البشير: «الجنائية» مسيّسة وأداة للاستعمار القديم
اعتبر الرئيس السوداني، عمر حسن البشير، في مقابلة تلفزيونية بثت، أول من أمس، ان الأسلحة التي تتسرب من ليبيا الى العديد من الدول الإفريقية تشكل «تهديداً مباشراً لكل دول المنطقة»، فيما أعلن رئيس النيجر، محمد يوسف، ان اسلاميين متطرفين يحضرون في الجنوب الليبي «لهجوم» على تشاد بعد اعتداءين استهدفا شمال النيجر الاسبوع الماضي، وأعلن الجيش السوداني أنه صدّ هجوماً لمتمردي الجبهة الثورية السودانية، بولاية جنوب كردفان وقتل أكثر من 70 عنصراً منهم. وأعلن وزير الدفاع، عبدالرحيم محمد حسين، استعادة الجيش السوداني مدينة ابوكرشولا التي سيطر عليها متمردو الجبهة الثورية قبل شهر في الولاية.
وتفصيلاً، قال البشير في حديث الى تلفزيون «فرانس-24» إن الزعيم الليبي السابق معمر القذافي «قام بتسليح عدد كبير من ابناء القارة الافريقية» الذين كانوا في ليبيا لمساندته ضد التمرد الذي كان يستهدف الاطاحة به.
وأضاف الرئيس السوداني ان الكثير من الافارقة الذين حملوا السلاح في ليبيا «هم عناصر مناوئون لحكومات بلدانهم او ان السلاح بأيديهم منحهم شعوراً بأنهم باتوا في موقع يخولهم مناهضة هذه الحكومات». واعتبر هذا الوضع «تهديداً مباشراً لكل دول المنطقة ونحن في السودان اخذنا نصيباً كبيراً من هذه الاسلحة وكذلك النيجر ومالي».
ورأى البشير ان كل الدول الافريقية التي تعاني هذه المشكلة «لها مصلحة في جمع السلاح والقضاء على هذه المجموعات والحل الامثل هو في ان تجتمع الاجهزة الامنية لهذه الدول لتأمين حدودها».
ورداً على سؤال حول المحكمة الجنائية الدولية التي تلاحقه بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية، وصف البشير هذه المحكمة بأنها «محكمة سياسية وواحدة من ادوات الاستعمار القديم الذي يتجدد على شكل مؤسسات لترهيب القادة الافارقة».
وبعد ان اشار الى وصول الرئيس الكيني اوهورو كينياتا الى السلطة في بريل الماضي وهو ملاحق ايضاً من قبل المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية، قال ان هذا الأمر دليل على ان المحكمة «موجهة ضد القادة الافارقة الذين يتمردون على هيمنة الغرب»، متهماً الولايات المتحدة بشكل خاص بـ«الضغط على الدول الافريقية».
وتؤكد مصادر عدة ان الناشطين الاسلاميين من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي بشكل خاص حصلوا على اسلحتهم من ليبيا التي تعج بالمسلحين غير المنضبطين والخارجين عن السلطة المركزية في طرابلس.
يأتي ذلك، بالتزامن مع تصريح رئيس النيجر، محمد يوسف الذي قال فيه خلال مراسم على ارواح ضحايا اعتداء اغاديز في 23 مايو «بالنسبة للنيجر بشكل خاص انتقل التهديد الاساسي من الحدود المالية الى الحدود الليبية، وأؤكد ان العدو الذي هاجمنا في اغاديز وارليت يأتي من الجنوب (الليبي) حيث يتم ايضا تحضير هجوم آخر على تشاد».
ولم يوضح رئيس النيجر الذي كان يتحدث امام وفد من تشاد البلد المنخرط مثل النيجر في مالي المجاور في الحرب على المسلحين الاسلاميين المتطرفين، اذا كان قد تم «احباط» مشروع الهجوم الذي تحدث عنه.
واعتبر ان «الوضع في مالي الذي هو إحدى نتائج الازمة في ليبيا، لا يجب ان يحول اهتمام المجتمع الدولي عن بسط الاستقرار في ليبيا التي تمثل اليوم ابرز معقل لزعزعة استقرار منطقة الساحل». وكان رئيس النيجر اكد السبت الماضي ان مدبري اعتداءي اغاديز وارليت قدموا من جنوب ليبيا.
ميدانياً، قال الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة السودانية، العقيد الصوارمي خالد سعد، في بيان، نشرته وكالة الأنباء السودانية «سونا»، إن القوات المسلحة تصدت، أول من أمس، لهجوم «فلول» المتمردين على منطقة الدندور قرب كادقلي عاصمة ولاية جنوب كردفان، وقتلت أكثر من 70 منهم واستولت على دبابتين من طراز «ت55». وأضاف أن عددا من المتمردين فروا إلى خارج المنطقة.
وقال البيان إن القوات المسلحة السودانية تواصل عمليات المطاردة والتمشيط في المنطقة.
وكانت اشتباكات عنيفة دارت بالاسلحة الثقيلة بين «الجبهة الثورية»، وهي تحالف يضم ثلاث حركات متمردة في اقليم دارفور بغرب السودان، والجيش السوداني قرب كادقلي عاصمة ولاية جنوب كردفان اثر هجوم شنه المتمردون على القوات الحكومية، كما أعلن الطرفان اللذان اكد كل منهما انه كبد الآخر «خسائر كبيرة» في الارواح والعتاد.
من جهته، أكد متحدث باسم المتمردين وقوع الهجوم، نافياً الحصيلة التي اوردها الجيش، ومؤكداً بالمقابل ان المهاجمين أسقطوا مروحية للجيش السوداني، ودمروا له دبابة وآلية عسكرية.
وقال المتحدث باسم «الحركة الشعبية-شمال السودان»، ارنو لودي، لـ«فرانس برس» عبر الهاتف من كينيا «قامت قوة تابعة للجبهة الثورية بمهاجمة منطقة الدندور ودمرنا للقوات الحكومية دبابة وعربة لاندكروزر عسكرية وفقدنا خمسة من رفاقنا شهداء كما اسقطنا طائرة هليكوبتر احترقت في الجو وسقطت قرب كادقلي».