جنوبيون يرفعون علم الجنوب ما قبل الوحدة في مؤتمر الحوار الوطني. إي.بي.إيه

اليمن يطلق حواراً وطنياً وسط تحفّظ «المـشترك» وغياب باسندوة وتظاهرات الجنوب

بدأ، أمس، في صنعاء حوار وطني مفصلي يهدف إلى وضع دستور جديد لليمن وحل مشكلاته الكبرى، فيما اعتبر الرئيس عبدربه منصور هادي، ان مفتاح النجاح يكمن في معالجة قضية الجنوب، حيث تتصاعد الحركة الانفصالية التي قتل احد مناصريها في مواجهات مع الشرطة، وقال «الذي لا يعجبه هذا الحوار فالباب أمامه، لا تغيروا اتجاه الحوار»، وذلك تعقيباً على محاولات البعض إثارة حالة من الفوضى واعتراض مقدم الجلسة، فيما تحفظت أحزاب «اللقاء المشترك» على قوائم أسماء المشاركين وتغيب رئيس الوزراء، محمد سالم باسندوة، عن حضور الافتتاح للسبب ذاته.

وتفصيلاً، ينعقد الحوار برئاسة هادي وبرعاية الامم المتحدة الممثلة بمبعوثها الخاص جمال بن عمر، ومجلس التعاون الخليجي الذي حضر امينه العام عبداللطيف الزياني، وإنما في ظل مقاطعة من أغلبية مكونات الحراك الجنوبي المطالب بالعودة الى دولة الجنوب التي كانت مستقلة حتى عام ‬1990.

وتمت الدعوة الى الحوار بموجب اتفاق انتقال السلطة الذي اسفر عن تخلي الرئيس السابق علي عبدالله صالح عن السلطة في نوفمبر ‬2011. وبات اليمن بسبب ذلك البلد العربي الوحيد الذي اسفرت فيه احتجاجات شعبية عن انتقال منظم للسلطة. وتتألف هيئة الحوار من ‬565 مقعداً تتمثل فيها سائر الاطراف اليمنية.

وقال بن عمر للصحافيين قبيل افتتاح الحوار، إنها «لحظة تاريخية واليمن هو نموذج للانتقال الديمقراطي في المنطقة»، مشدداً على أن «المجتمع اليمني متضامن ويساعد اليمنيين، ومجلس التعاون الخليجحي قدم الكثير، هذه الفرصة يجب ان يقطفها اليمنيون». ودعا بن عمر في كلمة في افتتاح الحوار الذي يفترض أن يستمر ستة اشهر الى معالجة «المطالب المشروعة» للجنوبيين، وتداعيات الحروب مع التمرد الحوثي في صعدة.

من جهته، قال الرئيس هادي إن «المفتاح الاساسي لمعالجة القضايا كافة هو القضية الجنوبية»، في اشارة الى استمرار شريحة واسعة من الجنوبيين برفع مطالب العودة الى دول الجنوب او بقيام دولة فيدرالية. ودعا هادي إلى «التوافق على رؤية عقلانية حول القضية الجنوبية»، معتبراً ان ذلك «سيقودنا حتماً إلى عقد اجتماعي جديد من خلال دستور جديد، بعيداً عن العصبيات الأسرية والقبيلة والمناطقية».

وحذر هادي من «العودة الى النفق المظلم» اذا ما فشل الحوار الذي قال انه يشكل «لحظة فارقة تتطلب منا ارادة قوية، ولن يكون اليمن بعدها كما كان قبلها». وذكر ان المبادرة الخليجية التي كانت في اساس اتفاق انتقال السلطة «رسمت لنا خريطة طريق واضخة للخروج من الأزمة».

ويفترض ان يؤدي الحوار الوطني الى وضع دستور جديدة للبلاد، وصولاً الى تنظيم انتخابات رئاسية ونيابية في غضون سنة.

وفي الجنوب، قتل ناشط، أمس، في مواجهات بين متظاهرين انفصاليين معارضين للحوار الوطني والشرطة في مدينة تريم بمحافظة حضرموت (جنوب)، فيما نزل الآلاف الى الشارع في عدن وفي مدن جنوبية اخرى رفضاً للحوار بحسب ما افاد ناشطون. وذكر الناشط فؤاد راشد لوكالة «فرانس برس» بأن «الحراك الجنوبي نفذ عصيانا مدنيا في تريم لرفض الحوار وحصلت مصادمات مع الشرطة»، ما أسفر عن «مقتل ناشط وإصابة آخر واعتقال اربعة». ويأتي ذلك فيما نزل الآلاف للتظاهر في ساحة العروض في عدن وفي مدينة المكلا، كبرى مدن حضرموت، رافعين شعار «لا للحوار، نعم للاستقلال»، بحسب ما افاد مراسلو وكالة «فرانس برس».

وفي عدن، تظاهر الآلاف من انصار الحراك الجنوبي المطالب بالانفصال بعد ان باتوا الليلة في العراء في ساحة العروض. ويتظاهر المحتجون منذ ايام عدة بدعوة من التيار الاكثر تشدداً في الحراك بزعامة نائب الرئيس اليمني السابق المقيم في المنفى، علي سالم البيض.

ولم تسجل مواجهات بين الشرطة والمحتجين على الرغم من قرار سابق بمنع التظاهرات في ساحة العروض.

ورفع المتظاهرون اعلام دولة جنوب اليمن السابقة التي كانت مستقلة حتى عام ‬1990.

كما رددوا شعارات رافضة للوحدة والحوار مثل «القرار قرارنا والتحرير خيارنا»، و«لا للحوار اليمني» و«معا للتحرير والاستقلال»، و«لا تراجع لا حوار نحن اصحاب القرار»، اضافة الى شعارهم المعتاد «ثورة ثورة يا جنوب». ويقاطع الحوار معظم فصائل الحراك الجنوبي، لاسيما تيار الزعيم الجنوبي حسن باعوم وتيار نائب الرئيس السابق علي سالم البيض.

إلا ان بعض فصائل الحراك الجنوبي تشارك في الحوار، وابرزها «المجلس الوطني لشعب الجنوب» الذي يقوده احمد بن فريد الصريمة ومحمد علي احمد، وهما قياديان عادا من المنفى في الاشهر الماضية.

ويشارك ايضا في الحوار «تيار المستقلين الجنوبيين» بقيادة عبدالله الاصنج المقيم في المنفى في السعودية. من جهتها، اكدت الناشطة اليمنية حائزة جائزة نوبل للسلام توكل كرمان لوكالة «فرانس برس» أنها لن تشارك في الحوار الوطني على تهميش الشباب الذين قادوا الحركة الاحتجاجية في اليمن ومشاركة جهات متورطة في قمعهم الدامي على حد قولها. وقالت كرمان التي ورد اسمها في قائمة هيئة الحوار المؤلفة، «لن اشارك في جلسات مؤتمر الحوار نتيجة الاختلال الكبير في تمثيل الشباب والمرأة والمجتمع المدني».

كما عللت كرمان عدم مشاركتها بـ«مشاركة افراد تورطوا في قتل الشباب وبقاء الجيش منقسما».

إلى ذلك، اعتبرت كرمان ان الرئيس السابق علي عبدالله صالح مازال يلعب دوراً سياسياً كبيراً في البلاد، الأمر الذي اثر في رأيها في توزيع المقاعد في الحوار. ويحظى حزب صالح، المؤتمر الشعبي العام، على ‬112 مقعداً من اصل ‬565، وهي اكبر حصة لفريق سياسي مشارك في الحوار.

 

الأكثر مشاركة