البيض: الحوار لن يقدّم شيئاً للجنـــوب أو لليمن
أكد آخر رئيس لجنوب اليمن، علي سالم البيض، أن الحوار الوطني، الذي من المقرر أن ينطلق اليوم، بالعاصمة اليمنية صنعاء، لن يقدم جديداً للقضية الجنوبية أو لليمن ككل، فيما نزل مناصرو الحراك الجنوبي المطالبون بالانفصال إلى الشارع في عدن، أكبر مدن الجنوب، رفضاً للحوار الوطني ويقاطعه معظم مكونات الحراك.
وتفصيلاً، رأى البيض، في تصريحات عبر الهاتف لوكالة الأنباء الألمانية في القاهرة، أن «الهدف من هذا المؤتمر هو إبقاء اليمن في دائرة الضوء، واستغلال الدعم الدولي الكبير، خصوصاً في جانبه المالي، فضلاً عن محاولة التوافق بين القوى صاحبة النفوذ باليمن على تقسيم المصالح والمكاسب في ما بينها، وإذا لم يستطيعوا التوصل إلى تفاهمات فقد يعرقل هذا الحوار».
وشدد البيض على أن عدم مشاركته في مؤتمر الحوار لا يعود لرفضه الحوار، بل لإيمانه بأن هذا الحوار لا علاقة له بالقضية الجنوبية، وقال «هذا الحوار يأتي وفقاً للمبادرة الخليجية التي تجاهلت القضية الجنوبية بشكل كامل، وبالتالي لا علاقة لنا به».
وتابع «نحن مستعدون للحوار لكن على أسس، أولها أن نتحاور كدولة جنوب اليمن مع أشقائنا في الشمال لفك الارتباط واستعادة دولة الجنوب»، كما اشترط «وجود سلطة في صنعاء تستطيع أن تتخذ القرار»، وقال «لا يوجد من يتخذ القرار الآن باليمن، فالبلد كله واقع تحت الوصاية الدولية وتحديداً الولايات المتحدة والدول الراعية للمبادرة الخليجية».
وأردف «أما الرئيس، عبدربه منصور هادي، فهو رئيس مؤقت أتوا به لمهمةمؤقتة، لا يستطيع أن يفعل شيئاً، ولا نفوذ له في صنعاء أو غيرها، ولا يحظى بنفوذ عسكري أو نفوذ قبلي، وليس مدعوماً من الإسلاميين، ولا توجد لديه قوى اجتماعية يستند إليها».
كما أوضح أن من ضمن أسباب رفض قوى الحراك الجنوبي المشاركة في الحوار الوطني، أن جزءاً رئيساً من المشاركين فيه من بين الشخصيات التي قامت بالاستيلاء على ثروات الجنوب، وقال «هم نهبوا الجنوب، أخذوه ولا يكمن أن يتخلوا عنه لوجود مصالح كبرى لديهم».
وفي تعليقه على وجود ممثلين عن القضية الجنوبية في المؤتمر وتخصيص 85 مقعداً لهم، قال البيض «من سيشاركون في الحوار لا يمثلون سوى أنفسهم فقط، ولا تأثير لهم مطلقاً في قوى الحراك الجنوبي بقطاعاته الواسعة الفاعلة على الأرض، والمقاطِعة لهذا الحوار، ويستطيع النظام أن يأتي بأشخاص بطرقه الخاصة لتخدم مصالحه، وهذا ليس جديداً».
وأوضح أنه يعني بـ«القوى صاحبة النفوذ» كلاً من الرئيس السابق، علي صالح، والقائد العسكري، علي محسن الأحمر، والسياسي البارز، حميد الأحمر ،عضو «حزب التجمع اليمني للإصلاح» الذي يعد امتداد لجماعة الإخوان المسلمين، وقال «علي صالح وعائلته لايزالون يحكمون اليمن، ولا يتم شيء من دون موافقتهم أو التقاسم في ما بينهم».
