ديمبسي يدعو إلى «صبر اســـتراتيجي» في مواجهة «داعش»

دعا رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأميركي، الجنرال مارتن ديمبسي، الذي وصل إلى بغداد، أمس، إلى اعتماد «الصبر الاستراتيجي» في مواجهة تنظيم «داعش» الإرهابي في العراق وسورية، مؤكداً ضرورة التروي وأخذ الوقت اللازم. فيما بدأت قوات البشمركة الكردية، بدعم مكثف من طيران التحالف الدولي، هجوماً ضد التنظيم في مناطق جنوب وغرب كركوك، في محاولة لتكثيف الضغط على معاقل للتنظيم شرق نهر الفرات، بينما تمكن الجيش العراقي ورجال من تحرير منطقة الكناطر شرق الفلوجة.

وقال الجنرال مارتن ديمبسي، خلال زيارة له إلى حاملة الطائرات الفرنسية «شارل ديغول»، إن إلقاء كميات كبيرة من القنابل على العراق ليس الحل، مضيفاً أن «علينا أن نكون دقيقين جداً في استخدام قوتنا الجوية».

ودعا إلى اعتماد «الصبر الاستراتيجي» في المواجهة مع عصابة «داعش» الإرهابية في العراق وسورية، مؤكداً ضرورة التروي وأخذ الوقت اللازم «لجمع المعلومات الدقيقة حول المواقع التي يجب أن تستهدف بالقصف».

وتعهد ديمبسي، في مؤتمر صحافي، بهزيمة «داعش». وقال «داعش سيهزم». وجدد تأكيده الحاجة إلى أن تكون الضربات الجوية، التي يشنها التحالف الدولي منذ اشهر، «دقيقة للغاية» لتفادي «معاناة إضافية» للمدنيين الموجودين في مناطق سيطرة التنظيم.

ووصل ديمبسي، إلى بغداد، أمس، بعد أسبوع من بدء نحو 30 ألف عنصر من الجيش والشرطة وفصائل شيعية مسلحة وأبناء عشائر سنية، عملية عسكرية واسعة لاستعادة مدينة تكريت (110 كلم شمال بغداد) ومناطق محيطة بها.

ولم يشارك طيران التحالف الدولي في هذه العملية، في حين نشرت وسائل إعلام إيرانية صوراً لقائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري، الجنرال قاسم سليماني، قالت إنها التقطت له في محافظة صلاح الدين، ومركزها تكريت.

من جهته، أكد رئيس الوزراء، حيدر العبادي، في كلمة وجهها إلى العراقيين والمقاتلين، أهمية «الهوية العراقية» في معركة تكريت.

وقال «أوصيكم بصفتي القائد العام للقوات المسلحة، وجندياً من جنود العراق، بأن تكون العزيمة عراقية، والهوية عراقية، والغيرة عراقية».

وأضاف «حب العراق يجمعنا لأنه هويتنا، وليس انتماءاتنا الضيقة، فكونوا كما أنتم وكما عهدناكم عراقيين أصلاء منتفضين لهذه البلاد العريقة».

وكان ديمبسي، القادم إلى بغداد من البحرين، قال للصحافيين خلال توجهه إلى المنطقة، إن استعادة تكريت مسألة وقت، نظراً إلى حجم القوات المهاجمة. لكنه أشار إلى أن إيران تعزز القدرات العسكرية للفصائل الشيعية، من دون أن يتضح ما إذا كان ذلك يساعد أو يعوق قتال المتطرفين في العراق، مؤكداً انه سينقل للمسؤولين العراقيين قلقه من تنامي النفوذ الإيراني.

في غضون ذلك، بدأت قوات البشمركة، فجر أمس، هجوماً واسعاً على تنظيم «داعش» جنوب وغرب مدينة كركوك الغنية بالنفط.

وقال قائد محور جنوب كركوك، وستا رسول، إن العملية تتم بإسناد جوي من طيران التحالف الدولي.

