وسط مشاعر غضب وإحباط بسبب عدم تحقيق مطالب قطاع عريض من الشعب

سيدي بوزيد التونسية تحتفل بذكرى الثورة في غياب الرؤساء الثلاثة

غضب في تونس في الذكرى الثالثة لاندلاع الثورة التي أطاحت بن علي. أ.ف.ب

انطلقت بمدينة سيدي بوزيد التونسية الاحتفالات بالذكرى الثالثة لـ«ثورة 17 ديسمبر»، في غياب الرؤساء الثلاثة، خصوصاً الرئيس منصف المرزوقي، وذلك في سابقة تعكس حالة الغضب والإحباط التي تعيشها هذه المنطقة التي يُنظر إليها على أنها مهد الثورة التونسية التي أطاحت بنظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي.

وبدأت الاحتفالات أمس، بتنظيم سلسلة من التظاهرات تحت شعار «الوفاء لروح الشهيد الحاج محمد براهمي وكل شهداء الثورة وضحايا الاغتيال والإرهاب»، تواصلت وسط إجراءات أمنية مشددة اتخذتها الوحدات العسكرية المنتشرة في سيدي بوزيد منذ مدة. وأطلق أهالي سيدي بوزيد (360 كيلومتراً جنوب تونس العاصمة) اسم محمد براهمي الذي اغتيل في 25 يوليو الماضي على عدد من الشوارع والساحات العامة والمدارس في هذه المحافظة، وذلك بحضور أرملته مباركة براهمي وأبنائها.

24.4 % نسبة البطالة

يعيش سكان ولاية سيدي بوزيد التي يقطنها نحو 418 ألف شخص (وفق آخر الإحصاءات الرسمية)، حالة من الإحباط والسخط، لأن المطالب التي ثاروا من أجلها مثل تحسين ظروف المعيشة وتوفير فرص عمل للعاطلين لم تتحقق. وتبلغ النسبة الرسمية للبطالة في الولاية 24,4%، وهي الأعلى في تونس. ويمثل خريجو الجامعات ومؤسسات التعليم العالي 57,1% من إجمالي العاطلين عن العمل في الولاية. وقالت حسنية منصوري (58 عاماً)، وهي بائعة ثياب متجولة في سيدي بوزيد بنبرة غلب عليها الأسى: «حياتنا تسير من سيئ إلى أسوأ، وأصبحنا أفقر من ذي قبل، وأبناؤنا مازالوا عاطلين». وأضافت «الشيء الوحيد الذي أهدته الحكومة لولاية سيدي بوزيد هو هذا»، مشيرة بإصبعها إلى النصب التذكاري لعربة خضار محمد البوعزيزي.

وتحدثت مباركة براهمي الليلة قبل الماضية أمام عدد من أهالي سيدي بوزيد، حيث شددت على ضرورة مواصلة المسيرة من أجل «تحرير تونس من عصابات الإخوان المسلمين»، وأداتها «الغليظة المتجسدة في التيار السلفي الجهادي».

وكان يفترض أن يُشارك الرؤساء الثلاثة أي المرزوقي، ورئيس الحكومة علي العريض، ورئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر، في هذه الاحتفالات، غير أنهم قرروا عدم المشاركة في آخر لحظة. ولم يصدر أي موقف رسمي حول هذا الغياب اللافت، في حين اكتفى الناطق الرسمي باسم تيار المحبة سعيد الخرشوفي بالقول - في أعقاب اجتماعه بالمرزوقي - إن الأخير «حمله تحياته لجميع أهالي سيدي بوزيد بمناسبة إحياء هذه الذكرى»، ما يعني أنه لن يزور المدينة للمشاركة في تلك الاحتفالات.

وتُطلق تونس على هذه الثورة اسم «ثورة الحرية والكرامة»، التي انطلقت عندما أقدم الشاب محمد البوعزيزي في 17 ديسمبر 2010 على إضرام النار في جسده احتجاجاً على منعه من ممارسة عمله كبائع متجول، لتندلع سلسلة من التحركات الشعبية شملت مختلف أنحاء البلاد، انتهت بسقوط نظام الرئيس السابق بن علي في 14 يناير 2011.

وبحسب مصادر سياسية ونقابية، فإن غياب الرؤساء الثلاثة عن المشاركة في الاحتفالات يعود إلى حالة الغليان والغضب التي تسود أهالي هذه المحافظة نتيجة شعورهم باستمرار التهميش والإقصاء، واستبعاد محافظتهم من المشروعات التنموية.

وأشارت إلى أن السلطات الأمنية قد تكون أبلغت الرؤساء الثلاثة بأن هناك خشية من إمكانية تعرضهم لبعض «الاستفزازات» التي قد تُعكر صفو هذه الاحتفالات، وتالياً طلبت منهم تفادي الذهاب إلى مدينة سيدي بوزيد.

تويتر