركين في الجنازة التي بلغ امتدادها نحو ثلاثة كيلومترات ونصف، من ولايات داخل تونس.

وانطلقت الجنازة من دار الثقافة في منطقة جبل الجلود (جنوب العاصمة) مسقط رأس بلعيد، وسط زغاريد النساء. ونقلت سيارة عسكرية الجثمان الذي لف بالعلم التونسي، فيما قدم جنود تحية عسكرية له.

وحضر قائد أركان الجيوش، الجنرال رشيد عمار، الجنازة. وكان عمار المسؤول الرسمي الوحيد الذي شارك في الجنازة التي تغيب عنها رموز الدولة، وشاركت فيها رموز المعارضة. وصعدت نيروز (ثماني سنوات)، ابنة شكري بلعيد، إلى السيارة العسكرية التي تنقل جثمان والدها الى المقبرة.

وكانت الطفلة دخلت في حالة إغماء من شدة التأثر قبل خروج الجنازة.

ووسط جموع المشاركين في الجنازة رفعت بسمة الخلفاوي، أرملة بلعيد يدها مشيرة بعلامة النصر. وردد المشاركون في الجنازة شعارات معادية لحركة النهضة ولرئيسها، راشد الغنوشي، الذي اتهمته عائلة بلعيد باغتياله.

وأطلقت الشرطة التونسية قنابل الغاز المسيل للدموع، الجمعة، لتفريق «منحرفين» حاولوا الاندساس في الجنازة. وقال الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية، خالد طروش، للتلفزيون الرسمي، إن «مجموعة من المنحرفين قاموا بالاعتداء على بعض السيارات في محيط مقبرة الجلاز (التي سيدفن فيها بلعيد)، وعناصر الأمن تصدت لهم بالغاز المسيل للدموع». وقال مصدر أمني لمراسلة «فرانس برس» ان «منحرفين أحرقوا نحو ‬10 سيارات في محيط المقبرة، وأضرموا النار في عجلات مطاطية».

وتصاعدت في محيط المقبرة أعمدة من الدخان الاسود المنبعث من السيارات المحترقة.

وفي شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي وسط العاصمة تونس، حيث مقر وزارة الداخلية، أطلقت الشرطة قنابل الغاز لتفريق عشرات من المتظاهرين الذين رشقوها بالحجارة. وردد المتظاهرون الذين حملوا أعلام تونس شعارات معادية للغنوشي، وطالب المشيعون الجنرال عمار بحماية الثورة كما وعد بذلك من قبل. وقال أمير الزرقاني، أحد المحتجين المنتظرين أمام المقبرة «نطالب بكشف الحقيقة عن مقتل بلعيد، لم نعد نصبر على الحكومة وعليها الرحيل، وعلى رشيد عمار أن يفي بوعده لحماية الثورة والثوار».

كما طالب رئيس حزب المجد (وسطي)، عبدالوهاب الهاني، القضاء بالتطبيق الفوري للقانون على أصحاب صفحات التواصل الاجتماعي (فيس بوك)، نشروا قوائم بأسماء معارضين وصحافيين وحقوقيين تونسيين وحرضوا على «قتلهم» مثلما حصل مع بلعيد.

وتباطأت حركة النقل، أمس، في العاصمة التونسية بعد دعوة النقابات ومنها الاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية الرئيسة) الى إضراب عام. وفيما بقي مطار تونس-قرطاج الرئيس في البلاد مفتوحاً، اضطربت رحلاته بعد إلغاء عدد كبير منها.

في المقابل، نشر نشطاء انترنت حوارا تلفزيونيا سابقا مع شكري بلعيد، قال فيه إن والده حفظه القرآن منذ صغره، وإنه (بلعيد) حفظ بدوره القرآن لابنته.

من ناحية أخرى، قال الناطق باسم الرئاسة التونسية، عدنان منصر، «لم يتلق الرئيس استقالة رئيس الوزراء ولا تفاصيل حكومة تكنوقراط مصغرة أعلنها رئيس الوزراء». وأضاف «إن رئاسة الجمهورية تؤكد أن اي تغيير في السلطة يجب أن يتم في إطار الشرعية التي يمثلها المجلس الوطني التأسيسي الذي هو مصدر السلطة الاصلية»، في البلاد منذ انتخابات اكتوبر ‬2011.

وكان حمادي الجبالي، وهو أيضاً أمين عام حزب النهضة الحاكم، أعلن الاربعاء الماضي انه قرر تشكيل حكومة تكنوقراط مصغرة لا تضم شخصيات حزبية، غير أن حزبه أعلن رفضه لهذا القرار. ولم يدل الجبالي بأي تصريحات بشأن الحكومة او النزاع داخل حزبه.

وأوضح منصر «ان رئيس الجمهورية يؤيد تشكيل حكومة وفاق وطني تضم تكنوقراط يتولون الوزارات الاقتصادية والفنية». وأضاف «تجرى مباحثات بين قادة المعارضة والرئيس المرزوقي الذي سيستقبل رئيس الحكومة»، في وقت لاحق. وندد بدعوة معارضين الجيش والمؤسسة الامنية الى الإمساك بزمام الامور في تونس، وقال ان رئاسة الجمهورية «بدأت (إجرءات) التتبع القضائي ضد من دعا إلى تدخل الجيش والمؤسسة الأمنية الى الانقلاب على الشرعية».

ونفى المتحدث صحة معلومات حول علم الرئاسة مسبقاً بوجود تهديدات لاغتيال شكري بلعيد أو غيره من الشخصيات السياسية، غير انه أكد ان الأمن الرئاسي يوفر الحماية لكل من يطلبها.

وقال «بلعيد لم يطلب (من الرئاسة توفير) الحماية الأمنية له، ورئاسة الجمهورية لم تكن لديها معلومات حول إمكانية اغتياله، وليس لديها فكرة عن قائمة الشخصيات الوطنية المستهدفة بالاغتيال»، مثلما أعلن معارضون.

ودعا «الشخصيات (السياسية) الوطنية الى الكف عن نشر الفزع، أو مد السلطات بقائمة الاغتيالات»، التي تتحدث عنها، بيد أنه حذّر من أنه بعد اغتيال بلعيد «قد تغتال شخصيات أخرى لإدخال البلاد في الفوضى والفتنة». وقال ان جهاز الأمن الرئاسي وفر حماية أمنية «للشخصيات السياسية وزعماء الأحزاب التي طلبت توفير الحماية».

 

تويتر