50 ألف مشرد في غزة بعد توسيع العدوان
بعد قرار الاحتلال الإسرائيلي توسيع عدوانه على قطاع غزة، وبدء العملية البرية بالتوغل داخل مناطق قريبة من الشريط الحدودي بين القطاع والاحتلال، زادت مآسي ومعاناة السكان، فقد باتت منازلهم أول أهداف التوسع، ما دفعهم لترك منازلهم تحت وقع القذائف المدفعية، فمنهم من نجا من موت محقق وهو داخل منزله الذي أمطرته الآليات العسكرية بوابل من القذائف، فيما كان جميع أفراد العائلة مختبئين داخل غرفة واحدة في قبو البيت.
ولم تجد آلاف العائلات التي نزحت من منازلها أي مكان تلجأ إليه سوى مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، التي فتحت أبوابها أمام المشردين، فيما شهدت الفصول الدراسية ازدحاماً كبيراً، ولم تتسع للأعداد الهائلة، فقد اكتظ كل فصل بأكثر من 50 طفلاً وسيدة، أما الرجال فقد افترشوا ساحات المدارس الخارجية، لتصبح مأواهم خلال الحرب.
وبلغ عدد المشردين بعد تنفيذ العملية البرية 50 ألف مشرد من جميع مناطق قطاع غزة، خصوصاً الشرقية منها، والقريبة من الحدود مع الاحتلال، فيما فتحت الأونروا 44 مدرسة أمام النازحين، والتي لا تكاد تتسع لأعدادهم الكبيرة، خصوصاً في ظل استمرار تدفق العائلات إلى المدارس، وذلك بحسب الناطق باسم «الأونروا» عدنان أبوحسنة.
ويقول أبوحسنة لـ«الإمارات اليوم»، «نحاول توفير المواد الغذائية والمساعدات للنازحين، لكن نجد صعوبة كبيرة في ذلك، بفعل إغلاق معبر كرم أبوسالم المعبر الوحيد للقطاع، وعلى الرغم من ذلك فإننا نؤمّن احتياجاتهم في ظل المأساة التي يعيشونها، إذ نوفر لهم بالتعاون مع برنامج الغذاء العالمي وجبات الطعام».
أعداد كبيرة
وتعد مدينة رفح جنوب قطاع غزة، وحي الشجاعية شرق القطاع، بالإضافة إلى مدن شمال القطاع، من أكثر المناطق التي تتعرض لهجوم موسع من قوات الاحتلال، وهو ما دفع معظم سكانها للنزوح من منازلهم، فسكان المناطق الشرقية في رفح، الذين تقدر أعدادهم بـ3000 مواطن، نزحوا إلى ستة مدارس تابعة للأونروا، وذلك بعد تصاعد القصف البري والجوي الذي تعرضت له منازلهم ومحيطها، والذي أدى لارتقاء عدد من الشهداء وإصابة العشرات.
ونزح المواطنون من منازلهم سيراً على الأقدام وهم يحملون أطفالهم فقط، دون أن يصطحبوا شيئاً من احتياجاتهم التي تركوها خلفهم، لينجوا من عمليات القصف المتواصلة.
ويوضح أحد النازحين أن العائلات المشردة تفترش الأرض داخل الفصول الدارسية في مدارس الأونروا، حيث يتزاحم أكثر من 50 فرداً من النساء والأطفال داخل كل فصل، مشيراً إلى أن الساحات الخارجية للمدارس وأرصفتها غصت بالأعداد الكبيرة للرجال والشباب، الذين لم يجدوا مكاناً آخر يلجأون إليه، ليوفروا للنساء والأطفال متسعاً لهم داخل الفصول.
المواطن سفيان قريقع من سكان حي الشجاعية، أحد الذين نزحوا هو وعائلته المكونة من 10 أفراد تحت وقع القصف المدفعي والمروحي، الذي يتواصل على مدار الساعة في محيط منزله، وقد سار مشياً على الأقدام هو وعائلته خمسة كيلومترات، ليصل إلى أقرب مدرسة تابعة للأونروا، حتى يحتمي بها من نيران الحرب الإسرائيلية.
يقول قريقع وقد بدا منهكاً من حالة التشرد، «نشهد معاناة كبيرة في ساعات الليل داخل المدارس، فلم نذق طعم النوم، إذ يسيطر الخوف على الأطفال مع استمرار سماع أصوات الصواريخ والقذائف، التي تسقط على أماكن قريبة من المدارس».
ويضيف «في أوقات السحور والفطور نعاني كثيراً، فالأعداد كبيرة داخل المدارس والفصول الدراسية مقابل قلة الوجبات الغذائية التي تقدم لنا، وذلك بفعل إغلاق المعابر، بالإضافة إلى عجزنا عن توفير أدنى احتياجاتنا واحتياجات أطفالنا، فقد نزحنا من منازلنا ولم نحمل شيئاً سوى أطفالنا».