«الدستوريـة المصريـة» تقضـي ببـطـــلان قانوني «الشورى» و«التأسيسية»
قضت المحكمة الدستورية العليا، أعلى محكمة مصرية، أمس، بعدم دستورية مواد في قانون مجلس الشورى، الذي يسيطر عليه الإسلاميون، ويتولى سلطة التشريع بصفة مؤقتة، لكن أرجأت تنفيذ الحكم لحين انتخاب مجلس النواب الذي يتولى سلطة التشريع، كما قضت بعدم دستورية قانون الجمعية التأسيسية، التي وضعت دستور البلاد، وهو ما يلقي بالبلاد في أزمة سياسية جديدة، ورحبت المعارضة بالحكم واعتبرته متوقعاً بسبب «البلطجة السياسية»، فيما أعلنت الرئاسة أن «مجلس الشورى مستمر في ممارسة دوره التشريعي كاملاً» لحين انتقال سلطة التشريع لمجلس النواب الجديد، وذلك بعد ساعات من قرار.
وتفصيلاً، قالت المحكمة الدستورية العليا إن «القانون الذي أجريت على أساسه انتخابات مجلس الشورى غير دستوري، وهو ما ينطبق أيضاً على القانون الذي اختير على أساسه أعضاء الجمعية التأسيسية للدستور التي صاغت دستور البلاد».
وقال رئيس المحكمة الدستورية العليا وقاضي تلك القضية، المستشار ماهر البحيري، إن «مجلس الشورى سيظل في موقعه حتى انتخاب مجلس نواب جديد». ولاتزال الأمور غير واضحة حول استمرار سلطة مجلس الشورى في اصدار التشريعات. وقالت مصادر قضائية إلى أن مجلس الشورى لم تعد لديه سلطة التشريع.
وظل مجلس الشورى، الغرفة الأولى للبرلمان المصري، تاريخياً بلا سلطة تذكر حتى مُنح سلطة التشريع بشكل مؤقت بعد حل مجلس الشعب. لكن مصادر اخرى قالت إن سلطته التشريعية ستقتصر على اصدار القانون الذي ينظم الانتخابات الجديدة.
وبالنسبة للدستور، فإنه سيظل سارياً لأن إقراره في استفتاء شعبي حصنه من أي اجراء قانوني ضده.
ومن شأن قرار المحكمة بعدم دستورية مواد في مشروعي قانوني انتخاب مجلس النواب ومباشرة الحقوق السياسية، تأخير انتخاب مجلس النواب أطول مما كان متوقعاً.
من جانبها، قالت الرئاسة في بيان إن «مجلس الشورى مستمر في ممارسة دوره التشريعي كاملاً لحين استكمال مؤسسات الدولة وانتقال سلطة التشريع لمجلس النواب الجديد»، مشددة على ان «رئيس الجمهورية هو الحكم بين السلطات، ويمارس مسؤوليته الدستورية والقانونية، لضمان أن تقوم كل سلطة بدورها كاملاً وفقاً لأحكام الدستور». وأضاف البيان أن «الدستور الذي اُستفتي عليه الشعب، وحاز الأغلبية، هو المرجع الذي يحرص الجميع على العمل به والدفاع عنه»، مؤكدة أن «حمايته واحترامه واجبان على جميع سلطات الدولة».
ورحب سياسيون ليبراليون ويساريون وناشطون يعارضون الرئيس، محمد مرسي، الذي ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين، بحكم المحكمة الدستورية العليا، بينما وجه إسلاميون انتقادات حادة للمحكمة على الرغم من أن الحكم ليس من شأنه تقويض البناء التشريعي القائم.
وقال المنسق العام لجبهة الإنقاذ الوطني، التي تقود المعارضة، محمد البرادعي، في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، إن الحكم «نتيجة متوقعة للفهم المتدني والبلطجة السياسية التي أطاحت بمفهوم الشرعية وسيادة القانون، وأدت إلى ما نحن فيه من انهيار وتخبط»، وأضاف «يجب أن نبدأ من البداية بتوافق وطني حقيقي لوضع إطار دستوري وقانوني جديد ينقذ البلاد ويحفظ كيان الدولة ويخرجنا من المأزق الذي وضعنا أنفسنا فيه».
وقال النائب البرلماني السابق، عمرو حمزاوي، في تغريدة له على «تويتر» ان «الحكم بعدم دستورية التأسيسية يدلل على سلامة موقفنا حين رفضنا المشاركة بها، ويؤكد على ضرورة التعديل الجذري لدستور مشوه أنتجته تأسيسية باطلة».
وقال رجل الأعمال، نجيب ساويرس، الذي كان مقرباً من مبارك في صفحته على «تويتر» إن حكم المحكمة الدستورية العليا بشأن مجلس الشورى والجمعية التأسيسية «شعاع من الأمل في الظلام الذي نعيشه»
ويعتقد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، مصطفى كامل السيد، إن «الحكم يعني ان مجلس الشوري لابد أن يتوقف عن اصدار تشريعات لأن القوانين الصادرة عنه سيتم الطعن عليها، حيث انه حكم عليه بعدم الدستورية». وقال إن «حقيقة ان يبقى المجلس في موقعه حتى الانتخابات المقبلة، تعد نوعاً من انواع المواءمة». ويعتقد كامل ان الحكم يوجد «أزمة للرئيس مرسي وجماعة الإخوان، لأنهم يريدون استخدام مجلس الشورى لتمرير قوانين عديدة يخافون الا يستطيعون تمريرها في البرلمان الجديد».
وقال الباحث اتش ايه هيلر، المتخصص في الشأن المصري في «معهد بروكينغز»، إن «المحكمة اصدرت قراراً يمسك العصا من المنتصف سياسياً».
في المقابل، اعتبر نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، عصام العريان، الحكم بشأن مجلس الشورى دعوة للمضي قدماً على طريق انتخاب مجلس النواب. وقال «المحكمة الدستورية العليا أبقت الأمور على ما هي عليه وحملت كل الجهات مسؤوليتها للسير إلى انتخابات لمجلس النواب»
وقال المتحدث باسم حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، أحمد رامي، إن الحزب لايزال يدرس الآثار المترتبة على القرار. ويعتقد رامي ان مجلس الشورى لابد أن يستمر في عمله «حتى لا يحدث فراغ تشريعي». لكن اخرين يرفضون هذا الطرح.
وقال القيادي في حزب الحرية والعدالة، جمال حشمت، وهو عضو معين بمجلس الشورى لـ«رويترز» «هذه المحكمة تثير الفتن في البلاد بعد حل مجلس الشعب، وهذا استمرار لسياستها القديمة»، واضاف «تحدثت في أمر تم حسمه عن طريق الدستور الجديد».