تطهير سياسي بقمة القيادة في كوريا الشمالية
أعلنت بيونغ يانغ، أمس، إعدام جانغ سونغ-ثايك (67 عاماً)، الذي كان يعد الرجل الثاني في النظام وزوج عمة الزعيم الكوري الشمالي، مؤكدة ان الرجل الذي كان نافذاً جداً حتى فترة قصيرة «خائن»، وفيما أبدت واشنطن القلق حيال هذا التطهير السياسي المفاجئ في البلاد ذات الحزب الواحد، سارعت سيؤول إلى عقد اجتماع للأمن الوطني.
وكان جانغ سونغ-ثايك (67 عاماً) يعتبر الرجل الثاني في النظام ومرشد الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ-اون منذ توليه الحكم في البلاد خلفاً لوالده كيم جونغ-ايل في أواخر 2011. وذكرت وكالة الانباء الكورية الشمالية الرسمية، ان القيادي الرفيع الذي اوقف فجأة الأسبوع الماضي في منتصف اجتماع سياسي أعدم اول من امس، بعد ان حكمت عليه محكمة عسكرية خاصة بالإعدام. وأفادت الوكالة ان «المتهم خائن للأمة وقام بدسائس ضد الحزب وضد الثورة، لقلب قيادة حزبنا والدولة والنظام الاشتراكي». وتابعت الوكالة ان جانغ اقر اثناء محاكمته بأنه حاول ترتيب انقلاب عبر تعبئة شركائه في الجيش، ونشرت صورة له منحنياً وموثق اليدين بالأغلال بين حارسين. ونقلت الوكالة عن جانغ تصريحه «حاولت اذكاء شكاوى الشعب والجيش من فشل النظام الجاري في إدارة الوضع الاقتصادي وموارد بقاء الشعب الفظيعة»، في ما يبدو انه نوع من الإقرار بصعوبات البلاد الاقتصادية الخطرة. واتهم النظام جانغ بخيانة كيم جونغ-اون ووالده الذي قاد البلاد من 1994 إلى وفاته عام 2011. لكن كيم جونغ-اون منحه «ثقته الكاملة» بحسب الوكالة التي اضافت «لقد اظهر وجهه الحقيقي كخائن في كل المراحل». وأضافت ان الرجل ارتكب انتهاكات مختلفة، على غرار عدم التصفيق بالحماسة اللازمة في الاجتماعات السياسية، وعرقلة انجاز عمل من الفسيفساء على شرف الزعيم في احد المصانع.
جانغ الأكثر نفوذاً جانغ سونغ-ثايك وهو زوج شقيقة كيم جونغ-إيل والد كيم جونغ-أون، كان يتولى منصب نائب رئيس لجنة الدفاع الوطني، التي تعتبر هيئة القرار الأكثر نفوذاً. ووسع القيادي نفوذه بشكل كبير بعد الجلطة الدماغية التي أصيب بها كيم جونغ-إيل عام 2008، ثم بعد وفاته بثلاث سنوات. ولعب جانغ دوراً بارزاً في تأمين انتقال السلطة لكيم الابن بعد وفاة والده كيم جونغ إيل، في نهاية 2011. وكانت كوريا الشمالية أكدت قبل أيام عزل جانغ، الذي يعتبر ثاني أقوى رجل في البلاد، مشيرة إلى ان أنصاره ارتكبوا أعمالاً ضد الحزب والثورة. |
وأكدت بيونغ يانغ، الاثنين الماضي، استبعاد القيادي، فيما تحدثت الاستخبارات الكورية الجنوبية قبل ايام عن اعدام مسؤولين اثنين مقربين منه. وأفادت واشنطن انها عاجزة عن تأكيد اعدام جانغ «بشكل مستقل». لكنها قالت انه «ليس لدينا اي سبب للتشكيك في صحة معلومات الوكالة الرسمية الكورية الشمالية»، كما ذكرت مساعدة المتحدث باسم الخارجية ماري هارف. وتابعت «اذا تأكد ذلك فسيكون لدينا مثال اضافي على الوحشية القصوى لهذا النظام، اننا نتابع التطورات في كوريا الشمالية عن قرب، ونتشاور مع حلفائنا وشركائنا في المنطقة».
وفي سيؤول جارة الشمال وعدوته، اعربت الحكومة عن «القلق العميق حيال التطورات الاخيرة». واضافت وزارة اعادة التوحيد المكلفة العلاقات بين الكوريتين، ان البلاد ستستعد «لجميع الاحتمالات في المستقبل»، فيما ستواصل العمل مع حلفائها بشكل وثيق. ونقلت وكالة الأنباء الكورية الجنوبية (يونهاب) عن مسؤول كوري جنوبي قوله، ان المكتب الرئاسي عقد اجتماعاً لوزراء الأمن، بغية مناقشة الوضع في كوريا الشمالية، عقب إعلانها تنفيذ حكم الإعدام بحق جانغ.
ويرى الخبراء حول شؤون الشمال انه سيجري عملية تطهير سياسية واسعة ضد المقربين من جانغ. وقال الخبير في المكتب الوطني للأبحاث الآسيوية الذي يتخذ مقرا في الولايات المتحدة ابراهام دنمارك، «يمكن التفكير في أن كيم جونغ-اون شعر بأنه مهدد من قبل جانغ سونغ-ثايك المشارك في جميع النواحي السياسية والعسكرية في البلاد، وكان يمثل مصدر سلطة آخر، ما جعله خطراً». وتابع ان «التفسير الآخر هو ان كيم جونغ-اون لم يعد يحتاج اليه ولا يريد توزع سلطته. لكن لا نستطيع الحديث إلا عن فرضيات نظراً لطبيعة النظام».