تأكيد أميركي ــ بريطاني على استخــــــدام الأسد للكيماوي
أعلنت لندن، أمس، أن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والرئيس الأميركي باراك أوباما «ليس لديهما أي شك حول مسؤولية نظام الرئيس السوري بشار الاسد في هجوم كيماوي الأسبوع الماضي، على ريف دمشق. في حين بحث سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي مسودة قرار تقدمت به بريطانيا يدين استخدام الكيماوي، ويدعو إلى حماية المدنيين. وفيما يحذر حلفاء دمشق من تداعيات «كارثية»، تزعزع استقرار المنطقة حال شن الغرب عملا عسكريا ضد نظام الاسد، أكد مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى سورية، الأخضر الإبراهيمي، أن أي عملية عسكرية تستدعي «ضوءاً أخضر» من مجلس الأمن، بينما بدأت دول غربية وإقليمية الاستعداد للضربة الغربية الوشيكة ضد دمشق.
وقالت رئاسة الحكومة البريطانية، في بيان، إن كاميرون وأوباما اللذين تحادثا هاتفيا مساء أول من أمس، وبحثا الوضع في سورية «اتفقا على أن كل المعلومات المتوافرة، تؤكد وقوع هجوم كيماوي، ولفتا إلى أن حتى الرئيس الايراني (حسن روحاني)، والنظام السوري أقرا بذلك». وأضافت أن المسؤولين «اتفقا على أنه ليس هناك أي شك حول مسؤولية نظام الاسد».
وأفاد مكتب رئيس الوزراء بأن الادلة تشير بوضوح إلى أن قوات الاسد نفذت هجوما بالأسلحة الكيماوية، الاربعاء الماضي، في ريف دمشق، أدى إلى مقتل المئات، بحسب المعارضة.
وجاء في البيان ان «قوات النظام كانت في تلك الفترة تنفذ عملية عسكرية، لاستعادة السيطرة على هذه المنطقة من المعارضة، وليس هناك ما يدل على ان المعارضة لها القدرة على شن مثل هذا الهجوم بالأسلحة الكيماوية». وأشار البيان إلى أن «رئيس الوزراء أكد ان الحكومة لم تتخذ حتى الان اي قرار حول طبيعة ردنا تحديدا، لكنه سيكون منسجما مع القانون ومتناسبا مع الهجوم الكيماوي».
وناقش سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي، خلال اجتماع في مقر الامم المتحدة، مسودة قرار تقدمت به بريطانيا إلى مجلس الامن بشأن سورية.
وكان كاميرون أعلن في وقت سابق، أمس، أن لندن ستقدم مشروع قرار إلى مجلس الامن الدولي «يدين الهجوم الكيماوي»، الذي وقع في 21 أغسطس الجاري، في سورية و«يسمح باتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية المدنيين». وأوضح مكتب كاميرون أن مشروع القرار «سيسمح بكل الاجراءات اللازمة، بموجب الفصل السابع في الامم المتحدة لحماية المدنيين من الاسلحة الكيماوية» في سورية، والفصل السابع مخصص لأي «عمل حال حصول تهديد للسلام، وخرق للسلام وعمل عدواني».
وترغب بريطانيا في أن يسمح القرار باتخاذ «جميع الاجراءات الضرورية لحماية المدنيين»، الا أنه من المتوقع ان تعارض روسيا بشدة أي خطوات غربية باتجاه توجيه ضربات عسكرية ضد أهداف سورية، ردا على استخدام اسلحة كيماوية في ريف دمشق، الاسبوع الماضي.
وقال دبلوماسي إنه حال اقر النص البريطاني، فإنه سيضفي شرعية اكبر على ضربة عسكرية محتملة لنظام الأسد.
من جهته، دعا الامين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، أعضاء مجلس الأمن إلى «التحرك من اجل السلام في سورية». وقال «وصلنا إلى اللحظة الاكثر خطورة في هذا النزاع».
