18 قضوا جراء الاستهداف المباشر لمنزل ومسجد

مجزرة «البطش».. إبادة عائلة بأكملها

تشييع عدد من شهداء عائلة البطش. الإمارات اليوم

تتنقل الفتاة رجاء البطش (24 عاما) بين أروقة مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة، باحثة عن بصيص أمل، علها تعثر على أشقائها وأبنائهم وأعمامها، سواء كانوا جرحى أو شهداء، لكنهم كانوا داخل ثلاجات الموتى، أما الذين عثرت عليهم من أقاربها شهداء فلم تتمكن من التعرف إلى ملامحهم، بفعل بشاعة المجزرة التي أودت بحياتهم، فيما اكتفت بذكر أسمائهم لكل من سألها عنهم من أقاربها.

وكانت تقف رجاء أمام باب إحدى الغرف داخل قسم الجراحة في مستشفى الشفاء، بينما تنظر إلى والدتها التي تتلقى العلاج، جراء إصابتها بشظايا الصواريخ الإسرائيلية.

المشاهد المأساوية التي أصابت رجاء والناجين من عائلة البطش، جاءت عقب المجزرة التي تجاوز فيها الاحتلال الإسرائيلي ذروة جرائمه بحق المدنيين في غزة، فقد باغتت صواريخه جميع أفراد العائلة من رجال وأطفال ونساء، لتخلف صوراً مروعة، إذ تعمدت قوات الاحتلال استهداف منزل البطش بشكل مباشر، من دون سابق تحذير، وهو ما خلف عدداً كبيراً من الشهداء والجرحى في صفوف العائلة.

وأدت هذه الجريمة، بحسب رجاء، إلى استشهاد 18، جميعهم من عائلة البطش، بينهم خمسة أطفال، منهم: آمال (عام واحد)، وحمزة (عامان)، بالإضافة إلى أربع سيدات، أما البقية فهم من الشباب والرجال، كما تسبب الاستهداف في إصابة أكثر من 50 آخرين، جلهم من النساء والأطفال.

وتروي رجاء بدموعها ما حدث، لـ«الإمارات اليوم»، «بينما كنا نجلس في البيت، والأطفال يلعبون في ساحة المنزل، وشباب ورجال العائلة ذهبوا إلى المسجد لأداء صلاتي العشاء والتراويح، سمعنا فجأة أصوات صواريخ تستهدف بيت أخي المجاور لنا، ولم نتمكن من التعرف إلى جثث الشهداء، جراء بشاعة المشهد».

وتضيف «أما الأطفال الذين كانوا يلعبون في ساحة المنزل، فقد وقعت عليهم جدران المنزل المستهدف، ليستشهد بعضهم، أما الناجون منهم فقد أصيبوا بجروح خطيرة، وهم الآن يتلقون العلاج في مستشفى الشفاء بمدينة غزة».

وتتساءل «ما ذنب الأطفال الذين كانوا آمنين في أحضان أمهاتهم، ليذهبوا ضحية احتلال مجرم؟ وما الجريمة التي ارتكبتها طفلة عمرها عام واحد؟ هل كانت تحمل صاروخا وأسلحة؟ أم كانت تقاتلهم وهي في حضن والدتها؟ أما السيدة الحامل في شهرها السادس، بأي ذنب تقتل، وهي تحمل في أحشائها روح جنينها».

مشاهد الفجيعة التي أودت بحياة عائلة كاملة، تجسدت في عيون الحاج أبوأحمد البطش، وهو مؤذن المسجد الذي استهدفته الطائرات، حيث كان يتلقى العلاج، وعيونه ترقب من يأتيه بخبر عن أشقائه، حيث كان يسأل عنهم منذ أن دخل المستشفى، لكنه لم يكن يعلم أنهم قضوا شهداء، وتحولت أجسادهم إلى أشلاء متناثرة.

حاولت «الإمارات اليوم» الحديث مع أبوأحمد، لكن حجم ما تعرض له من إصابة، جعله عاجزا عن الحديث.

ويقول أبوسائد البطش، الناجي من المجزرة «بعد تأدية صلاة العشاء، وقف أبوأحمد على باب المسجد ينصح المصلين بألا يسيروا في مجموعات، خشية استهدافهم من قبل الاحتلال، وبعد أن وصلت منزلي الذي يبعد 50 مترا عن المسجد، وإذ بالصواريخ تباغت المسجد، ومنزل تيسير البطش، وعندما عدت لأشاهد حقيقة ما جرى، أصابتني صدمة شديدة، فهذا الاستهداف هو أبشع مجزرة رأيتها في حياتي، حيث لم نتمكن أنا وأقاربي من التعرف إلى ملامح أحد منهم، فقد احترقت وتهتكت جثث الشهداء، فيما تحولت أجساد بعضهم إلى أشلاء متناثرة».

تويتر