احتقان ومخاوف من حرب شـوارع في تـظاهرات مصر اليوم
تنتظر مصر في أجواء من التوتر والاحتقان الشديدين اليوم تظاهرات 30 يونيو، للمطالبة برحيل الرئيس محمد مرسي، بعد صدامات عنيفة بين أنصاره ومعارضيه، أسفرت عن سقوط سبعة قتلى في الأيام الأخيرة. واحتشد ميدان التحرير بخيم القوى السياسية المعارضة، إذ أعلنت حملة «تمرد» أنها جمعت أكثر من 22 مليون توقيع للمطالبة بسحب الثقة من مرسي. في المقابل، استعدت قوى إسلامية، وعلى رأسها جماعة الاخوان المسلمين بخيم رمزية امام رابعة العدوية. ووسط مخاوف من حدوث مواجهة محتملة وحرب شوارع بين مؤيدي مرسي ومعارضيه، عزز الجيش انتشاره في شتى أنحاء البلاد، محذراً من تدخله حال لم يتمكن الساسة المتنازعون من السيطرة على الشارع، في حين حذر الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية من أتون حرب أهلية، وأعربا عن أملهما أن يكون يوم 30 يونيو يوم حوار مجتمعي، وتعبيراً حضارياً عن الرأي.
وعشية تظاهرات 30 يونيو شهدت «الإمارات اليوم» جولة قام بها قادة حركة «تمرد» لوضع الملامح الاخيرة للتظاهرات، فيما استبقت محافظات مصر الاحداث، فنزلت الى الشارع، في الشرقية والدقهلية والاسكندرية، قبيل انطلاق شرارة التظاهرات القاهرية، كما توافرتألا مؤشرات ان الصعيد، على عكس مرات سابقة، سيكون رقماً مؤثراً في يوميات 30 يونيو، سواء على صعيد جبهة الاخوان وحلفائهم أو جبهة المعارضة.
ورصدت «الإمارات اليوم» نصب أكثر من 100 خيمة في ميدان التحريرألا حتى منتصف ليل الجمعة، وكان جديد الاعتصامات غلبة قوى شبابية جديدة على المشهد، وتحديدا حركة تمرد، التي سيطرت تقريباً على العمل التنظيمي واللجان الشعبية، وحضور «الصحوة الأزهرية السلفية»، وبروز الوجودألا الناصري.
وقال مؤسس حركة تمردألا، محمود بدر، الذي التقتهألا «الإمارات اليوم» وطافت معه الميدان «إن الجماهير المصرية كعادتها فاجأتنا وسبقت كل توقعاتنا السياسية، وسبقت النخبة، ولم تستطعألا الانتظارألا حتى 30 يونيو، ونزلت إلى التحرير بأعداد مكثفة لأنها ملت التسويف».
وقال بدر «هذه الآلاف التي نزلت إلى التحرير والمحافظات، استفزت من خطاب مرسي ألاالذي أصر من أول حرف فيه الى آخره على الانكار، فهو أنكر أن هناك مشكلة سياسيةألا جوهرية في البلد». وأكد بدر أن المشاركين فيألا 30 يونيو سيرفعون أعلام مصر فقط، وأن الحركة تستعد بـ10 آلاف متطوع لضبط سلمية التظاهرات، وأن نشطاءها سيسلمون أي شخص يحاول الإمساك بحجر أو زجاجة مولوتوف، وطرده خارج الميدان».
وأعلنت حملة تمرد أمس أنها جمعت أكثر من 22 مليون توقيع على استمارتها المطالبة بسحب الثقة من الرئيس مرسي. وقال محمود بدر في مؤتمر صحافي في مقر نقابة الصحافيين المصرية إن الحملة جمعت 22 مليوناً و134 ألفاً و465 توقيعاً على مطلب سحب الثقة من الرئيس مرسي.
من جهته، قال مسؤول الاتصال السياسي لحركة تمرد محمد عبدالعزيز، الذي كان بصحبة بدر، إن الحملة رتبت مع كل القوى السياسية تنسيقية فعالة لقيادة العمل الميداني يوم 30 يونيو، وستتخذها منطلقاً لرؤية سياسية موحدة للسيناريوهات المحتملة بعد ذلك.
وأعلن عدد من أعضاء مجلس الشورى المصري (الغرفة الثانية للبرلمان التي تتولى سلطة التشريع حالياً) المنتمين للتيار المدني، استقالتهم من المجلس أمس، دعماً للتظاهرات المعارضة. وقال رئيس مجلس الشورى أحمد فهمي في بيان ان ثمانية من أعضاء المجلس استقالوا من المجلس وقدم لهم الشكر في حين أعلن عدد آخر استقالته ولم تقبل بعد رسمياً.
وشهد ميدان التحرير أمسألا شقاقاً محدوداً، لكن متكررا، بين من يهتفون منادين بنزول الجيش، والفريق عبدالفتاح السيسي، والمعارضين من الثوار، وتطور الشقاق الى اشتباك بالحجارة والطوب. وعكست الصحف الانقسام في مصر التي يسود فيها جو سياسي متوتر، تزيد الازمة الاقتصادية والتوترات الدينية والمذهبية من حدته.
