تقدم للنظام في اللاذقية.. والأمم المــتحدة تبحث عن «الكيماوي»
استعادت القوات السورية النظامية، أمس، السيطرة على قرى استولى عليها مقاتلو المعارضة أخيراً في ريف محافظة اللاذقية (غرب)، في وقت بدأ فريق الأمم المتحدة عمله للتحقيق في احتمالات استخدام أسلحة كيماوية في النزاع المستمر منذ نحو 30 شهراً. وفي وقت أكد الرئيس السوري بشار الأسد، تصميمه على «اجتثاث الإرهاب» من سورية «من خلال تلاحم بين الجيش والشعب، قالت الأمم المتحدة إن أكثر من 20 ألف لاجئ سوري دخلوا شمال العراق منذ يوم الخميس الماضي، في واحدة من أكبر عمليات النزوح خلال الصراع المستمر في سورية.
وأكد مصدر عسكري سوري، أمس، أن الجيش السوري استعاد السيطرة على كل المواقع التي استولى عليها مقاتلو المعارضة خلال الاسبوعين الاخيرين في ريف اللاذقية.
وقال المصدر لوكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) ان «وحدات من جيشنا الباسل تحكم سيطرتها على جبل النبي اشعيا والمنطقة المحيطة به بالكامل في ريف اللاذقية الشمالي في إطار ملاحقتها لفلول المجموعات الارهابية المسلحة التي تسللت» إلى المنطقة.
وتعتبر محافظة اللاذقية نقطة ثقل للطائفة العلوية التي ينتمي اليها الرئيس السوري. وتتحدر عائلة الاسد من بلدة القرداحة الواقعة في ريف اللاذقية.
وكانت مجموعات مسلحة معارضة شنت منذ نحو اسبوعين معركة «تحرير الساحل» انطلاقا من معاقل لها في مناطق نائية في ريف اللاذقية، وتمكنت من السيطرة على نحو 10 قرى.
وذكر مصدر أمني سوري لـ«فرانس برس»، أمس، أنه لم يتبق تحت سيطرة المعارضة المسلحة في منطقة ريف اللاذقية الا منطقة سلمى الاستراتيجية المحاذية لتركيا والتي سقطت في نهاية 2012.
من جهته، أكد المرصد السوري لحقوق الانسان أن «القوات النظامية تمكنت من استعادة السيطرة على جميع المراصد العسكرية التي سيطرت عليها الكتائب المقاتلة قبل نحو اسبوعين. كما تمكنت، مدعمة بقوات الدفاع الوطني، من إعادة السيطرة على تسع قرى يقطنها مواطنون من الطائفة العلوية في ريف اللاذقية الشمالي».
وكان المرصد افاد، أول من أمس، عن اسقاط الكتائب المقاتلة طائرة حربية في منطقة سلمى كانت تشارك في القصف في جبل الاكراد، مشيرا إلى ان «الطيار قفز بالمظلة، ويعتقد ان مجموعة مقاتلة أسرته».
وحصل هذا التقدم لمصلحة قوات النظام في وقت بدأ فريق محققي الامم المتحدة حول الاسلحة الكيماوية عمله في سورية، للتأكد من صحة الاتهامات المتبادلة بين فريقي النظام والمعارضة في شأن استخدام أسلحة محظورة.
ويتألف الفريق من 10 مفتشين يفترض ان يمضوا بحسب الامم المتحدة 14 يوما في سورية يمكن تمديدها بموافقة متبادلة.
واعلنت الامم المتحدة في نهاية يوليو الماضي أن دمشق ستسمح لخبراء المنظمة الدولية بالتحقيق في ثلاثة مواقع تحدثت معلومات عن استخدام سلاح كيماوي فيها، احدها خان العسل في ريف حلب (شمال). وتبادل النظام والمعارضة الاتهامات باستهداف خان العسل بسلاح كيمائي في مارس الماضي، ما ادى إلى مقتل نحو 30 شخصا.
وكان دبلوماسيون في الامم المتحدة أفادوا بأن المفتشين سيزورون موقعين آخرين هما الطيبة في ريف دمشق حيث رصد هجوم بسلاح كيمائي في مارس، ومدينة حمص (وسط) حيث يشتبه بوقوع هجوم كيمائي في 23 ديسمبر.
