المعارضة تسيطر على داعل وتعزل درعــا عن دمشق
باتت مدينة درعا جنوب سورية «شبه معزولة» عن دمشق، بعد سيطرة مقاتلي المعارضة على بلدة داعل الاستراتيجية الواقعة على طريق يربط بينهما، في حين اعتبر النظام السوري تكرار سقوط قذائف الهاون على العاصمة تصعيدا «إلى اقصى الحدود» في النزاع. وفيما أعلنت باريس تريثها في تسليح المعارضين لحين الحصول على ضمانات بعدم وصول الاسلحة الى مقاتلين اسلاميين متطرفين، أكدت واشنطن استمرار رئيس الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة المستقيل أحمد معاذ الخطيب في مهامه حتى انتهاء ولايته.
وسيطر مقاتلو المعارضة على بلدة داعل في محافظة درعا، الواقعة على طريق يربط دمشق بهذه المحافظة الجنوبية.
وقال المرصد السوري لحقوق الانسان إن مقاتلي المعارضة سيطروا «على بلدة داعل بعد تدمير حواجز القوات النظامية الثلاثة عند مداخل البلدة وفي محيطها». وأوضح أن البلدة الواقعة على طريق دمشق درعا، أصبحت بذلك خارجة عن سيطرة النظام «في شكل كامل»، بعد قصف واشتباكات أسفرت في الساعات الـ24 الماضية عن مقتل 38 شخصا على الأقل.
وأوضح المرصد ان الضحايا هم «تسعة مدنيين و16 مقاتلا وإعلاميا في كتيبة مقاتلة»، اضافة الى «ما لا يقل عن 12 من عناصر القوات النظامية والمسلحين الموالين لها». وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن في اتصال هاتفي مع «فرانس برس»، إن مدينة درعا باتت شبه معزولة عن دمشق، «نظرا الى قطع طرق عدة بينهما، منها الطريق السريع القديم والاوتوستراد الدولي وطريق نوى درعا».
وأضاف أن سيطرة المقاتلين على داعل ادت الى قطع الطريق القديم، في حين ان الاوتوستراد الدولي «غير آمن»، نظرا لمروره قرب بلدة خربة غزالة الواقعة خارج سيطرة النظام، كما ان الطريق بين مدينتي نوى ودرعا مقطوع. وأشار الى ان «ما جرى في داعل هو مرحلة من مراحل الإطباق على مدينة درعا وعزلها بالكامل عن محيطها وعن مدينة دمشق». وتأتي السيطرة على البلدة غداة قول عضو مجلس الشعب السوري عن درعا، وليد الزعبي، إن مقاتلي المعارضة باتوا يسيطرون على أجزاء واسعة من المحافظة، بعدما «أخليت بعض المواقع العسكرية، وحل محل هذه المواقع إرهابيون من (جبهة) النصرة». وفي الشمال الذي يسيطر المقاتلون على اجزاء واسعة منه، دارت اشتباكات عنيفة تزامنا مع غارات جوية في محيط الفرقة 17 في ضواحي مدينة الرقة «في محاولة جديدة لاقتحام المقر الذي يعد احد أهم معاقل القوات النظامية المتبقية في المحافظة»، بحسب المرصد. ويسيطر مقاتلو المعارضة على اجزاء واسعة من محافظة الرقة، لاسيما مدينة الرقة التي باتت، منذ السادس من مارس الجاري، أول مركز محافظة خارج سيطرة النظام.
وفي محافظة حلب (شمال)، أفاد المرصد بأن مناطق في محيط مطاري حلب الدولي والنيرب العسكري تعرضت لإطلاق نار من رشاشات الطائرات الحوامة والحربية الليلة قبل الماضية. وذكر المرصد، في بيان، أن اطلاق النار في المناطق المحيطة بالمطارين المذكورين استهدفت تجمعات لمقاتلي الكتائب المقاتلة. وأضاف أن اشتباكات دارت فجر أمس، بين القوات النظامية ومقاتلين من الكتائب المقاتلة، في حي سيف الدولة بمدينة حلب. وتأتي هذه الأحداث غداة مقتل 150 شخصا بحسب المرصد. ومن الضحايا 15 طالبا قضوا جراء سقوط قذائف هاون على كلية الهندسة المعمارية التابعة لجامعة دمشق، والواقعة على مقربة من ساحة الأمويين.
وتعليقا على الهجوم، قال وزير الإعلام السوري عمران الزعبي، أمس، ان «قيام الارهابيين باستهداف الأحياء السكنية والمدارس والجامعات والمستشفيات بقذائف الهاون هو تنفيذ لأمر خارجي بتصعيد إرهابي الى اقصى الحدود». واعتبر في مقابلة مع التلفزيون الرسمي أن هدف التصعيد «الايحاء بأن الارهابيين، قاب قوسين او أدنى من تحقيق اهداف عدوانهم»، مشددا على وجود «قرار حاسم ونهائي بالدفاع عن البلاد حتى اللحظة الأخيرة».
وامتنعت واشنطن، مساء أول من أمس، عن اتهام أي من طرفي النزاع بالمسؤولية عن سقوط القذائف.
وقالت على لسان المتحدثة باسم وزارة الخارجية فيكتوريا نولاند «ليست لدينا اي معلومات، تتيح لنا التأكد من هوية الجهة المسؤولة».
من جهة أخرى، اكدت نولاند ان أحمد معاذ الخطيب الذي قدم استقالته فجأة، سيواصل ولايته المحددة بستة أشهر على رأس الائتلاف الوطني المعارض. وأعلن الخطيب استقالته، الأحد الماضي، بعد خمسة ايام على انتخاب غسان هيتو رئيسا لحكومة مؤقتة في خطوة اعتبرها بعض قادة المعارضة فرضا عليهم من قبل دول اخرى، إلا ان الخطيب ترأس وفد المعارضة السورية التي منحت مقعد سورية في جامعة الدول العربية خلال قمة في الدوحة هذا الاسبوع، ما اثار شكوكا في قراره الاستقالة. وقالت نولاند لصحافيين «نفهم انه يقول الآن انه سيتحمل مسؤولياته، لقد عين رئيسا لستة اشهر». وأضافت ان الخطيب يجري الآن محادثات مع «هيتو ويواصل عدد من اعضاء المعارضة الحوار مع بعضهم بعضا، حول الطريقة المثلى للتقدم».
إلى ذلك، قال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند خلال مقابلة مع قناة «فرانس 2»، إنه «لا يمكن ان يحصل تصدير للاسلحة بعد انتهاء الحظر (الاوروبي)، في مايو المقبل، اذا لم تكن هناك قناعة تامة بأن هذه الأسلحة سيستخدمها معارضون شرعيون، ليس لهم أي صلة بأي تنظيم ارهابي».
وأضاف «في الوقت الراهن، هذه القناعة التامة ليست متوافرة لدينا، لن نقوم بهذا الأمر طالما اننا غير واثقين تماما بأن المعارضة لديها السيطرة التامة على الوضع».
وقال «اليوم هناك حظر، ونحن نحترمه»، مؤكدا ان هذا الحظر «ينتهكه الروس الذين يرسلون اسلحة الى (الرئيس السوري) بشار الأسد، وهذه مشكلة».
وأشار إلى أنه، منذ اندلاع النزاع في سورية قبل عامين «سقط نحو 100 ألف قتيل، في ظل حرب أهلية تنحو نحو الراديكالية، ومتشددين يغتنمون هذه الفرصة لتوجيه ضربات الى الاسد، وفي الوقت نفسه لتسجيل نقاط تصب في مصلحتهم لاحقا».