دمشق تنفي حصول الغارة.. ومجزرة جديدة بحي رأس النبـع في بانياس.. والمعـارضة تحـذر مـن «تطهير عرقي»
طائرات إسرائيلية تقصف «شحنة أسلحة» داخل سورية
كشفت وسائل إعلام أميركية أن طائرات حربية إسرائيلية قصفت أهدافاً داخل الأراضي السورية يعتقد أنها شحنة أسلحة، وذلك للمرة الثانية منذ مطلع العام الجاري. وفيما التزمت إسرائيل الصمت حيال التقارير، نفى مصدر عسكري سوري حصول الغارة، في حين أفادت مصادر دبلوماسية في بيروت بأنها استهدفت صواريخ روسية في مطار دمشق الدولي. يأتي ذلك تزامناً مع حركة نزوح واسعة من الأحياء السنية في مدينة بانياس الساحلية، بعد وقوع مجزرة جديدة في حي رأس النبع السني، راح ضحيتها 62 شخصاً على الأقل، بينما حذرت المعارضة السورية من عمليات تطهير عرقي، غداة تأكيد الرئيس الأميركي، باراك اوباما، انه لا يعتزم مبدئياً ارسال جنود اميركيين إلى سورية.
وتفصيلاً، قال العضو في لجنة القوات المسلحة في الكونغرس، ليندسي غراهام، إن إسرائيل قصفت سورية، الليلة قبل الماضية، وذلك بحسب تصريحات خلال العشاء السنوي لجمع الأموال لمصلحة الحزب الجمهوري في ولاية ساوث كارولاينا، الجمعة، نقلها موقع بوليتيكو الإخباري.
وأشارت قناة «سي إن إن» الإخبارية إلى أن وكالات الاستخبارات الأميركية والغربية تدقق في معلومات تحدثت عن قيام إسرائيل بضربة جوية على سورية ليل الخميس الجمعة، تزامناً مع تحليق كثيف للطيران الحربي الإسرائيلي في الأجواء اللبنانية.
وأفاد الجيش اللبناني في بيان، أول من امس، بأن الطيران الحربي الإسرائيلي خرق الأجواء اللبنانية على ثلاث دفعات، مساء الخميس الجمعة، وأن آخر طائرتين غادرتا مجاله الجوي الساعة 15:3 فجر الجمعة. واشارت السلطات اللبنانية إلى نشاط مكثف غير معتاد للقوات الجوية الإسرائيلية فوق اراضيها، يومي الخميس والجمعة. وقال مصدر أمني لبناني إن انطباعه الأوّلي أن الطلعات الإسرائيلية تستهدف رصد شحنات اسلحة محتملة بين سورية ولبنان ربما لـ«حزب الله». وقال المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه نعتقد أنه يتصل بمخاوف إسرائيل من نقل اسلحة، لاسيما اسلحة كيمياوية من سورية إلى حلفائها في لبنان.
من جهتها، قالت شبكة «إم إس إن بي سي» الأميركية، نقلاً عن مسؤولين اميركيين، إن مسؤولين إسرائيليين اعترفوا مساء الجمعة بشن غارة جوية اصابت الداخل السوري، في معلومات التزم المسؤولون الإسرائيليون الصمت حيالها.
لكن مسؤولاً في وزارة الدفاع الإسرائيلية قال لوكالة «فرانس برس» إن إسرائيل تتابع الوضع في سورية ولبنان، خصوصاً في ما يتعلق بموضوع نقل اسلحة كيميائية واسلحة خاصة من النظام السوري إلى حليفه «حزب الله» اللبناني.
وأكد الموقع الإلكتروني لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أمس، صحة التقارير الإعلامية التي تحدثت عن وقوع قصف جوي إسرائيلي لأهداف في سورية.