ونفى البيض ما يتردد عن حصوله على دعم مالي أو سلاح من قبل إيران، وشدد «إيران ليست لها مصلحة في الوقوف معنا، وهذا الحديث مزايدات سياسية وشائعات سيبطلها الزمن، وشعب الجنوب يعرفنا جيداً، هم يحاولون الضغط علينا بمثل تلك الشائعات حتى نسير في الاتجاه الذي يريدونه»، لكنه أقر بوجود دور لإيران في الشمال اليمني «فدعمهم للحوثيين معروف ومعلن».
وحول نشاط «القاعدة» في جنوب اليمن، قال «إخواننا في صنعاء هم الذين فتحوا له المجال ودعموه، واستطاع الوجود في بعض المناطق، والآن له بقايا في الجنوب»، وتابع «لو تركوا لنا الجنوب سنستطيع أن نحقق الأمان للجنوب ولمنطقة البحر العربي كله وسنطهره من العصابات والميلشيات».
ورداً على تصريح هادي بأن «فك الارتباط بين الشمال والجنوب لن ينجح، ويكفي اليمن 50 عاماً من الصراعات الدامية»، قال البيض «نحن لسنا دعاة انفصال، نحن نريد أن نستعيد حقنا في وجود دولتنا الجنوبية وأرضنا وثرواتنا المنهوبة، ونريد من العالم أن ينصت لنا ويأتي بقوة من الأمم المتحدة لتحل محل مليشيات ووحدات الشمال الموجودة لدينا بالجنوب».
وبدت عدن، أمس، مشلولة جزئياً مع امتناع السكان عن ارتياد المدارس والجامعات وبعض الأسواق بفعل التوتر المرتفع والتظاهرات، والتشنج بين قوات الأمن والمحتجين المطالبين بالانفصال، بحسب ما أفاد مراسلو وكالة «فرانس برس». وتركز التوتر في محيط ساحة العروض الرئيسة حيث منعت السلطات إقامة أي احتجاجات.
وتوافد الآلاف من مناصري «الحراك» إلى حي المعلا حيث دعا «الحراك» إلى التجمع رفضا للحوار.
وجابت عشرات السيارات شوارع عاصمة دولة جنوب اليمن السابق مطلقة الموسيقى والأغاني الشعبية الرافضة للوحدة التي تحققت طوعاً مع الشمال في 1990، قبل أن تنتكس في 1994 مع محاولة انفصال جنوبية قمعتها صنعاء بالحديد والنار. ورفع المحتجون اعلام دولة الجنوب السابقة، فيما امتلأت جدران حيي المنصورة والمعلا بشعار «لا للحوار».
وقال القيادي البارز في «الحراك الجنوبي»، قاسم عسكر، لوكالة «فرانس برس»، إن التحرك في الشارع «تعبير عن رفضنا الحوار الوطني في صنعاء، ولأن هناك من يحاول أن يقود هذا الشعب للالتفاف على قضيته»، في اشارة إلى الفصائل الجنوبية المشاركة في الحوار.
واضاف «هناك مؤامرة من المجتمع الدولي والإقليمي، الذي يحاول فرض المبادرة الخليجية علينا، وليس لنا فيها ناقة ولا جمل» في اشارة إلى اتفاق انتقال السلطة الذي تجري بموجبه أعمال الحوار الوطني، الذي أسفر خصوصاً عن انهاء حكم الرئيس السابق علي عبدالله صالح.
من جهته، قال رئيس مجلس الحراك الجنوبي في حي المعلا بعدن، حسين زين «نحن نرفض المشاركة في الحوار، والحوار إهانة وخيانة للبرنامج الثوري الجنوبي».
ومن المتوقع أن تشهد عدن ومدن اخرى في الجنوب تظاهرات، اليوم، تزامناً مع انطلاق الحوار.
ودعا التيار الأكثر تشدداً في «الحراك» إلى عصيان مدني في عدن حتى ظهر اليوم.