تخبّط سياسي في العـــــراق.. وزخم العمليات العسكرية يتراجع
قرر البرلمان العراقي، أمس، تقديم موعد جلسته الثانية، التي تأجلت إلى الشهر المقبل، إلى الأحد «من أجل المصلحة العامة»، وسط تخبط سياسي وفوضى دستورية، يوازيهما عجز عسكري عن دخول المناطق الخاضعة لسيطرة مسلحين متطرفين منذ شهر، وسط اشتباك محدود بين عناصر من قوات البشمركة الكردية مع تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) بمنطقة كوكجلي شرق الموصل شمال العراق.
وأعلن البرلمان العراقي، أمس، تقديم موعد جلسته الثانية التي كانت مقررة، أمس، وتأجلت إلى الشهر المقبل، إلى يوم الأحد.
وقال أكبر أعضاء مجلس النواب المنتخب سناً، مهدي الحافظ، الذي ترأس الجلسة الأولى قبل أسبوع في بيان، أمس «لقد قررنا تغيير موعد دعوتنا السابقة للبرلمان، للانعقاد يوم الأحد الموافق 13 يوليو 2014».
وذكر الحافظ، في البيان، أن قرار تقديم موعد الجلسة جاء «من أجل المصلحة العامة، والتزاما بالسياقات الدستورية، وحفاظا على الاستمرار في بناء الديمقراطية، وبعد التشاور مجدداً مع رؤساء الكتل في البرلمان».
وكان البرلمان، الذي فشل بجلسته الأولى في انتخاب رئيس له، بحسب ما ينص الدستور، أعلن أول من أمس تأجيل الجلسة التي كان من المقرر عقدها أمس، إلى 12 أغسطس المقبل، وهو موعد يتخطى المهلة الدستورية الممنوحة له لانتخاب رئيس للجمهورية.
ويعيق غياب التفاهمات السياسية والخلافات التي تعصف بالكتل النيابية، جراء عدم التوافق حول الرئاسات الثلاث، خصوصا رئاسة الوزراء، عمل البرلمان الجديد الذي بدا ومنذ جلسته الأولى كأنه يستنسخ الخلافات التي عصفت بالبرلمان السابق، وأعاقت عمله.
وقال الحافظ، في بيانه، أمس «أود أن أدعو الكتل البرلمانية في هذه الفترة، للتوافق على الترشيحات الضرورية من أجل البدء بالدورة البرلمانية وتشكيل الحكومة».
وأضاف أن «التأخر في ذلك يعرض أمن العراق ومسيرته الديمقراطية للخطر، ويزيد معاناة الشعب العراقي، والتجاوز على حقوق الناخبين». ودعا «جميع السياسيين إلى تحمل مسؤولياتهم الوطنية، وتجاوز خلافاتهم من أجل محاربة الارهاب وإعادة العراق للمسار الديمقراطي والإسراع بتشكيل الحكومة لمواجهة التحديات التي تواجه العراق».
وينص الدستور العراقي على أن يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية، خلال 30 يوماً من تاريخ أول انعقاد للمجلس.
ويكلف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة النيابية الأكثر عددا بتشكيل مجلس الوزراء خلال 15 يوماً من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية، على أن يتولى رئيس مجلس الوزراء المكلف تسمية أعضاء وزارته خلال مدة أقصاها 30 يوما من تاريخ التكليف.
ويظلل تمسك رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي برئاسة الحكومة المشهد السياسي، بعدما فتح أزمة الحكم على مزيد من التعقيدات، الجمعة الماضية، حينما أعلن أنه لن يتنازل «أبدا» عن ترشحه لولاية ثالثة، على الرغم من الانتقادات الداخلية والخارجية له.
وجاء موقف المالكي هذا على الرغم من دعوة المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني، للإسراع في تشكيل حكومة تحظى بقبول وطني واسع، وهو ما لا يتمتع به المالكي حالياً، وسحب خصمه السياسي رئيس البرلمان أسامة النجيفي (سني) ترشحه لولاية ثانية على رأس مجلس النواب، إفساحا للمجال أمام توافق سياسي حول الرئاسات الثلاث.
ويتعرض المالكي لانتقادات داخلية وخارجية، خصوصا حيال استراتيجيته الأمنية في ظل التدهور الأمني الكبير في البلاد، وسيطرة المسلحين المتطرفين على مساحات واسعة من العراق، ويواجه كذلك اتهامات بتهميش السنة، واحتكار الحكم.
وفي ظل استمرار غياب التوافق السياسي، كررت الولايات المتحدة، أول من أمس، التشديد على ضرورة أن يكون العراق موحداً، ليتمكن من مواجهة تهديدات تنظيم «الدولة الإسلامية»، عشية دخول هجومه الكاسح، الذي يشنه إلى جانب تنظيمات متطرفة أخرى شهره الأول.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، جوش أرنست، إنه «لابد أن تكون البلاد موحدة»، لمواجهة خطر تنظيم «الدولة الإسلامية»، الذي أعلن «قيام الخلافة الإسلامية»، وبايع زعيمه أبوبكر البغدادي «خليفة»، قبل أن يلقي هذا الأخير خطبة في الموصل (350 كلم شمال بغداد)، الجمعة الماضية، في أول ظهور علني مصور له.
على الصعيد الميداني، تواصلت سيطرة المسلحين المتطرفين على مناطق واسعة من شمال وشرق وغرب العراق، فيما استمرت القوات الحكومية في تنفيذ غارات جوية وعمليات محدودة على الأرض، من دون أن تنجح في دخول أي من المدن الرئيسة الخارجية عن سيطرتها.
إلى ذلك، أصيب ثلاثة عناصر من قوات البشمركة الكردية، في هجوم شنه مقاتلو «داعش» في منطقة كوكجلي شرق الموصل شمال العراق.
وقال مصدر في البشمركة إن عناصر «داعش» هاجمت، أمس، عددا من نقاط التفتيش التابعة للبشمركة في منطقة كوكجلي شرق الموصل، ما أسفر عن إصابة ثلاثة عناصر من البشمركة بجروح. وأضاف أن أفراد البشمركة تصدوا للهجوم، وأجبروا عناصر التنظيم على التراجع. كما قتل، أمس، ثمانية أشخاص بينهم ستة من الشرطة وأصيب آخرون بجروح في هجومين منفصلين قرب سامراء (110 كلم شمال بغداد)، وفقا لمصادر أمنية وطبية.
وقال ضابط برتبة مقدم في الشرطة، لـ«فرانس برس»، إن خمسة أشخاص بينهم ثلاثة من الشرطة قتلوا، وأصيب سبعة بينهم أربعة من الشرطة بجروح، في هجوم انتحاري بسيارة مفخخة.
وأضاف أن الهجوم استهدف حاجز تفتيش عند مركز تطوع للمدنيين، في منطقة الركة، إلى الجنوب من مدينة سامراء، كما قتل ثلاثة من عناصر الشرطة، وأصيب اثنان آخران بجروح، جراء انفجار عبوة ناسفة، استهدف دورية للشرطة على طريق رئيس غرب سامراء، وفقا للمصدر ذاته. وفي بعقوبة، أفادت مصادر أمنية عراقية، أمس، بمقتل 12 شخصا وإصابة 13 آخرين، في سلسلة حوادث عنف متفرقة بالمدينة (57 كم شمال شرق بغداد).