السيستاني يدعـــــو إلى حكــومـة وطنية ويستعجل قتال «الجهادييــــن»

دعا المرجع الشيعي الأعلى آية الله العظمى علي السيستاني، أمس، إلى تشكيل حكومة جديدة في العراق، تحظى بقبول وطني، و«تتدارك الأخطاء السابقة»، وشدد ضغوطه على حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي، لمقاتلة الجهاديين وطردهم من العراق، «قبل أن يندم الجميع على ذلك غداً». في وقت قتل 34 عنصراً من القوات الحكومية، في اشتباكات مع مسلحين في مدينة القائم الحدودية مع سورية غرب البلاد، كما قتل 30 مسلحاً ينتمون إلى جماعة «عصائب أهل الحق» في المقدادية بمحافظة ديالى.

وقال ممثل السيستاني خلال خطبة الجمعة في كربلاء، أحمد الصافي، «من الضروري ان تتحاور الكتل السياسية الفائزة ليتمخض عن ذلك تشكيل حكومة فاعلة تحظى بقبول وطني واسع، تتدارك الأخطاء السابقة، وتفتح آفاقاً جديدة امام جميع العراقيين لمستقبل أفضل».

وأضاف ان «المحكمة الاتحادية صادقت على نتائج الانتخابات النيابية، وهناك توقيتات دستورية لانعقاد مجلس النواب الجديد واختيار رئيسه ورئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وتشكيل الحكومة الجديدة، ومن المهم جدا الالتزام بالتوقيتات وعدم تجاوزها».

ويسعى المالكي، الذي تواجه سياساته انتقادات متزايدة ويتعرض لاتهامات بتهميش السنّة، للحصول على ولاية ثالثة على رأس الحكومة التي يقودها منذ العام 2006.

من ناحية أخرى، قال ممثل السيستاني إن «جماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)» الجهادية المتطرفة «بلاء عظيم ابتليت بها منطقتنا، وان لم تتم مواجهتها وطردها من العراق فسيندم الجميع على ذلك غداً».

وكان السيستاني دعا قبل اسبوع العراقيين إلى حمل السلاح ومقاتلة «الإرهابيين»، ما دفع بالآلاف إلى التطوع للتدرب على حمل السلاح ومساندة القوات الحكومية في معاركها مع هذا التنظيم الذي يعتبر اقوى مجموعة جهادية تقاتل في العراق وسورية.

ويسيطر مسلحون ينتمون إلى «الدولة الإسلامية في العراق والشام» وتنظيمات مسلحة أخرى منذ اكثر من 10 ايام على أجزاء واسعة من شمال العراق، اثر هجوم كاسح شنته هذه الجماعات التي تحاول الزحف نحو بغداد، وكذلك نحو النجف وكربلاء اللتين تضمان مراقد شيعية.

وقال الصافي، إن «هذه الدعوة كانت موجهة إلى جميع المواطنين من غير اختصاص بطائفة من دون أخرى، إذ كان الهدف منها هو الاستعداد والتهيؤ لمواجهة الجماعة التكفيرية المسماة بداعش، التي اصبح لها اليد العليا والحضور الاقوى في ما يجري في محافظات عدة». وأكد أن «دعوة المرجعية انما كانت للانخراط في القوات الأمنية الرسمية، وليس لتشكيل ميليشيا مسلحة خارج اطار القانون».

في هذا الوقت، رحب مسؤول عسكري عراقي، وهو ضابط برتبة فريق في الجيش بخطاب الرئيس الأميركي بارك أوباما، حول كيفية مساعدته للعراق. وقال لـ«فرانس برس»، «اننا بحاجة إلى الدعم الأميركي لتقويض الإرهاب والقضاء عليه في المناطق التي نشط فيها، خصوصاً عبر ضربات جوية لأهداف محددة».

وأضاف أن «الإمكانات الكبيرة التي تمتلكها الولايات المتحدة ستساعد على رفع القدرات القتالية ومضاعفة معنويات المقاتلين»، مشيراً إلى ان «الإرهاب يهدد العالم اجمع، والتعاون الاميركي يمثل جوهر الاتفاقية الاستراتيجية بين البلدين».

وبعد يوم من توجيه مسؤولين أميركيين انتقادات لاذعة إلى المالكي، متهمين اياه بتهميش السنّة، اعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، ان فرنسا تدعو العراق إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية «مع المالكي أو من دونه». ووصف الوضع في العراق بأنه «بالغ الخطورة». وقال «إن أردتم مقاومة مجموعات ارهابية، يجب ان تكون هناك وحدة وطنية».

وأضاف منتقداً المالكي أنه لم يرفض التحالف مع العشائر السنية فحسب، بل «لاحقها بطريقة غير مناسبة على الإطلاق».

وفي موسكو، قالت الرئاسة الروسية في بيان، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعرب خلال مكالمة هاتفية مع المالكي «عن دعم روسيا التام لجهود الحكومة العراقية الهادفة إلى تحرير أراضي الجمهورية سريعاً من الإرهابيين».

وأضاف الكرملين أنه «تم التشديد على ان نشاط المتطرفين الذين يخوضون معارك على أراضي سورية اكتسب طابعاً يتجاوز حدود الدول، وبات يشكل تهديداً للمنطقة برمتها».

على الصعيد الميداني، أعلن ضابط برتبة عقيد في الجيش العراقي وضابط برتبة مقدم في الشرطة لـ«فرانس برس»، أمس، أن 34 عنصراً من القوات الحكومية قتلوا في اشتباكات مع مسلحين في مدينة القائم الحدودية الواقعة غرب البلاد.

وأكد قائمقام مدينة القائم (340 شمال غرب بغداد) فرحان فرحان، وقوع الاشتباكات التي بدأت في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس، وتواصلت حتى منتصف يوم أمس، فيما تحدث شهود عيان عن نزوح عائلات من القائم نحو مدينتي عنه وراوة القريبتين.

وقتلت امرأة وأصيب أربعة اشخاص آخرون بينهم طفل بجروح، أمس، عندما استهدفت مروحية عسكرية عراقية منازل في ناحية الضلوعية الواقعة على بعد 90 كلم شمال بغداد، بحسب ما افاد مصدر أمني ومسؤول محلي وشاهد عيان. وفي قضاء تلعفر (380 كلم شمال بغداد) تواصلت الاشتباكات، أمس، بحسب شهود عيان، حيث تحاول القوات الحكومية منع المسلحين من السيطرة على القضاء الاستراتيجي الواقع قرب الحدود التركية والسورية، والذي تسكنه أغلبية من التركمان الشيعة.

كما قتل 30 مسلحاً ينتمون إلى جماعة «عصائب أهل الحق» الشيعية المسلحة التي تقاتل إلى جانب القوات الحكومية العراقية، خلال اشتباكات مع مسلحين حاولوا، أمس، اقتحام قضاء المقدادية في محافظة ديالى شرق العراق، بحسب ما أفادت مصادر امنية وطبية.

في موازاة ذلك، أكدت مصادر عسكرية لـ«فرانس برس» وجود مسلحين في منطقة تضم بقايا ابنية تابعة لمنشأة لصناعة اسلحة كيماوية، كان يطلق عليها «منشأة المثنى» ابان النظام السابق في العراق، على بعد نحو 30 كلم غرب بلد (70 كلم شمال بغداد).

 

 

الأكثر مشاركة