وقال الموقع استناداً إلى مصدر حكومي إسرائيلي لم تفصح عنه، إن الهجوم لم يستهدف منع تزويد «حزب الله» اللبناني بأسلحة كيميائية سورية، بل استهدف وقف عملية شحن صواريخ متطورة كانت في طريقها إلى ميليشيات الحزب.
ونقل الموقع عن المصدر الحكومي قوله إن هذه العملية لو تمت كانت ستغير موازين القوى في المنطقة.
لكن المصدر لم يفصح عن المكان الذي وقع فيه القصف أخيراً.
من جهته، قال الخبير الاستراتيجي في وزارة الدفاع الإسرائيلية، عاموس جلعاد، أمس، إن الرئيس السوري، بشار الأسد، يحتفظ بالسيطرة على الأسلحة الكيمياوية في سورية، ولا يسعى إليها حلفاؤه في جماعة «حزب الله» اللبنانية. وجاءت تصريحات جلعاد بعد أن كشف مسؤول إسرائيلي آخر أن إسرائيل أرسلت طائرات حربية الجمعة لمهاجمة شحنة صواريخ في سورية متجهة إلى «حزب الله».
وقال جلعاد في كلمة «سورية لديها كميات كبيرة من الأسلحة الكيمياوية والصواريخ، وكل شيء هناك تحت السيطرة (سيطرة حكومة الأسد)».
وأضاف «لا يمتلك (حزب الله) أسلحة كيمياوية، لدينا سبل لمعرفة المعلومات، فهم (الجماعة اللبنانية) لا يتطلعون إلى امتلاك مثل هذه الأسلحة بل يفضلون المنظومات القادرة على تغطية جميع أنحاء إسرائيل».
وقال جلعاد «الأسلحة الكيمياوية تقتل من يستخدمها».
وبينما نفى مصدر عسكري سوري حصول الغارة، أفاد مصدر دبلوماسي في لبنان لـ«فرانس برس» بأن القصف الجوي دمر صواريخ ارض ـ جو روسية سلمت حديثاً إلى سورية، وكانت مخزنة في مطار دمشق الدولي.
وكانت وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا) أفادت الجمعة عن إطلاق مقاتلين معارضين قذيفتي هاون فجراً على حرم المطار، ما أدى إلى حريق في خزان لوقود الطائرات وأضرار في طائرة تجارية.
وأبلغ مسؤول أميركي رفيع المستوى قناة «إن بي سي نيوز» بأن الضربات الجوية استهدفت على الأرجح أنظمة إطلاق لأسلحة كيميائية، لكن مصادر أميركية أخرى قالت إن المعطيات المتوافرة لا تشير إلى هذا الأمر، بحسب «سي إن إن».
ونقلت قناة «إن بي سي» أن الهدف الرئيس للغارة كان شحنة أسلحة سورية متجهة إلى «حزب الله» اللبناني.
وهي المرة الثانية هذا العام التي يقصف الطيران الحربي الإسرائيلي فيها أهدافاً داخل الأراضي السورية، ففي وقت سابق هذا الشهر، اقرت إسرائيل بأنها شنت في يناير غارة جوية استهدفت شحنة اسلحة في طريقها من سورية إلى «حزب الله» في لبنان.
لكن دمشق قالت في حينه إن الغارة استهدفت مركزاً عسكرياً للبحث العلمي قرب العاصمة السورية.
من جهة أخرى، قال أوباما، أول من أمس، في كوستاريكا «بشكل عام، لا أستبعد شيئاً بصفتي قائداً أعلى (للجيش الأميركي)، لأن الظروف تتغير، ويجب التأكد من أنني لا أزال املك السلطة الكاملة للولايات المتحدة للدفاع عن مصالح الأمن القومي الأميركي»، لكنه اوضح انه «بناء على ذلك، لا أرى سيناريو يكون فيه (ارسال) جنود أميركيين إلى الأراضي السورية أمراً جيداً بالنسبة للولايات المتحدة ولا حتى بالنسبة لسورية» الغارقة في نزاع دام منذ أكثر من عامين.
