عصمت عبدالمجيد.. الدبلوماسية الهادئة

يُعرف عن الأمين العام لجامعة الدول العربية السابق، عصمت عبدالمجيد، الذي توفي في القاهرة، أول من أمس، عن عمر ناهز 90 عاماً، حنكته السياسية والدبلوماسية، حيث عُين مندوباً لمصر في الأمم المتحدة عام 1972، وبقي في المنصب 11 عاماً، ليعود إلى مصر بعدها ويتولى حقيبة الخارجية بين العامين 1984 و1991. وكانت مصر في هذه الفترة تحاول أن تؤكد تغيير إدارتها، بعد اغتيال أنور السادات في أكتوبر عام 1981، وتولي حسني مبارك خلفاً له، لتخرج من عزلتها الناتجة عن قطع معظم الدول العربية علاقاتها مع القاهرة، إثر عقد «اتفاقية سلام» مع إسرائيل عام 1979. وبخطى حثيثة، وبعيداً عن البريق الإعلامي، أدار عبدالمجيد هذه الفترة التي شهدت عودة العلاقات مع كل الدول العربية، وعودة مقر جامعة الدول العربية إلى القاهرة عام 1990.

لم يمض وقت طويل على شهر العسل العربي حتى اندلعت أزمة عصفت بالعالم العربي والمجتمع الدولي، بعد قيام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين بغزو الكويت، وانضمت مصر وقتها إلى التحالف الدولي الذي قامت جيوشه بتحرير الكويت في فبراير 1991. كما تولى عبدالمجيد مهمة المصالحة بين القاهرة والعواصم العربية، بعد أن قُدر له تولي قيادة الجامعة إثر هذه الأزمة، في وقت كانت الشكوك والدعاوى تثار حول جدوى الإبقاء على المنظمة في ظل احتلال دولة عربية دولة شقيقة. كما شغل عام 1985 منصب نائب رئيس الوزراء، إضافة إلى مهام عمله وزيراً للخارجية.

عاصر عبدالمجيد أزمات أخرى خلال عمله في الخارجية، فعُين مندوباً لمصر في الأمم المتحدة عام 1972، وبقي في المنصب 11 عاماً، وهي الفترة التي شهدت حرب أكتوبر وعبور قناة السويس في أكتوبر 1973، وما تلا ذلك من أحداث سياسية ودبلوماسية، وبعد 10 سنوات قضاها في الخارجية المصرية، أصبح رئيساً للجامعة العربية عام 1991، ولمدة 10 سنوات حتى 2001، عندما خلفه عمرو موسى، كما كان قد خلفه على رأس وزارة الخارجية. خلافاً عن موسى الذي كان يتمتع بعلاقة حميمة مع الإعلام، كان عبدالمجيد رجلاً هادئاً يعمل في دأب وصمت.

ويمتد نشاط عبدالمجيد السياسي إلى حقبة خمسينات القرن الماضي، عندما شارك عام 1954 في المفاوضات المصرية البريطانية حول جلاء القوات الإنجليزية عن مصر. وكان أيضاً عضواً في الوفد المصري الذي تفاوض مع الفرنسيين عام 1957 لإعادة العلاقات المقطوعة بين البلدين، بعد العدوان الثلاثي الذي شنته فرنسا وبريطانيا وإسرائيل على مصر عام 1956. وتوصل الوفد حينها إلى اتفاقية زيورخ حول استئناف العلاقات الدبلوماسية بين القاهرة وباريس. تخرّج عبدالمجيد في كلية الحقوق بالإسكندرية عام 1944، وحصل كذلك على أربع شهادات دبلوم من جامعة باريس في القانون والاقتصاد والعلوم السياسية، كما حاز شهادة الدكتوراه في القانون الدولي من جامعة باريس عام 1951.

الأكثر مشاركة