مصر تؤكد التصدي لـ «إرهاب الإخوان» بكل قوة
أكد مجلس الوزراء المصري، أمس، تصميمه على مواجهة «الأعمال الارهابية والعمليات التخريبية التي تقوم بها عناصر من تنظيم الاخوان»، وحذر من مخطط اجرامي يهدف الى هدم أركان الدول، وأكد أنه سيتصدى بكل قوة وحسم لأية محاولات للاعتداء على المواطنين والمنشآت أو الممتلكات العامة، وقررت وزارة الداخلية استخدام الذخيرة الحية في مواجهة أي اعتداء على المنشآت أو القوات، فيما قَبل الرئيس المصري المؤقت، المستشار عدلي منصور استقالة نائبه للعلاقات الدولية، الدكتور محمد البرادعي، وأعلنت جماعة الاخوان أنها وحلفاءها تلقوا ضربة قوية من حملة أجهزة الأمن ضدهم، وأنهم فقدوا قدرتهم على التنسيق المركزي، وأن العنف معناه أن الغضب «خرج عن نطاق السيطرة» الآن. وأكدت باريس رغبتها في تفادي «حرب أهلية» في مصر، في حين طالبت تركيا بعقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن لبحث الوضع في هذا البلد.
وتفصيلاً، قال المجلس في بيان نقلته البوابة الإلكترونية لصحيفة «الأهرام» أن أعمال العنف تلك «تدور في إطار مخطط إجرامي يهدف بوضوح إلى تقويض أركان الدولة المصرية بإشاعة الفوضى وهدم مؤسسات الدولة». وجاء في البيان أن هذا الأمر «تجلى بوضوح في مهاجمة مديريات الأمن وحرق أقسام الشرطة وقتل ضباطها وجنودها والتمثيل بجثامينهم بما يخالف كل الشرائع السماوية». وأضاف «كما امتدت يد الإجرام إلى مجمعات المحاكم والمستشفيات ومباني الجامعات ومحطات المياه والمتاحف الاثرية ومحطات السكك الحديدية والعبث بخطوطها، الأمر الذي يعرض حياة الملايين للخطر وكل هذا يخرج تماماً عن إطار التظاهر السلمي المسموح به قانوناً».
أوقعت عملية فض اعتصامي أنصار مرسي، المنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين في القاهرة، وما أعقبها من اعمال عنف في مختلف أنحاء البلاد 525 قتيلاً، أول من أمس، بحسب حصيلة رسمية جديدة أمس.
وفي الوقت الذي ظهرت تقارير نقلت عن مصادر أمنية تفيد بأنه تم إلقاء القبض على عدد من قادة الجماعة الإسلامية، فإن وزير الداخلية، اللواء محمد إبراهيم، نفى صحة ذلك، مؤكداً أن البحث لايزال جارياً عنهم.
وتعهد إبراهيم بإعادة الأمن إلى مستواه قبل الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك عام 2011، في علامة على عودة الثقة إلى قوة الشرطة. وقال إبراهيم «أنا أعد أنه بمجرد أن تستقر الاحوال ويستقر الشارع المصري في أقرب وقت ممكن، سيتم إعادة الامن لهذا الوطن كما لو كان قبل 25 يناير وأكثر».
وفي خطوة استثنائية استدعى الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، السفير المصري في فرنسا إلى قصر الاليزيه، ليؤكد له «ضرورة بذل كل الجهود لتفادي حرب اهلية» في مصر. وقال هولاند في بيان، إن «فرنسا متمسكة بالبحث عن تسوية سياسية وترغب في تنظيم انتخابات في أقرب وقت ممكن، تنفيذاً لما تعهدت به السلطات الانتقالية المصرية».
كما أعلنت وزارة الخارجية البريطانية أنها استدعت السفير المصري في لندن لتعرب له عن «قلقها الشديد»، داعية السلطات إلى التحرك «بأكبر قدر من ضبط النفس».
من جانبها، نددت تركيا بعنف بالأحداث الدامية التي شهدتها مصر، حيث قال رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، للصحافيين «يجب ان يجتمع مجلس الأمن سريعاً لمناقشة الوضع في مصر».
كما استدعت برلين، أمس، السفير المصري في ألمانيا ومثلها فعلت لندن وروما في حين أعربت الصين عن «القلق الشديد»، ودعت إلى «ضبط النفس». وعلى هامش زيارته الحالية لتونس، قال وزير الخارجية الألماني، غيدو فيسترفيله «أعتقد أنه يكون من المنطقي الآن أن يجتمع الممثلون الأوروبيون والدول الأوروبية سريعاً، وربما يكون ذلك على المستوى الوزاري». وأضاف أن من الممكن أن يتم التشاور خلال الاجتماع حول نهج مشترك للاتحاد الأوروبي إزاء الأزمة في مصر. وتابع «هذا لأننا نتحدث هنا عن جوار أوروبا، وليس هذا الأمر في أي مكان، بل في جوارنا».
واعتبر وزير الخارجية النرويجي، اسبن بارث ايدي، أن ما يحصل في مصر يحمل «كل مواصفات الانقلاب العسكري»، مضيفاً «هناك رئيس منتخب أقيل ونائب رئيس استقال، والرجل القوي هو قائد عسكري».
