محمد البرغثي تراجع عن استقالته نزولاً عند طلب رئيس الوزراء علي زيدان. أ.ف.ب

وزير الدفاع الليبي يتراجع عن استقالته «الاحتجاجية»

تراجع وزير الدفاع الليبي، محمد البرغثي، أمس، عن استقالته، بعد ساعات قليلة من اعلانها، نزولاً عند طلب رئيس الوزراء، علي زيدان، فيما قدر رئيس الوزراء السابق، محمود جبريل، عدد المسؤولين المستهدفين بقانون العزل، الذي أقره البرلمان، بأكثر من ‬500 ألف شخص.

ووفق ما اعلنت الحكومة الليبية في بيان، فإن رئيسها، علي زيدان، طلب من وزير الدفاع التراجع عن استقالته، في حين أبدى الوزير تفهمه بالنظر إلى الظروف التي تمر بها البلاد، وأكد استمراره في اداء مهامه.

وقبل ذلك، كان وزير الدفاع الليبي، محمد البرغثي، قد أعلن استقالته احتجاجاً على حصار مسلّحين لوزارتين، الأمر الذي وصفه بأنه اعتداء على الديمقراطية بعد نحو عامين من سقوط العقيد الراحل، معمر القذافي. والبرغثي أول وزير يستقيل بسبب أزمة الحصار، حيث رفضت مجموعات مسلّحة رفع حصارها حتى بعد أن أيَّد البرلمان الليبي، الأحد الماضي، قانون العزل السياسي، مؤيداً مطلب المسلحين الرئيس بمنع أي مسؤول كبير شغل منصباً في نظام القذافي، تولي مناصب حكومية.

وقال البرغثي إنه لن يقبل أبداً أن تمارس السياسة بقوة السلاح، واصفاً هذا بأنه اعتداء على الديمقراطية التي أقسم أن يحميها، وأضاف في بيان ألقاه في مؤتمر صحافي بمقر وزارة الدفاع بطرابلس، ظهر امس، مخاطباً الشعب الليبي «أخاطبكم وزيراً للدفاع جئت لهذا المنصب ثائراً، وأقسمت ألا أشارك في مقاتلة أبناء وطني، وأتمنى أن يقتدي بي كل ليبي ثائر يحمل السلاح، أو يملك السلطة في استخدامه، ولن أرضى أن تمارس السياسة بقوة السلاح في دولتنا الجديدة».

وأضاف البرغثي أن اقتحام الوزارات بالزي العسكري وآلة القتل، يمثل اعتداء صارخاً على الديمقراطية والسلطة المنتخبة التي أقسمت أمامكم جميعاً أن أحافظ عليها، لقد حانت الساعة ولحظة الشجاعة لأجد نفسي مضطراً، على الرغم من المعارضة الشديدة التي مورست علي من زملائي طيلة الأيام الماضية من دون راحة، أن أعلن عن تقديم استقالتي طواعية ومن دون تردد، ويعز علي أن أترك هذه الحكومة التي تضم نخبة مميزة من الشخصيات من خيرة أبناء هذا الوطن.

وأعلن متحدث باسم وزارة الدفاع الليبية لوكالة «فرانس برس»، أن وزير الدفاع قدم استقالته في اطار الأزمة الناجمة عن الحصار الذي يفرضه مسلحون على وزارتي العدل والخارجية منذ اكثر من اسبوع.

وأقرَّ متحدث باسم المؤتمر الوطني بأن الحكومة ليس في يدها شيء لفكِّ حصار الوزارتين، وأن على المسلحين رفع الحصار كما وعدوا.

تجدر الإشارة إلى أن محتجين مسلحين يحاصرون وزارتي الخارجية والعدل منذ أيام للمطالبة بإقرار قانون العزل السياسي، وعلى الرغم من إقرار المؤتمر الوطني القانون، أول من أمس، إلا أن المحتجين واصلوا حصارهم للوزارتين للمطالبة بإقالة الحكومة المؤقتة ووضع القانون في دستور ليبيا القادم، حتى يكون غير قابل للإلغاء أو الطعن عليه أمام المحكمة العليا في المستقبل.

على صلة، قدر رئيس وزراء ليبيا السابق، محمود جبريل، عدد المسؤولين المستهدفين بقانون العزل، بأكثر من ‬500 ألف شخص، معتبراً أن القانون سيتسبب في تفريغ الدولة من كوادرها.

وحذر جبريل في مقابلة مع قناة «العربية الحدث» من خطورة قانون العزل السياسي، واصفاً إياه بأنه غير مسبوق في التاريخ المعاصر، ولم يحدث في أي دولة.

ومحمود جبريل هو أحد وزراء العقيد الراحل معمر القذافي، حيث اشتغل معه وزيراً للتخطيط، ويرى مراقبون أن قانون العزل يستهدفه شخصياً وعدداً آخر من المسؤولين الذين عملوا في حقبة القذافي.

وقال جبريل، تعليقاً على إقرار البرلمان الليبي لقانون العزل، إنه جرى تحت الإكراه وبقوة السلاح، مضيفاً أن ليبيا تحتاج إلى قانون عزل ولكن ليس الآن.

وتساءل جبريل بغرابة عن مضمون قانون العزل، الذي يمنع الأشخاص ممارسة مسؤولية سياسية، كما يمنعهم حتى الانخراط في جمعيات المجتمع المدني، وقال في هذا السياق: «نحن شاركنا في إسقاط نظام القذافي، لكن قانون العزل يقول لنا اذهبوا، وأنا أقول إنني قمت بدوري في ثورة ‬17 فبراير، ولا يستطيع أي قانون عزل أن يمحو ذلك من سجلات التاريخ».

وكشف جبريل بالمناسبة عن مساومات وقعت بين الكتل السياسية حتى آخر يوم قبل إقرار القانون، حول أسماء الأشخاص المعنيين بالعزل، وكان الحديث يتركز على «عدم المساس بفلان حتى لا يتم التعرض لعلان»، على حد تعبيره.

ويرى جبريل أن حل الأزمة يكمن في أن يجلس قادة الثورة الحقيقيون للحوار، وأن العزل يجب أن يستهدف السلوكيات وليس الأشخاص.

وعبر محمود جبريل عن قناعته بأن قانون العزل جاء لتصفية حسابات سياسية، وسيوجد حساسيات أيضاً بين الليبيين، مشيراً إلى وجود صراع بين تيار يطالب بدولة مدنية وبين تيار آخر، رفض تحديد معالمه، لكنه تساءل بقوله «أنا أتساءل لماذا تثار مسألة العلمانية والليبرالية في ليبيا وتونس ومصر الآن؟ هذا أمر مخطط له».

وحول تقييمه للوضع الأمني في ليبيا، أوضح رئيس وزراء ليبيا السابق أن الوضع الأمني متردٍّ، والحدود مخترقة، وليست هناك حماية كافية لها.

الأكثر مشاركة