المعارضة تتهم النظام باستخدام «الكيماوي» في ريف دمشق
اتهمت المعارضة السورية، أمس، نظام الرئيس السوري بشار الأسد باستخدام أسلحة كيماوية في ضاحية حرستا بريف دمشق خلال اشتباكات أدت إلى قطع الطريق السريع الممتد شمالاً من دمشق إلى مدينة حمص في وسط البلاد، فيما نشرت صحيفة «لوموند» الفرنسية شهادة اثنين من مراسليها كانا في ضواحي دمشق، وأكدا ان الجيش السوري استخدم اسلحة كيماوية ضد مقاتلي المعارضة. في حين قتل 79 عنصراً من «حزب الله» اللبناني خلال مشاركتهم الى جانب قوات النظام السوري في معارك مدينة القصير الاستراتيجية وسط سورية منذ الاحد الماضي، ما يرفع عدد قتلى الحزب في سورية الى 141 مقاتلاً. بينما فشل الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية، أمس، في التوافق على توسيع قاعدته لتوحيد صفوف المعارضين.
وقالت مصادر في المعارضة السورية ان اشتباكات عنيفة اندلعت بين القوات النظامية ومقاتلي المعارضة في ضاحية حرستا أدت إلى قطع الطريق السريع الممتد شمالاً من دمشق إلى مدينة حمص في وسط البلاد. وأضافت أن القوات النظامية استخدمت أسلحة كيماوية في الهجوم.
وأظهرت لقطات فيديو نشرت على الانترنت من ضاحية حرستا في الشرق صفوفاً من الضحايا يرقدون على الأرض في غرفة كبيرة، وتمت تغطيتهم بالبطاطين ويتنفسون من أقنعة أوكسجين. وأظهر فيديو آخر من حرستا الليلة قبل الماضية اثنين على الأقل من المقاتلين تم وضعهما في حافلة صغيرة وعيونهما تدمع، وكانا يعانيان صعوبة في التنفس، بينما يضع مسعفون أنبوبا في حلق كل منهما.
وقال طبيب أجريت معه مقابلة في فيديو آخر، إن الهجوم الكيماوي المزعوم في حرستا رد على هجوم شنه مقاتلو المعارضة على نقاط تفتيش عسكرية قريبة. وشكا من نقص حاد في العاملين والإمدادات الطبية لعلاج الضحايا.
وأكد الطبيب، الذي لم يذكر اسمه، أن لديهم عشرات من الجرحى من هجوم آخر بقنبلة غاز كيماوية، وأن هناك الكثير من الناس يرقدون على الأرض فقط ولا يوجد من يعالجهم. وتقول جماعة معارضة إن الكثير من المقاتلين الذين تضرروا من الهجوم تعافوا بشكل جيد، بحيث يمكنهم العودة إلى ساحة المعركة، ما يعني أن الهجوم لم يكن شديداً. وقال المركز الإعلامي في حرستا عبر «سكايب» إن كل المصابين أصبحوا في حالة مستقرة وإنهم بخير وعاد كثير منهم بالفعل الى الجبهة. من جهتها، نشرت صحيفة «لوموند» شهادة اثنين من مراسليها كانا في ضواحي دمشق وأكدا ان الجيش السوري استخدم أسلحة كيماوية.
وقال المراسل فيليب ريمي، إنه كان مع زميله «شاهدين لأيام متتالية» على استعمال متفجرات كيماوية وانعكاساتها على مقاتلي المعارضة على جبهة جوبر (الحي الواقع عند مدخل دمشق، دخلته المعارضة في يناير الماضي). ولاحظ المصور لوران فان در ستوك في 13 أبريل كيف ان المقاتلين «بدأوا يسعلون ثم يضعون أقنعة واقية من الغاز من دون تسرع على ما يبدو، لأنهم في الحقيقة قد تعرضوا لذلك من قبل، وكيف جلس بعضهم القرفصاء وهم يختنقون ويتقيؤون». وجمع الصحافيان شهادات عن استعمال تلك المواد «في محيط أوسع بكثير» من حول العاصمة السورية.
وروى مقاتلون وطبيب في تسجيل فيديو صوره لوران فان در ستوك بثته «لوموند» على موقعها الالكتروني، الاعراض التي تتسبب فيها تلك المواد والمتمثلة في صعوبة التنفس وأوجاع الرأس وتوسيع حدقة العين والتقيؤ. وقال طبيب طالباً عدم ذكر هويته، في مستشفى الفاتح في كفر بتنا بمنطقة غوتا على مشارف دمشق «إذا لم نعالجهم فوراً فإنهم يموتون». وأكد اطباء ان عينات اخذت من الضحايا يجرى تحليلها حاليا.
وكتب جان فيليب ريمي، أن «الغازات المستعملة على الجبهات تستخدم من حين لآخر تفاديا لانتشارها بكثافة كي لا تشكل ادلة دامغة»، في حين ينفي النظام السوري استعمال أسلحة كيماوية. وذكر المقال أيضا أن «مصدراً غربياً حسن الاطلاع» أفاد بأن السلطات السورية تلجأ الى «خلط مواد مثل الغازات المسيلة للدموع ليصعب التعرف إلى طبيعة المواد عبر ملاحظة الاعراض».
