انسـحـاب «المـؤتمـر» مـن حكومة «النهضة»
سحب حزب «المؤتمر من أجل الجمهورية» الذي يتزعمه الرئيس التونسي المنصف المرزوقي وزراءه الثلاثة من الحكومة التي تقودها حركة النهضة الإسلامية، أمس، قائلاً إن مطالبه بإجراء تغييرات في الحكومة لم تنفذ، في انتكاسة أخرى لحكومة النهضة برئاسة حمادي الجبالي التي مازالت تواجه تداعيات اغتيال شكري بلعيد الأسبوع الماضي، بينما استبعد رئيس الحركة، راشد الغنوشي، حدوث انقسام في الحركة رغم الأزمة مع الجبالي الذي قرر تشكيل حكومة تكنوقراط دون استشارة حزبه، وأوضح «لست (الرئيس المخلوع زين العابدين) بن علي، وشكري بلعيد ليس البوعزيزي».
وتفصيلاً، قال سمير بن عمر المسؤول بحزب «المؤتمر» لـ«رويترز»، إن الحزب يقول منذ اسبوع انه إذا لم يتم تغيير وزيري الخارجية والعدل فإنه سينسحب من الحكومة. وأضاف أن هذا القرار لا علاقة له بقرار رئيس الوزراء تشكيل حكومة من التكنوقراط، في إشارة الى نية الجبالي المعلنة تشكيل حكومة غير حزبية لتسيير الأعمال لحين إجراء انتخابات.
ومن المقرر أن يعقد الحزب مؤتمراً صحافياً، اليوم، للاعلان رسمياً عن استقالة وزرائه من الحكومة.
بدوره، قال الغنوشي في تصريح نشرته جريدة «الخبر» الجزائرية، أمس، «لن يحصل انقسام في النهضة» التي أكد انها «متمسكة بمؤسساتها». وأضاف «النهضة صارمة في موضوع وحدتها، لكن في داخلها هناك تدافع في الرأي، كل الآراء تسبح بكل حرية، ولذلك لا أرى أن وحدة النهضة مهددة». وتابع ان الجبالي «شرح (لحزبه) القرار (المتعلق بتشكيل حكومة تكنوقراط)، وقدم مبررات اتخاذه وظروفه، لكن بالنسبة لنا في الحركة، هناك مبررات لكنها لا تؤدي بالضرورة إلى النتيجة نفسها التي وصل إليها».
ورداً عن سؤال حول تهديد الجبالي بالاستقالة من منصبه حال فشلت جهوده لتشكيل حكومة تكنوقراط، قال الغنوشي «أنا لا أتمنى أن نصل إلى هذه الحالة، ولا أعتقد أن الظروف تسمح بذلك».
وقال إن الذين يتهمون الحركة بالوقوف وراء عملية اغتيال المعارض السياسي شكري بلعيد هم أولئك المتربصون، والذين فشلوا في الانتخابات وأمام صناديق الاقتراع، ولم يتمكنوا من إقناع الشعب برؤيتهم وأفكارهم، موضحاً أنه ليس بن علي وأن شكري بلعيد ليس البوعزيزي.
وأكد أن الذين يتهمون حركة النهضة في حادثة اغتيال شكري بلعيد هم خصوم عقائديون وسياسيون راديكاليون لا يستطيعون أن ينظروا إلى النهضة إلا بكونها حركة رجعية والشر الأعظم، وينظرون إلى الإسلاميين كلهم على أنهم رموز الظلامية والرجعية.
وتابع «وتالياً اغتنموا هذه الفرصة وجعلوا من المصيبة فرصة لمواصلة الهجوم، واعتقدوا أنها فرصتهم للهجوم الكاسح على النهضة ولجعلها تدفع ثمناً لجريمة لا أحد أثبتها على النهضة ولا النهضة اعترفت بها، وكل الدلائل المعقولة تقول إن الحزب الحاكم ليس من مصلحته تفجير الوضع الأمني في مجال حكمه، من له مصلحة في هذه الجريمة؟ بالتأكيد ليس من مصلحة الحزب الحاكم أن يقوم بتفجير أرض يقف عليها».
وأضاف «الذين يتهموننا هم أولئك المتربصون والذين فشلوا في الانتخابات وأمام صناديق الاقتراع، ولم يتمكنوا من إقناع الشعب برؤيتهم وأفكارهم، هذا الحزب (حزب العمال بقيادة حمة الهمامي وشركائه في الجبهة الشعبية)، الذي يتهمنا حصل في انتخابات 23 أكتوبر 2011 على 2.4٪ فقط، بينما حصلت النهضة على 42٪، بمعنى أنها أكبر منه أكثر من 20 مرة».
ورفض الغنوشي الزج بالجيش في الخلافات السياسية، قائلاً إن «الجيش التونسي جيش محترف، وجيش مهني لا يتدخل في الشؤون السياسية، ويتولى حماية الحدود، وإذا احتجنا إليه سيؤدي مهامه الوطنية، وهذا الجيش لن يحل محل السياسيين في حلحلة مشكلات البلد».
وفي سياق متصل، رفض حمادي الجبالي في تصريح نشرته جريدة «الشروق» الجزائرية، أمس، التحاليل القائلة بوجود انشقاق داخل حركة النهضة. وقال للصحيفة «إن أي حركة ديمقراطية لابد أن تبرز فيها خلافات ووجهات نظر مختلفة، وهو ما يحصل الآن في حركتنا».
وعمق اغتيال شكري بلعيد المعارض الشرس لحركة النهضة، الاربعاء الماضي أمام منزله في العاصمة تونس من الأزمة السياسية في تونس.
وقد تحدى الجبالي حزبه وأعلن قراره تشكيل حكومة تكنوقراط تكون فيها وزارات السيادة التي تتمسك بها حركة النهضة لشخصيات مستقلة. وأعلنت وسائل اعلام محلية ان هذه الأزمة تترجم بوضوح الخلافات الكبيرة داخل حركة النهضة بين الجناحين «المتشدد» بزعامة الغنوشي و«المعتدل» بقيادة الجبالي. وفي خطوة تعكس ارتباكاً داخل الحزب الذي يقود الائتلاف الحاكم مع حزبي المؤتمر من أجل الجمهورية، وحزب التكتل من أجل العمل والحريات، أعلنت الصفحة الرسمية لحركة النهضة على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» أمس، عن استقالة الجبالي من منصب الأمانة العامة، لكن تم سحب الخبر بعد دقائق، بعد أن تم تداوله على نطاق واسع وتم تكذيبه لاحقاً. ولا يعرف ما إذا كان هذا الخطأ قد حصل سهواً أم تم تسريبه عمداً لمزيد من الضغط على الجبالي. وكان الرئيس المؤقت المنصف المرزوقي، قد التقى، أول من أمس، عدداً من خبراء القانون الدستوري في تونس لبحث الجوانب القانونية للتعديل الوزاري.