وفشل مجلس الأمن، خلال النزاع السوري المستمر منذ اكثر من عامين، في الاتفاق على مقاربة مشتركة للازمة، لاسيما مع استخدام موسكو والصين حق النقض (الفيتو)، ثلاث مرات، لمنع صدور أي قرار يدين النظام.
على الخط الاميركي، أرسى نائب الرئيس جو بايدن أسس تدخل عسكري محتمل للمرة الاولى، فيما وعد البيت الابيض بتقديم أدلة يرفع عنها السرية هذا الاسبوع، لإثبات أن النظام يقف وراء الهجوم.
وأضاف أن «الرئيس يعتقد وكذلك أنا، أن هؤلاء الذين استخدموا اسلحة كيماوية ضد رجال ونساء وأطفال عزل، يجب ان يحاسبوا».
ويتوقع محللون اطلاق صواريخ كروز من غواصات أميركية، وأخرى تابعة للحلفاء، أو من سفن ويحتمل من طائرات، على سورية من خارج مياهها الاقليمية او أجوائها.
وفي جنيف، قال الأخضر الإبراهيمي في مؤتمر صحافي، إن «ضوءاً أخضر لمجلس الامن الدولي ضروري للتدخل عسكريا في سورية بموجب القانون الدولي». وأضاف بإلحاح «يجب ان اقول إن الرئيس أوباما والادارة الأميركية معروفان بأنهما ليسا متسرعين في شن هجوم، لست أدري ما الذي سيقررونه، لكن القانون الدولي واضح جداً».
بدوره، أكد المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية في إيران آية الله علي خامنئي أن «التدخل الاميركي سيكون كارثة للمنطقة»، معتبرا ان «المنطقة برميل بارود، ولا يمكننا التكهن بالمستقبل»، حال توجيه ضربة إلى سورية.
فيما شدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في مكالمة هاتفية، أجراها مع الابراهيمي على «محاولات الحل العسكري، لن تقود سوى إلى زعزعة الاستقرار أكثر في البلد والمنطقة». والتقى وزير الدفاع الاميركي تشاك هاغل، أمس، نظراءه في آسيا، حيث تسعى الولايات المتحدة، لتعزيز استراتيجيتها الجديدة القاضية بإعادة التموضع في المنطقة.
وقال هاغل في مقابلة مع الـ«بي بي سي»، «نحن مستعدون، وقد جهزنا امكاناتنا، لنتمكن من تنفيذ أي خيار يرغب فيه، ونحن على أهبة الاستعداد للتحرك بسرعة». تجاه سورية
وفي بروكسل، اعتبر أمين عام حلف شمال الأطلسي (الناتو)، أندرس فوغ راسموسين، أمس، أن استخدام السلاح الكيماوي في سورية تهديد للسلام والأمن الدوليين «ولا يمكن أن يمرّ من دون رد».
وقال في بيان إن النظام السوري يحتفظ بترسانة من الأسلحة الكيماوية و«المعلومات المتوافرة من مصادر متعددة، تشير إلى النظام السوري مسؤول عن استخدام الأسلحة الكيماوية في هذه الهجمات».
كما وجّهت تركيا صواريخها الأرض - الأرض، في ولاية هاتاي، نحو سورية. وذكر الموقع الإلكتروني لصحيفة «زمان»، أمس، أن الجيش التركي نشر عدداً من الصواريخ في هاتاي، موجّهاً صواريخ من نوع «ستينغير»، و«آي هوك»، نحو سورية.
وكان وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو، أعلن استعداد بلاده للمشاركة في ضربة ضد سورية، من دون قرار من مجلس الأمن الدولي.
كما أعلن الأردن، أمس، على لسان مصدر وزاري رفيع المستوى أنه اتخذ «إجراءات قصوى»، على حدوده الشمالية، تحسبا من أي هجوم على سورية. وفي بغداد، أعلن رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي، حالة الاستنفار القصوى، والانذار الشديد في البلاد لمواجهة التحديات الأمنية.