هولاند قدم أدلة ترغم المجتمع الدولي على التحرك بشأن سورية
اعتبر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، أمس، ان فرنسا «قدمت عناصر أدلة» حول استخدام غاز الأعصاب (السارين) في سورية «ما يرغم المجتمع الدولي على التحرك». في وقت سيطرت قوات النظام السوري و«حزب الله»، على مدينة القصير الاستراتيجية في وسط سورية عقب انسحاب عناصر الجيش السوري الحر من المدينة بسبب نقص الإمدادات، بعد أكثر من سنة من الحصار المفروض عليها، ومعارك طاحنة منذ أكثر من أسبوعين، وفيما هنأت طهران «الجيش والشعب السوريين» على «الانتصار» توعد الجيش الحر باستهداف «حزب الله» داخل الأراضي اللبنانية. في حين قصفت مروحية عسكرية سورية، أمس، بلدة عرسال اللبنانية الحدودية مع سورية. بينما أعلنت روسيا أن مؤتمر «جنيف 2» لن يعقد في يونيو لعدم التوافق حول لائحة المشاركين فيه.
وقال الرئيس الفرنسي أمام الصحافيين بعد أن تسلم في منظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم (يونيسكو) جائزة «فيليكس هوفويه-بوني»، لأنه قرر التدخل في مالي «لقد قدمنا عناصر أدلة ترغم الآن المجتمع الدولي على التحرك» بشأن سورية.
لكنه استدرك رداً على سؤال حول امكانية أن يتدخل تحالف في سورية، وقال «لا يمكننا التحرك إلا في إطار الشرعية الدولية».
وحول مؤتمر السلام حول سورية المسمى «جنيف 2»، رأى الرئيس الفرنسي أن «ما حصل في سورية ينبغي أن يكون عاملا إضافيا للضغط الذي يتعين ممارسته على النظام السوري وعلى حلفائه أيضاً».
وأضاف «لقد قمنا بواجبنا، واجب الحقيقة، لأنه كانت لدينا عناصر تسمح الآن بتأكيد استخدام أسلحة كيماوية في سورية، لكننا لا نعرف بعد على أي مستوى».
وأول من أمس، اتهم وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس نظام الرئيس السوري بشار الاسد باستخدام غاز السارين في سورية مرة واحدة على الاقل، بعد تحليل عينات في فرنسا. وقال «لقد تم تجاوز الحد»، و«باتت كل الخيارات مطروحة على الطاولة».
بدوره أعلن مساعد وزير الخارجية الروسي، غينادي غاتيلوف، عقب اجتماع في جنيف، ان مؤتمر السلام حول سورية الذي اطلق عليه اسم «جنيف 2» لن يعقد في يونيو نظراً إلى عدم التوافق حول لائحة المشاركين فيه، ونقلت وكالات الأنباء الروسية عن غاتيلوف قوله «اتفقنا على عقد اجتماع اخر مثل هذا سنحاول خلاله تقريب مواقفنا نهائياً، وسيكون ذلك على الأرجح نهاية يونيو»، مضيفا أن المسألة «الأصعب» هي لائحة المشاركين في المؤتمر.
على الصعيد الميداني، أعلن الإعلام الرسمي السوري وتلفزيون «المنار» التابع لـ«حزب الله» سقوط مدينة القصير وانسحاب المسلحين منها منذ صباح أمس. وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان وناشطون معارضون الخبر. وبسقوط القصير، لم يبقَ بين أيدي مقاتلي المعارضة في ريف حمص الجنوبي الا قرية البويضة الشرقية الصغيرة التي قالت قناة «المنار» ان المقاتلين المنسحبين من القصير فروا بأعداد كبيرة إليها.
ويرى خبراء أن سقوط القصير قد يسهل سيطرة قوات النظام على مدينة حمص، حيث لايزال مقاتلو المعارضة موجودين في احياء عدة. كما يسيطر المعارضون ايضا على مدينتي الرستن وتلبيسة اللتين تعتبران معقلين مهمين لهم في الريف الشمالي لحمص.
وأكد التلفزيون أن «مدينة القصير اصبحت خالية تماماً من المسلحين بعد تقدم الجيش في احيائها الشمالية»، وان «المسلحين فروا بأعداد كبيرة منها».
وكانت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) ذكرت ان «قواتنا المسلحة الباسلة أعادت الأمن والاستقرار الى كامل مدينة القصير بريف حمص».