وأوضح مدير شرطة الأقضية والنواحي في كركوك، سرحد قادر، أن القوات المشاركة في العملية «تتقدم بحذر بسبب الألغام التي زرعها داعش في المنطقة»، وهو تكتيك يلجأ إليه التنظيم بشكل واسع للإيقاع بالقوات التي تحاول التقدم في اتجاه مناطق يسيطر عليها.

وقال محافظ كركوك، نجم الدين كريم، لقناة تلفزيونية محلية قرب الجبهة، وكان يرتدي خوذة، إن هدف الهجوم كان إبعاد المتطرفين عن المدينة.

وقال مراسل لـ«رويترز» ذهب إلى الخط الأمامي، أمس، إن مقاتلي قوات البشمركة الكردية يقصفون مواقع للتنظيم، وتقدموا على جبهات عدة إلى الغرب من المدينة، فسيطروا على قرى في منطقتي ملا عبدالله وتل ورد. وقال مصدر أمني في المدينة إن اشتباكات عنيفة اندلعت بين البشمركة والتنظيم في خرابروت شمال غرب كركوك.

وسيطر الأكراد على كركوك بالكامل في أغسطس الماضي، حين انهار الجيش العراقي في الشمال، واجتاح التنظيم المتشدد ثلث البلاد تقريباً. لكن المدينة ظلت معرضة للهجوم، إذ لم يكن الخط الأمامي يبعد عنها بأكثر من 20 كيلومتراً في بعض المناطق. وفي أواخر يناير الماضي اجتاح التنظيم الدفاعات الكردية حول كركوك.

إلى ذلك، ذكر مصدر عسكري عراقي، أن قوات الجيش العراقي ورجال العشائر، بدعم من طيران قوات التحالف الدولي، واصلت تقدمها في ناحية الكرمة، شرق الفلوجة، بالسيطرة على مناطق جديدة وحررت منطقة الكناطر الواقعة وسط ناحية الكرمة من تنظيم «داعش».

وقال إن معظم قيادات التنظيم وعناصره هربوا باتجاه مدينة الفلوجة وناحية الصقلاوية، لشدة العمليات العسكرية والقصف الجوي للتحالف الدولي على ناحية الكرمة.

وواصلت القوات العراقية، والمسلحون الموالون لها، العمليات العسكرية في المناطق المحيطة بتكريت. وتمكنت هذه القوات، أول من أمس، من استعادة السيطرة على منطقة البوعجيل، التي يقطنها أبناء عشيرة سنية تتهمها الفصائل الشيعية بالمشاركة في «مجزرة» قاعدة سبايكر العسكرية شمال تكريت، التي راح ضحيتها المئات من المجندين الشيعة في يونيو. وأثارت العملية العسكرية مخاوف من عمليات انتقام بحق السكان السنة، لا سيما أن عدداً من قادة الفصائل الشيعية اعتبروا أن العملية العسكرية في محيط تكريت تحمل صبغة «الثأر لسبايكر».

إلا أن عدداً من هؤلاء القادة، وبينهم زعيم «منظمة بدر»، هادي العامري، وزعيم «عصائب أهل الحق»، قيس الخزعلي، شددا في سلسلة تصريحات خلال الأيام الماضية، على أهمية الحفاظ على المدنيين، وعدم ارتكاب عمليات تؤثر في «النصر» في محافظة صلاح الدين. ونقلت عشرات العائلات، أول من أمس، من مناطق القتال إلى مدينة سامراء.

وقال عطا أبوعلاء (50 عاماً) الذي نزح 12 فرداً من عائلته من قرية البوعجيل، لوكالة «فرانس برس» «أنا مُزارع، تركت الخراف والأبقار»، وأضاف «لم تكن لدينا أي علاقات مع داعش، كنا مغلوبين على أمرنا».

وكانت الأمم المتحدة أعلنت، الأسبوع الماضي، أن العملية العسكرية أدت إلى نزوح 28 ألف شخص، يضافون إلى نحو مليونين ونصف المليون نازح جراء أعمال العنف في مناطق مختلفة منذ مطلع عام 2014.

الأكثر مشاركة