هجوم للمعارضة على بابا عمرو.. وتشكـيل «هيئة شرعية» شرق سورية
شنّ مقاتلو الجيش السوري الحر المعارضون للنظام هجوماً، امس، على حي بابا عمرو في مدينة حمص وسط سورية، بعد عام من سيطرة القوات النظامية عليه، بينما اعلنت مجموعات اسلامية مقاتلة تشكيل «هيئة شرعية» لادارة شؤون شرق البلاد. وفيما أرجأ الائتلاف الوطني المعارض اجتماعا لتشكيل حكومة مؤقتة، حذرت الامم المتحدة من ان استمرار النزاع الذي يتم في الايام المقبلة عامه الثاني، قد يضاعف مرتين او ثلاث مرات عدد اللاجئين السوريين في الدول المجاورة، والذي تخطى عتبة المليون شخص.
وتفصيلاً، قال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان، رامي عبدالرحمن، في اتصال مع وكالة «فرانس برس»، إن مقاتلين من الكتائب المقاتلة شنوا فجر امس هجوما مفاجئاً على بابا عمرو، ودخلوا اليه وباتوا موجودين في كل ارجاء الحي الواقع في جنوب غرب المدينة التي يعدها الناشطون المعارضون عاصمة الثورة ضد الرئيس بشار الاسد.
من جهته، قال ناشط قدم نفسه باسم عمر، وهو على تواصل مع المقاتلين على الارض، في اتصال هاتفي مع «فرانس برس» في بيروت ان «الثوار تسللوا خلال الليل الى بابا عمرو، ولم تدرك الحواجز العسكرية ذلك الا بعدما اصبح المقاتلون في داخل الحي».
وقصف الطيران الحربي حي بابا عمرو ، بعد ساعات من بدء مقاتلي المعارضة هجوما على الحي. وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن في اتصال هاتفي مع وكالة «فرانس برس» إن الطيران الحربي استهدف بابا عمرو ومحيطه، مشيراً الى ان المدينة اغلقت من جميع المحاور.
وكانت القوات النظامية دخلت بابا عمرو في الاول من مارس 2012، بعد انسحاب المقاتلين منه اثر معارك وقصف عنيف لاكثر من شهر، ادت الى مقتل المئات، بحسب المرصد. كما لقي صحافيان اجنبيان، هما الاميركية ماري كولفين (اسبوعية صنداي تايمز البريطانية) والمصور الفرنسي ريمي اوشليك، مصرعهما في 22 فبراير 2012، جراء قصف تعرض له مركز اعلامي اقامه الناشطون في الحي.
وفي دلالة على اهمية بابا عمرو، جال فيه الرئيس الاسد في 27 مارس 2012، متعهداً بانه سيعود «افضل بكثير مما كان، وان الحياة الطبيعية» سترجع اليه.
وفي فيديو بث أمس على موقع «يوتيوب»، اعلنت مجموعات مقاتلة بدء معركة «الفتح المبين» لتحرير الحي، وتخفيف الحصار عن احياء وسط حمص التي تشكل معقلاً للمقاتلين المعارضين، تشن القوات النظامية منذ نحو أسبوع حملة لاستعادتها.
وفي الشريط، قال مقاتل وهو يرتدي سترة واقية من الرصاص، وهو محاط بنحو 25 مقاتلاً، ان العملية تأتي «انتصاراً لدماء الشهداء وشرف الحرائر، وتخفيفاً عن اخواننا المجاهدين في مدينة حمص، ولفك الحصار عنهم».
وتفرض القوات النظامية سيطرتها على معظم احياء حمص، في حين تبقى بعض احياء الوسط، لاسيما منها الخالدية واحياء حمص القديمة، في ايدي المقاتلين.
واوضح عبدالرحمن ان النظام بسيطرته على الاحياء الاخرى، خفف من وجوده فيها وركز على الخالدية، مشيراً الى ان المقاتلين استغلوا الامر لشن هجوم مباغت على بابا عمرو. ويأتي الهجوم غداة مقتل 160 شخصا جراء اعمال العنف، بحسب المرصد.
وعثر على جثث 34 شخصاً على الاقل لم تتضح ظروف مقتلهم، وذلك قرب دمشق وفي مدينة حلب، بحسب ما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان.
وقال المرصد في بريد الكتروني: «عثر على ما لا يقل عن 20 جثة لرجال عند اطراف نهر قويق في حي بستان القصر»، الذي يسيطر عليه مقاتلو المعارضة، في وسط مدينة حلب التي تشهد منذ يوليو الماضي معارك شبه يومية.