من جانبه، صلى البابا فرنسيس، أمس، من أجل ضحايا العنف ومن اجل «السلام والحوار والمصالحة». وقال في عظته في كاستيل غاندولفو القريبة من روما «تصل ويا للأسف انباء مؤلمة جداً من مصر، وأرغب في توجيه صلاتي إلى الضحايا واسرهم والى الجرحى والذين يتألمون»، مضيفاً «فلنصل معاً من اجل السلام والحوار والمصالحة في هذه الارض الغالية».
وفي واشنطن دان وزير الخارجية الاميركي، جون كيري «بقوة العنف واراقة الدماء» في مصر. وندد بالقمع «المؤسف»، لأنصار مرسي، معتبراً انه «ضربة خطيرة للمصالحة ولآمال الشعب المصري في انتقال ديمقراطي». في المقابل لم يشر كيري، الذي أعرب أكثر من مرة في الاشهر الأخيرة عن دعمه للجيش المصري، بكلمة، إلى المساعدة العسكرية السنوية التي تقدمها واشنطن للقاهرة والبالغة 1,3 مليار دولار.
وأعلنت المفوضة العليا لحقوق الإنسان في الامم المتحدة، نافي بيلاي، في بيان صدر في جنيف، أنه «ينبغي (إجراء) تحقيق مستقل، محايد، فعلي وذي صدقية حول سلوك قوات الأمن»، مشددة على وجوب «محاسبة جميع من تثبت إدانتهم» في هذه الاحداث.
ميدانياً، تواصلت، أمس، أعمال العنف حيث قتل سبعة جنود في هجوم شنه مسلحون على نقطة تفتيش جنوب العريش، فيما قتل اثنان من عناصر قوات الأمن المصرية في هجومين لأنصار مرسي على مركزين أمنيين في مدينتي أسيوط (وسط) والعريش (شمال)، وفقاً لمصادر امنية. وقام مجهولون بإلقاء زجاجات مولوتوف على مبنى مجلس مدينة العريش بوسط المدينة الذي يضم مكاتب لجميع المصالح الحكومية في شمال سيناء. وكان مجهولون قاموا بإحراق مكتب التجنيد في الطابق الأول بمجلس مدينة العريش، أول من أمس.
كما اقتحم عدد من عناصر جماعة الاخوان مبنى محافظة الجيزة، وأشعلوا فيه النيران، بحسب لقطات عرضتها قناة «سي بي سي» التلفزيونية الخاصة.
وتعرضت أيضاً أربع كنائس على الأقل في مناطق مختلفة إلى هجمات، في وقت اتهم ناشطون مسيحيون أنصار الرئيس المعزول بشن «حرب انتقامية ضد الأقباط».
واقتحم مسلّحون مجهولون مبنى مجمَّع محاكم مدينة العيَّاط جنوب القاهرة وأطلقوا النار بشكل عشوائي، ما أسفر عن سقوط عدد من القتلى والجرحى. وأشارت المصادر إلى أن المهاجمين اقتحموا المبنى واستولوا على صناديق من الأوراق وأجهزة الكمبيوتر، ولاذوا بالفرار، ويُرجَّح أن يكون المقتحمون من الخارجين على القانون ويرغبون في سرقة أوراق قضايا متهمين فيها.
وأكدت السلطات المصرية إغلاق معبر رفح البري على الحدود مع قطاع غزة لأجل غير مسمى بسبب الاوضاع الامنية في البلاد. ولم يصدر حتى الآن أي رد فعل رسمي من اسرائيل على الاحداث في مصر.
وفي ميدان رابعة العدوية في شرق القاهرة، عملت السلطات منذ ساعات الصباح الأولى من أمس على إزالة آثار المواجهات الدامية، بينما كان مئات المتظاهرين يتجمعون في مسجد قريب انتشرت فيه عشرات الجثث.
وأغلقت عناصر من الجماعة شارع مكرم عبيد بمدينة نصر شرق القاهرة أمام مسجد الايمان من الاتجاهين ظهر أمس من خلال حواجز وضعوها بالشارع. وذكر مراسل وكالة الأنباء الألمانية، أن عناصر من الجماعة وقفت على تلك الحواجز بعصي حديدية وأخرى خشبية ومنعت مرور السيارات والمارة.
وتجمع في مسجد الايمان الذي سيطرت عليه جماعة الإخوان الليلة قبل الماضية أكثر من 3000 عنصر وأعلنوا اعتصامهم في المسجد وتنظيم فعاليات احتجاجية اليوم بعد الصلاة انطلاقاً من المسجد.
وفيما كان الهدوء الحذر يسيطر على شوارع القاهرة، التي خلت من ازدحاماتها اليومية، دعت جماعة الإخوان المسلمين أنصارها إلى مسيرة جديدة أمس، تنطلق من مسجد الايمان تنديداً بعملية فض الاعتصامين.
كما قال المتحدث باسم الجماعة، جهاد الحداد، على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» ان جماعته ستبقى «سلمية، وقوية»، وستمضي «إلى الامام حتى نسقط الانقلاب العسكري».
وقال المتحدث إن الجماعة وحلفاءها تلقوا «ضربة قوية جداً» من حملة قادتها أجهزة أمن الدولة، وإنهم فقدوا قدرتهم على التنسيق المركزي. وأضاف أن اثنين من قيادات الجماعة أصيبا بالرصاص حين اقتحمت الشرطة الاعتصامين، وقال إن العنف معناه أن الغضب «خرج عن نطاق السيطرة الآن».