الاحتلال يغتال مستقبل غزة بتعمد استهداف الأطفال
أطفال غزة هم الضحية الكبرى لممارسات واعتداءات الاحتلال الإسرائيلي، وخلال حربه الحالية والمتواصلة ضد قطاع غزة منذ السادس من يوليو الماضي، كان واضحاً استهداف وقتل الأطفال الآمنين داخل منازلهم، فقد خطفتهم الصواريخ من بين أحضان أمهاتهم، وسرقت فرحتهم وهم يلعبون على أرجوحتهم الصغيرة، أما الذين نزحوا من منازلهم هاربين من القصف والدمار، فتبعتهم الغارات الصاروخية والمدفعية حيث مدارس «الأونروا» التي اتخذوا منها مراكز إيواء لهم، لتقتلهم على الفور، وتسلب الحياة منهم.
ووفقاً لإحصاءات وزارة الصحة الفلسطينية، بلغ عدد الأطفال الشهداء جراء الحرب الإسرائيلية المتواصلة حتى أمس 398 طفلاً، بالإضافة إلى 207 سيدات، و74 مسناً، فيما وصل إجمالي عدد الشهداء إلى 1809، أما عدد الجرحى فيقارب 9370 جريحاً، من بينهم 2744 طفلاً، و1750 سيدة، بالإضافة إلى 343 مسناً.
وعقب استهداف الاحتلال للمنازل وتدميرها على رؤوس ساكنيها، وتنفيذ عمليات الإبادة الجماعية بحق العائلات، يتضح أن ما يقارب نصف الضحايا أطفال، والبقية من النساء والشيوخ، بالإضافة إلى الشباب والرجال.
ومن بين مجازر الإبادة الجماعية التي تكشف تعمد الاحتلال قتل الأطفال والمدنيين، إعدام جميع أفراد عائلة الكيلاني، المكونة من الأب والأم وخمسة أطفال، وجميعهم يحملون الجنسية الألمانية، حيث باغتتهم الصواريخ وهم يجتمعون على مائدة الإفطار في شهر رمضان المبارك، فيما تسبب الاستهداف لمنزلهم في تدمير أكثر من خمسة طوابق كاملة في برج السلام السكني حيث يسكنون.
وتكررت هذه الجريمة مع عشرات العائلات، منها عائلة الحلاق، ففي الوقت الذي كانت تستعد العائلة لتناول طعام الإفطار في شهر الصيام، ألقت الطائرات الحربية الإسرائيلية الصواريخ على منزلهم الكائن في برج الداعور بحي الرمال وسط مدينة غزة، ما تسبب في إبادة جميع أفراد العائلة، المكونة من ثمانية أفراد، من بينهم أربعة أطفال.
وفي جريمة بشعة تجاوز فيها الاحتلال كل القيم الإنسانية، قتلت القوات الإسرائيلية 10 أطفال، وأصابت 40 آخرين في مخيم الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة، فبينما كان عدد من الأطفال يعيشون أجواء عيد الفطر المبارك في أول أيامه رغم الألم، ويعتلون أرجوحة صغيرة بجوار منزلهم لتنسيهم مآسي الحرب وأوجاعها، باغتتهم صواريخ الاحتلال وأسقطتهم أرضاً، لتروي دمائهم الأرض التي كانت تشهد على أناملهم الصغيرة.
المواطن أكرم مقداد من مخيم الشاطئ، له حكاية خاصة مع الأوجاع التي سكنت قلبه على مدار ست سنوات، وهي ذاتها عمر طفله باسل الذي زف إليه شهيداً عندما مزقت الصواريخ الإسرائيلية جسده بينما كان يلعب كبقية الأطفال على أرجوحتهم الصغيرة أول أيام العيد.
الطفل باسل الذي استشهد وهو يلعب على الأرجوحة برفقة تسعة أطفال آخرين في الحرب الحالية لعام 2014، ولد في حرب عام 2008، وفيها أيضاً ودع أكرم مقداد طفله محمد شهيداً، وبذلك تزداد حجم الفجيعة التي تحرق قلبه، وسترافقه سنوات طويلة. ويقول الوالد المكلوم بصوت خافت «لم يتبق لي من العمر كثيراً حتى أعيش كل سنواتي في حرمان وعذاب، ولم يتبق لي إلا طفل واحد، وأخشى أن أفقده في أي يوم، فأنا أربي أولادي، وأنتظر السنوات تمر لحظة بلحظة حتى يكبروا، ويصبحوا سندي وعنوان فرحتي في الحياة، لكن الاحتلال قطفهم كالورود، ونزعهم من قلبي، ليتركه ينزف ألماً على فراقهم».
ويضيف متسائلاً «ما ذنب أطفالي وأطفال غزة يقتلون وهم يلعبون؟ أليس من حقهم العيش بأمان كبقية أطفال العالم؟ فهم لم يرتبكوا شيئاً، وكانوا فقط يلعبون على أرجوحة صغيرة رغم الموت الذي ينشره الاحتلال في كل مكان».
ويتابع مقداد قوله وقد غلبه البكاء «عندما رأيت طفلي باسل مضرجاً بدمائه، أصابتني نار حرقت قلبي، ورافقني حزن عميق أفقدني صوابي، فيما أعاد هذا المشهد إلى ذاكرتي لحظة استشهاد طفلي البكر محمد، الذي قتله الاحتلال وهو يجلس على باب المنزل».