العراقيون ينتخبون نوابهم على وقع هجمات وتفجيرات دامية

أدلى العراقيون بأصواتهم، أمس، في أول انتخابات عامة تشهدها البلاد منذ انسحاب القوات الأميركية من العراق عام 2011، وسط هجمات وتفجيرات دامية استهدفت مراكز الاقتراع في مناطق متفرقة قتل فيها 14 شخصاً، فيما أعرب رئيس الوزراء نوري المالكي، الذي يطمح لولاية ثالثة عن ثقته بالفوز في ظل غياب منافسين أقوياء، أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات إغلاق 34 مركزاً انتخابياً نتيجة التوتر الأمني في بعض المحافظات.

النجيفي يتهم القوات الأمنية بمنع وصول الناخبين

اتهم رئيس مجلس النواب، أسامة النجيفي، أمس، القوات الأمنية بمنع المواطنين من الوصول إلى مراكز الاقتراع، فيما أشار إلى أنه سيتدخل بشكل شخصي لحل هذا الأشكال.

وقال النجيفي في حديث لموقع «السومرية نيوز»، إن «على المواطن عدم التردد في التوجه إلى صناديق الاقتراع، ويجب تحدي الإرهاب والميليشيات، وانتخاب الأكفاء وتثبيت أساس القانون»، متهماً القوات الأمنية بـ«منع المواطنين من الوصول إلى مراكز الاقتراع، خصوصاً في منطقة الغزالية غرب بغداد».

وأضاف النجيفي «إنني سأتدخل شخصياً لحل هذا الأشكال»، مشيراً إلى انه «لن يتحالف مع نوري المالكي بأي شكل من الأشكال».

«المفوضية» تغلق 34 مركزاً للاقتراع

أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، أمس، إغلاق 34 مركزاً انتخابياً نتيجة التوتر الأمني في بعض المحافظات. وقال عضو مجلس المفوضين كاطع الزوبعي، في مؤتمر صحافي عقده بفندق الرشيد، إن «عدد المراكز الكلي في كل المحافظات بلغ 8104 مراكز و56 ألفاً و550 محطة».

وأضاف أن «عدد مراكز الاقتراع التي أغلقت نتيجة التوتر الأمني التي تشهدها بعض المحافظات والمدن بلغ 39 مركزاً».

ورغم الهجمات الدامية التي ضربت البلاد على مدى اليومين الماضيين وقتل وأصيب فيها العشرات، وهجمات أمس، اصطف الناخبون منذ فتح مراكز الاقتراع أبوابها ينتظرون دورهم للتصويت.

وأمام مركز اقتراع في غرب بغداد، وقف عشرات الناخبين ينتظرون دورهم لدخول المركز والإدلاء بأصواتهم، وسط إجراءات أمنية مشددة، تشمل تفتيش الناخبين قبل دخولهم، وتترافق مع حظر لتجول المركبات في بغداد ومناطق أخرى من البلاد.

وفي حي مدينة الصدر في بغداد توجه الناخبون إلى صناديق الاقتراع على أمل في التغيير.

وشهدت مراكز الاقتراع في البصرة إقبالاً كبيراً من الناخبين في الساعات الأولى، واصطف الناس أمام المراكز وسط إجراءات أمنية مشددة.

ورغم أن الناخبين يشكون أعمال العنف المتواصلة، ونقص الخدمات والبطالة، إلا أن انتخابات أمس تبدو كأنها تدور حول المالكي نفسه، واحتمالات بقائه على رأس الحكومة، رغم أنه سبق أن أعلن في فبراير 2011 أنه سيكتفي بولايتين.

ويقول محللون إن من غير المرجح أن يفوز أي حزب بأغلبية في البرلمان، البالغ عدد مقاعده 328 مقعداً. وقد يصعب تشكيل حكومة حتى إذا فاز ائتلاف دولة القانون الذي يقوده رئيس الوزراء بمعظم المقاعد، كما هو متوقع، وإن كان المالكي واثقاً بالفوز.

ولا تخفي الأحزاب السنية والكردية رغبتها في رحيل المالكي، لكن من المتوقع أن يحصد عدداً من الأصوات اكبر منها. وعلى النقيض من حكومات وحدة وطنية سابقة، فإن من المتوقع أن يسعى المالكي لتكوين ائتلاف أقوى حول حكومة أغلبية.

ويحذر البعض من أن تشكيل حكومة جديدة قد يستغرق عاماً. وستجري المفاوضات في الوقت الذي تستعر فيه المعارك في الأنبار، وعلى مشارف بغداد، ما يضيف مزيداً من الاضطراب للعملية.

لكن المالكي الذي يحكم البلاد منذ 2006 ويرمي بثقله السياسي في هذه الانتخابات سعياً لولاية جديدة، يتخذ من الملف الأمني أساساً لحملته، معتمداً على صورة رجل الدولة القوي التي يروج لها مؤيدوه في مواجهة التهديدات الأمنية.

ويخوض رئيس الوزراء الذي يتهمه خصومه بتهميش السنة وبالتفرد بالحكم، الانتخابات من دون منافس واضح داخل الطائفة الشيعية، على عكس الانتخابات السابقة التي شهدت معركة بينه وبين العلماني إياد علاوي، حبست أنفاس الناخبين والمراقبين منذ اللحظات الأولى لفتح صناديق الاقتراع.

وقال المالكي عقب الادلاء بصوته في فندق «الرشيد» في المنطقة الخضراء المحصنة في بغداد، حيث يدلي قادة البلاد بأصواتهم، «فوزنا مؤكد، لكننا نترقب حجم الفوز». ورأى أن شكل الحكومة المقبلة «يتوقف على الانتخابات، وعلى كثافة المشاركة فيها، وعلى حسن الاختيار. علينا أن نجري عملية التغيير، والتغيير المقصود هو ألا تكون الحكومة نسخة عن الحكومات السابقة»، داعياً إلى أن تكون «حكومة أغلبية سياسية».

وتحدث المالكي عن «نجاح كبير» في الانتخابات الحالية، التي رأى أنها «أفضل من الانتخابات السابقة في وقت لا يوجد على أرض العراق أي جندي أجنبي».

ويتنافس في هذه الانتخابات 9039 مرشحاً على أصوات أكثر من 20 مليون عراقي، أملاً في دخول البرلمان المؤلف من 328 مقعداً. يذكر أن نسبة المشاركة بلغت 62,4% في انتخابات عام 2010 التي شهدت أيضاً أعمال عنف قتل فيها نحو 40 شخصاً، و76% في انتخابات عام 2005.

أمنياً، قتل 14 شخصاً، وأصيب العشرات بسلسلة هجمات استهدفت مراكز اقتراع في مناطق متفرقة من البلاد، فيما كان العراقيون يدلون بأصواتهم. وشملت هذه الهجمات تفجيرين انتحاريين، و20 قذيفة هاون، ونحو 10 عبوات ناسفة، و11 قنبلة صوتية.

ورغم اليومين الداميين الماضيين، عبر العديد من العراقيين عن إصرارهم على التوجه إلى صناديق الاقتراع، أملاً في إحداث تغيير في واقعهم هذا.

وقتل منذ بداية الشهر الجاري في أعمال العنف اليومية في العراق أكثر من 750 شخصاً، بحسب حصيلة أعدتها «فرانس برس» استناداً إلى مصادر أمنية وطبية وعسكرية.

الأكثر مشاركة