ونفى أوباما أن يكون الموقف الأميركي يتسم بالجمود.
وقال أوباما إن هناك أدلة قوية على أن اسلحة كيميائية استخدمت، لكن «لا نعلم متى وأين وكيف استخدمت».
ميدانياً، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، إن مئات العائلات تفر من الأحياء السنية في مدينة بانياس الساحلية في شمال غرب سورية، وذلك خوفاً من مجزرة جديدة غداة تعرض هذه الأحياء لقصف من القوات النظامية، وبعد أيام من مقتل 51 شخصاً في قرية البيضا السنية المجاورة.
وأفادت لجان التنسيق المحلية في سورية بالعثور على عشرات الجثث بحي رأس النبع في مدينة بانياس بريف طرطوس، التي شهدت خلال اليومين الماضيين حملة إعدامات ميدانية تتهم بشنها قوات النظام.
وعثر أمس على 62 جثة على الأقل في حي رأس النبع السني جنوب مدينة بانياس، اقتحمته القوات النظامية ومسلحون موالون لها من الطائفة العلوية الجمعة. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان في بريد الكتروني «عثر على جثامين عشرات المواطنين الذين استشهدوا خلال اقتحام القوات النظامية يرافقها عناصر من جيش الدفاع الوطني من الطائفة العلوية لحي رأس النبع في بانياس، الذي يقطنه مسلمون سنيون، وان عدد المواطنين الذين توثق استشهادهم بالأسماء أو الصور أو الأشرطة المصورة، بلغ 62 شخصاً».
وأوضح المرصد أن من الضحايا 14 طفلاً، مشيراً إلى أن العدد مرشح للارتفاع بسبب وجود عشرات المواطنين الذين فقد الاتصال بهم.
واعتبر الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية في بيان ان عمليات القتل العشوائي في قرى الساحل السوري تأخذ بالتدريج طابع عمليات تطهير عرقي شبيهة بتلك التي قامت بها القوات الصربية في البوسنة قبل عقدين. ودعا الائتلاف مجلس الأمن الدولي إلى الانعقاد فوراً، لإصدار قرار ملزم يدين بشدة مجازر النظام هذه، ويعتبرها جرائم إبادة جماعية.
وأفادت الشبكة السورية لحقوق الإنسان بأن 116 على الأقل قتلوا، أمس، في سورية، بينهم 84 في بانياس وحدها، مع استمرار العثور على المزيد من جثث الضحايا.
وذكر المركز الإعلامي السوري أن قوات الأمن والشبيحة تحاصر وتستعد لاقتحام قرية المرقب قرب بانياس، التي تشهد حركة نزوح واسعة بين السكان خوفاً من مجازر جديدة ضد المدنيين هناك.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبدالرحمن، قوله إن مئات العائلات تهرب من الأحياء السنية في بانياس خوفاً من مجزرة جديدة، مشيراً إلى أن قصف حي رأس النبعة، الجمعة، أسفر عن سقوط تسعة قتلى على الأقل، فضلاً عن مفقودين ما يمكن أن يرفع الحصيلة.
ووفقاً للناشطين فإن قوات النظام أعدمت الجمعة 28 مدنياً بينهم 20 من عائلة واحدة وتسعة منهم أطفال. كما أُعدم عدد من الأشخاص في منطقة رأس النبع في بانياس، وذلك بعد يوم من إعدام 150 قضى بعضهم ذبحاً في شوارع المدينة، وفق المجلس العسكري في بانياس. في الوقت نفسه قال ناشطون إن قوات النظام ارتكبت مجزرة جديدة في مدينة الرقة، وأضافت لجان التنسيق المحلية أن الطيران الحربي ألقى قنابل عدة على حافلة كبيرة كانت تقل ركاباً مدنيين في شارع المجمع وسط المدينة، ما أسفر عن قتلى وجرحى واشتعال الحرائق في السيارات المجاورة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news