وفي حمص، قال المرصد السوري لحقوق الانسان، أمس، إن 79 عنصرا من «حزب الله» قتلوا خلال مشاركتهم الى جانب قوات الأسد في معارك مدينة القصير منذ الاحد الماضي، ما يرفع عدد قتلى الحزب في سورية الى 141 مقاتلاً، وفي حين لم يقدم الحزب الشيعي حصيلة لعدد قتلاه في سورية، أفاد مصدر مقرب منه «فرانس برس» أول من أمس، بأن الحزب فقد 110 عناصر خلال الاشهر الماضية.
وقال المرصد في بريد الكتروني ان «عدد عناصر حزب الله اللبناني الذين قتلوا خلال الاشهر الماضية في ريفي دمشق وحمص ارتفع الى 141، بينهم 79 مقاتلاً قتلوا خلال الفترة الممتدة بين فجر 19 مايو الى فجر الأحد (أول من أمس)»، في إشارة الى تاريخ بدء اقتحام مدينة القصير في محافظة حمص (وسط).
وأشار المرصد الى ان 20 عنصراً من الحزب قتلوا في النصف الاول من الشهر الجاري في ريف القصير «بينهم 10 من اللبنانيين المقيمين داخل الاراضي السورية»، في إشارة الى قرى حدودية سورية يقيم فيها لبنانيون شيعة.
وأوضح المرصد ان 42 مقاتلاً قتلوا في الاشهر الماضية في ريفي القصير ودمشق، بينهم اربعة الاسبوع الماضي قرب العاصمة السورية.
وكان مصدر مقرب من الحزب أفاد «فرانس برس» بأن 22 عنصراً من «حزب الله» قتلوا في المعارك في مدينة القصير ومحيطها السبت.
وفي اليوم نفسه، أكد الامين العام للحزب حسن نصرالله في خطاب، استمرار الحزب في القتال داخل سورية، واعداً انصاره «بالنصر» في المعركة.
وغداة الخطاب، سقط صاروخان على منطقة الشياح في الضاحية الجنوبية لبيروت التي تعد المعقل الرئيس للحزب، ما ادى الى اصابة أربعة اشخاص بجروح. ويثير تدخل حزب الله في النزاع السوري جدلا واسعا في لبنان، حيث ينتقد معارضوه المناهضون للنظام السوري هذا التدخل، معتبرين أنه يجر لبنان الى النزاع السوري الدامي.
وفي هذا السياق، أعرب الامين العام للامم المتحدة بان كي مون عن «قلقه البالغ» حيال دور «حزب الله» المتنامي في النزاع الجاري في سورية، داعياً الى تكثيف الجهود لوقف انتشار المعارك الى دول أخرى. ودعا بحسب ما أفاد المتحدث باسمه مارتن نيسيركي في بيان «كل الدول والمجموعات الى التوقف عن دعم العنف داخل سورية». وقال نيسيركي، إن الامين العام يبدي «قلقه البالغ» حيال تصاعد النزاع، خصوصاً في محيط مدينة القصير. واقتحمت قوات نظام الرئيس السوري بشار الاسد مدعومة من «حزب الله» قبل اكثر من اسبوع مدينة القصير الاستراتيجية في وسط سورية القريبة من الحدود اللبنانية. في المقابل، فشل الائتلاف الوطني المجتمع في اسطنبول منذ الخميس الماضي، في التوصل الى اتفاق حول المشاركة في المؤتمر الدولي المزمع عقده حول سورية والمسمى «جنيف 2» بناء على توافق روسي أميركي في هذا الشأن. ومني الائتلاف، فجر أمس، بانتكاسة خطيرة في جهوده الرامية إلى توحيد معارضي نظام الاسد، إذ فشل اعضاؤه المجتمعون في اسطنبول منذ أربعة ايام في التوافق على ضم مجموعة من الأعضاء الجدد ولم يصوتوا إلا على انضمام ثمانية من اصل 22 مرشحاً، ما يلقي بظلال من الشك على مشاركته في مؤتمر «جنيف 2». وبعد اربعة أيام من المحادثات الشاقة في اسطنبول للتوصل الى قائمة من 22 شخصية معارضة للانضمام الى الائتلاف، جرت فجر أمس، عملية تصويت على عضوية هؤلاء، لكن ثمانية اسماء فقط نالت اكثرية الثلثين اللازمة للفوز بعضوية أبرز هيئة في المعارضة السورية.
وفي ختام عملية التصويت قال المتحدث باسم الائتلاف خالد صالح، ان الشخصيات الثمانية التي تمت الموافقة على انضمامها هي ميشيل كيلو وفرح الاتاسي وجمال سليمان وأحمد ابوالخير شكري وعالية منصور وأنور بدر وأيمن الأسود ونورا الأمير. وأبرز المنضمين الجدد المعارض المخضرم ميشيل كيلو (73 عاماً) وهو مثقف ماركسي علماني من أسرة مسيحية، أمضى سنوات عدة في سجون النظام السوري. وقال سفير الائتلاف في فرنسا منذر ماخوس لـ«فرانس برس» عن نتيجة التصويت «هذا أمر سيئ جداً، هذه كارثة».