من جهة أخرى، افاد المرصد بأن مجموعات اسلامية مقاتلة شكلت الهيئة الشرعية للمنطقة الشرقية من سورية لتتولى ادارة شؤون الناس في هذا الجزء من البلاد الذي يسيطر المقاتلون على اجزاء واسعة منه، في ما يعكس نفوذاً متزايداً للمقاتلين الاسلاميين.
وجاء في بيان موقع باسم الهيئة وزعه المرصد «ستتألف الهيئة من مكاتب عدة يخصص بعضها للاصلاح وفض الخصومات، والدعوة والارشاد، اضافة الى قوة شرطة». واظهر شريط فيديو بثه المرصد على «يوتيوب» موكباً سياراً في محافظة دير الزور، قيل انه الاستعراض العسكري لشرطة الهيئة الشرعية.
وضم الموكب عشرات السيارات، بعضها رباعي الدفع، اضافة الى شاحنات صغيرة مزودة برشاشات. كما يظهر الشريط مقاتلين يرفعون على مبنى في مدينة الميادين، لافتة الهيئة الشرعية في المنطقة الشرقية.
واوضح المرصد ان من المجموعات المشكلة للهيئة جبهة النصرة الاسلامية التي ادرجتها الولايات المتحدة على لائحة المنظمات الارهابية.
وفي أحدث انتكاسة لجهود المعارضة لتشكيل إدارة تتولى السلطة إذا جرت الاطاحة بالرئيس بشار الأسد، قالت مصادر في الائتلاف الوطني السوري المعارض إن الائتلاف أرجأ اجتماعاً لتشكيل حكومة مؤقتة. وأضافت أنه جرى تعديل موعد الاجتماع لانتخاب رئيس وزراء مؤقت إلى 20 مارس، ولكن من غير المؤكد ما إذا كان سيعقد آنذاك أيضاً. وكان من المقرر أن يعقد الاجتماع غداً بعد أن تأجل مرة من قبل بالفعل.
وفي تصريحات أدلى بها لوكالة الأنباء الروسية «إيتار تاس» قال رئيس لجنة التنسيق الوطنية السورية بالخارج، هيثم مناع، إن الأجواء غير مهيأة بعد لإطلاق حوار بين المعارضة والحكومة السورية. وقال مناع: «أعتقد أن الأجواء لبدء حوار مع الحكومة غير مهيأة في المرحلة الحالية». وأضاف: «لا يمكننا حقاً الوصول إلى تقدم في ما يسمى بوقف العنف والبحث عن حل سياسي لتشكيل هيئة حكم انتقالي».
ويعتزم ممثلون عن لجنة التنسيق الوطنية السورية عقد لقاء مع قيادة وزارة الخارجية الروسية، خصوصاً مع وزير الخارجية سيرغي لافروف ونائبه ميخائيل بوغدانوف في موسكو اليوم.
وفي أنقرة، قال المفوض الاعلى لشؤون اللاجئين، انطونيو غوتيريس، خلال مؤتمر صحافي: «اذا استمر التصعيد الان ولم يحصل شيء لحل المشكلة، فقد يكون لدينا في نهاية السنة عدد اكبر بكثير من اللاجئين: مرتين او ثلاث مرات اكثر مما هو عليه حالياً».
وكانت المفوضية اعلنت الاربعاء ان عدد اللاجئين السوريين وصل الى عتبة مليون شخص تم تسجيلهم او اغاثتهم، وهم موزعون على الدول المجاورة كتركيا ولبنان والاردن والعراق، اضافة الى اعداد اقل في بعض دول شمال إفريقيا وأوروبا.
وقبل سنة اعلنت الامم المتحدة ان لديها 33 الف لاجئ مسجلين.
وسجلت اللاجئة السورية «الرقم مليون» بشرى (19 عاماً)، وهي أم لطفل وطفلة، في مدينة طرابلس في شمال لبنان.
وقالت الامم المتحدة ان اربعة ملايين سوري لايزالون في بلادهم يحتاجون الى 1.4 مليار دولار من المساعدات لتلبية احتياجاتهم الاساسية بعد يونيو. ويجري غوتيريس في تركيا مباحثات حول وضع اكثر من 180 الف لاجئ يقيمون في مخيمات بجانب الحدود مع سورية.