وعنونت صحيفة الجمهورية الحكومية «معركة الميادين»، في إشارة إلى التجمعات الكبيرة التي نظمها كل من الجانبين.
أما صحيفة المصري اليوم المستقلة فقد كتبت «جو الثورة يعود الى ميدان التحرير»، الذي شهد التجمعات التي أفضت الى تنحي الرئيس السابق حسني مبارك، مطلع 2011. أما صحيفة الاخوان المسلمين، الحرية والعدالة، فعنونت «دفاعاً عن الشرعية» بينما عنونت صحيفة التحرير القريبة من المعارضة العلمانية «مصر ضد الاخوان».
وتظاهر مئات الآلاف من المصريين الجمعة في القاهرة ومحافظات عدة، بعضهم للمطالبة برحيل مرسي، والآخرون للدفاع عن شرعيته. وقد وقعت اشتباكات عنيفة بين الطرفين في الاسكندرية، أسفرت عن سقوط ثلاثة قتلى، أحدهم أميركي يدعى اندرو بوشتر (21 عاماً) كان يعمل لمنظمة غير حكومية وقتل بينما كان يلتقط صوراً في الاسكندرية. ومنذ الاربعاء قتل سبعة أشخاص في الصدامات، خصوصاً في الاسكندرية ودلتا النيل.
وفي العريش، شمال سيناء، قتل مجهولون أمس، العقيد محمد هاني الذي يعمل مفتشاً للداخلية. وقال مصدر امني، ان الضابط قتل بست رصاصات في الرأس في احد شوارع العريش. وأضاف ان مجهولين كانوا يستقلون سيارة قطعوا عليه الطريق وأطلقوا عليه الرصاص من بنادق رشاشة.
وخوفاً من أعمال عنف وتدهور للوضع الامني قبل التظاهرات المليونية التي دعت إليها حملة تمرد والمعارضة للمطالبة بإسقاط مرسي، في الذكرى الاولى لتوليه السلطة، انتشر الجيش في المدن الرئيسة لحماية مؤسسات الدولة ومنشآتها الحيوية.
واتهم القيادي في جماعة الاخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة محمد البلتاجي في كلمة أمام المتظاهرين، مساء الجمعة، جبهة الإنقاذ بالتدبير لانقلاب على الشرعية.
وقال إن المعارضة الممثلة بحركة تمرد وجبهة الانقاذ الوطني تهدد بأنها «ستلقي القبض في 30 يونيو على محمد مرسي وتحاكمه، وبأنها ستعطي بعد ذلك الرئاسة الشرفية إلى رئيس المحكمة الدستورية العليا وتشكل حكومة، وأنها ستقوم بحل مجلس الشورى (الذي يتولى حالياً السلطة التشريعية) وتعطل الدستور». وأضاف «هذا اسمه انقلاب ولن نسمح به ولو على رقابنا».
وكانت جماعة الإخوان والأحزاب السلفية المتحالفة معها أعلنت عن تنظيم هذا الاعتصام المفتوح استباقاً لمسيرات وتظاهرات الثلاثين من يونيو، التي دعت اليها حملة تمرد والمعارضة، للمطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة، ومن بين هذه المسيرات واحدة اطلق عليها «الزحف الى الاتحادية».
في الأثناء أعربت أعلى هيئتين دينيتين في مصر عن إدانتهما لكل اعمال العنف والقتل التي تجري وسط حالة من الانقسام والاحتقان بين مؤيدي ومعارضي مرسي، وحذرتا من أتون حرب أهلية لا تبقي ولا تذر.
وأعرب الأزهر الشريف، أمس، عن أمله أن يكون يوم 30 يونيو يوم حوار مجتمعي وتعبيراً حضارياً عن الرأي، ولعل ذلك اليوم يكون حافزاً للنخب السياسية إلى تفاهم يقي الوطن الذي نعيش فيه جميعاً البديل الخطير الذي يهددنا بالحرب الأهلية التي لا تبقي ولا تذر، كما أن الأزهر لا يمل من التحذير من الوقوع في أتونها الكريه.
وفي الوقت نفسه، أكدت دار الإفتاء المصرية، أمس، أن حمل السلاح في التظاهرات السلمية، أياً كان نوعه، حرام شرعاً، ويوقع حامله في إثم عظيم، وشددت على حرمة الدم المصري كله، مؤكدة رفضها التام للعنف بكل أشكاله، والذي أدى إلى إراقة دماء الأبرياء على اختلاف انتماءاتهم، كما استنكرت الدار أيضاً الاعتداء على المساجد والمنازل والممتلكات العامة والخاصة في اليومين السابقين.
من جهتها دعت وزارة الأوقاف الى عدم الزج بالمساجد في أي صراعات سياسية، وطالبت المواطنين بالتصدي لأي تجاوز ضد المساجد. وناشدت المصريين الحفاظ على حُرمة المساجد والوقوف في وجه أي اعتداءات أو تجاوزات ترتكب في حقها أو الزج بها في خلافات أو صراعات سياسية.