ونقلت الوكالة عن مصدر مسؤول قوله «إن جيشنا الباسل قام بعمليات خاطفة ونوعية في مدينة القصير اسفرت عن القضاء على اعداد من الإرهابيين واستسلام اعداد أخرى وإعادة الأمن والأمان الى المدينة كاملة».
وأكد المرصد السوري ان «قوات نظامية ومقاتلين من حزب الله اللبناني يسيطرون حالياً على مدينة القصير»، مشيراً إلى أن اقتحام المدينة تم «بعد غطاء كثيف من القصف على المدينة».
وأوضح مدير المرصد السوري، رامي عبدالرحمن، في اتصال مع «فرانس برس» أن مجموعات من المقاتلين انسحبت باتجاه بلدتي الضبعة والبويضة الشرقية شمال القصير، في حين انسحب بعض المقاتلين في اتجاه بلدة عرسال الحدودية في شرق لبنان، وهي ذات أغلبية سنية متعاطفة عموماً مع المعارضة السورية. وأكدت الهيئة العامة للثورة السورية، إحدى ابرز المجموعات الناشطة ميدانياً، على صفحتها الرسمية على موقع «فيس بوك»، سقوط المدينة.
وجاء على الصفحة «نعم إخواني إنها جولة خسرناها، ولكن الحرب سجال، ونحمد الله أن هيأ لأبطالنا أن يؤمنوا خروج المدنيين والجرحى»، مشيرة الى ان المقاتلين واجهوا «الترسانة المرعبة ونقص الإمدادات، وتدخلاً سافراً من حزب إيران اللبناني أمام سمع العالم وبصره».
ونشرت «تنسيقية القصير» على «فيس بوك» نداء من مشفى البويضة الشرقية أشار إلى «حملة بربرية وقصف همجي تنفذه قوات النظام» على القرية، مضيفة ان «مشفى البويضة الميداني يعج بالجرحى الآن وسط شح كبير في المواد الطبية والمعدات والشاش وغيره»، ودعا «العالم أجمع ومنظمات الإغاثة وحقوق الإنسان» الى تقديم العون.
وهنأت طهران، على لسان نائب وزير الخارجية الإيراني، حسين امير عبداللهيان «الجيش والشعب السوريين بالانتصار على الإرهابيين التكفيريين في مدينة القصير».
وفي اسطنبول، تعهد رئيس أركان الجيش السوري الحر، اللواء سليم إدريس، بمحاربة «حزب الله» داخل لبنان، ونفى أن يكون جيشه يخسر الحرب على الرغم من الانتكاسات الأخيرة وسيطرة الجيش السوري على مدينة القصير.
وقال لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، أمس، إن مقاتلي «حزب الله» «يغزون سورية ولا تفعل الحكومة اللبنانية شيئاً لوقفهم».
واضاف أن المعارضة السورية «لن تقبل بأي دور للرئيس، بشار الأسد، في سورية ما بعد الأزمة، وإذا كان ثمن السلام يعني بقاءه في السلطة، فنحن لا نحتاج إلى هذا النوع من السلام».
وقال إنه «طلب من قادة الجيش السوري الحر، بمن فيهم الموجودون بالقرب من مدينة القصير، محاربة مقاتلي حزب الله داخل سورية فقط، لكن هناك أعداداً كبيرة جداً منهم داخل سورية في القصير وإدلب وحلب ودمشق، وفي كل مكان في البلاد».
وفيما أبدى ثقته بأن قوات المعارضة المسلحة «ستكسب المعركة ضد النظام السوري»، أقرّ إدريس بأن المعركة «ستستمر لسنوات عديدة ستشهد سقوط المزيد من الشهداء والدمار من دون دعم أصدقائنا في الدول الغربية والولايات المتحدة».
في سياق متصل، قصفت مروحية عسكرية سورية، بلدة لبنانية حدودية مع سورية، وقال مصدر أمني لـ«فرانس برس» إن مروحية سورية قصفت، قبل ظهر أمس، بلدة عرسال، مشيراً إلى أن ثلاثة صواريخ سقطت في اطراف البلدة الملاصقة للحدود، بينما سقط صاروخ رابع في وسط البلدة. ولم تتسبب الصواريخ في وقوع اصابات.
وندد الرئيس اللبناني، ميشال سليمان «بشدة بالقصف المروحي السوري الذي طاول بلدة عرسال»، بحسب ما جاء في بيان صادر عن المكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية، ودعا الى «احترام السيادة اللبنانية وعدم تعريض المناطق وسكانها للخطر».