وتقول الامم المتحدة ان فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الداعمة للمعارضة السورية، ابلغتها بان قوات النظام نفذت 13 هجوما بالسلاح الكيماوي في سورية، في حين ابلغت موسكو الداعمة للنظام الامم المتحدة بانها اجرت تحقيقا كشف استخدام المعارضة المسلحة لغاز السارين (الأعصاب) في خان العسل. وكان الاسد جدد أول من أمس، تصميمه على «اجتثاث الارهاب» من سورية.
وقال بحسب ما نقلت عنه (سانا) إن «سورية رحبت بكل الجهود البناءة والصادقة لإيجاد حل سياسي للأزمة» المستمرة منذ منتصف مارس 2011، لكنها «في الوقت نفسه مصممة على مواجهة الارهاب حتى اجتثاثه من جذوره».
واعتبر ان دمشق «قادرة على ذلك من خلال تلاحم قل نظيره بين جيشها الباسل وشعبها المفعم بإرادة الحياة والايمان بالوطن».
من ناحية أخرى، افاد المرصد عن اشتباكات عنيفة، أمس، «بين القوات النظامية ومسلحين من اللجان الشعبية الفلسطينية المسلحة الموالية لها من طرف ومقاتلي الكتائب المقاتلة من طرف اخر عند مداخل مخيم اليرموك» في جنوب دمشق، وفي حي برزة في شمال العاصمة. ونفذ الطيران الحربي السوري غارات على مناطق في السيدة زينب، وعلى مدينة دير الزور في شرق سورية، وبلدة ديرك في محافظة الحسكة (شمال شرق).
إلى ذلك، يلتقي مسؤولون روس وأميركيون كبار في لاهاي الاسبوع المقبل لمناقشة التحضيرات لمؤتمر «جنيف 2» للسلام حول سورية والذي تأخر انعقاده طويلاً.
وقال نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف لوكالة «انترفاكس» الروسية للأنباء ان «هذا الاجتماع سيعقد منتصف الاسبوع المقبل في لاهاي». وسيشارك في الاجتماع مبعوث الامم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى سورية الاخضر الابراهيمي، بحسب ما افاد مصدر دبلوماسي روسي لم يكشف عن هويته لوكالة «ايتار-تاس» للأنباء.
ولم يكشف غاتيلوف او المصدر الدبلوماسي عن اسماء المسؤولين الروس والاميركيين الذين سيشاركون في الاجتماع، كما لم يكشفوا عن التاريخ المحدد للمحادثات. واتفقت موسكو وواشنطن في مايو الماضي على اجراء محادثات «جنيف2» التي تهدف إلى ايجاد حل للازمة السورية. وكان غاتيلوف صرح الاسبوع الماضي ان اجتماع «جنيف2» لن ينعقد على الارجح قبل أكتوبر، بسبب الجدول الدبلوماسي المزدحم في سبتمبر مع اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
في سياق متصل، قالت الأمم المتحدة، أمس، إن أكثر من 20 الف لاجئ سوري دخلوا شمال العراق منذ يوم الخميس الماضي، في واحدة من أكبر عمليات النزوح خلال الصراع المستمر في سورية منذ أكثر من عامين. وذكرت الامم المتحدة ان اللاجئين السوريين بدأوا في التدفق على المنطقة الكردية في شمال العراق منذ يوم الخميس الماضي، مستفيدين من جسر جديد أنشئ في منطقة الحدود وأن التدفق مستمر. وقال ادريان إدواردز من مفوضية الامم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين «يبدو أن العدد الاجمالي منذ يوم الخميس وحتى الآن هو نحو 20 ألفا او أكثر، لو لم يكن هذا أكبر تدفق عبر الحدود خلال فترة زمنية واحدة فهو من أكبرها خلال الازمة السورية كلها». وذكر موظفو المفوضية ان مئات السوريين الفارين من القتال في حلب ومناطق اخرى في شمال سورية تجمعوا، أمس، عند نهر دجلة قرب المعبر.