ذكريات القتل والدمار بدّدت الفرح

عيد حزين جديد يمر على غزة.. والشهداء يتصدرون المشهد

صورة

صور أطفال وشباب وشيوخ قضوا نحبهم شهداء معلقة فوق الأنقاض، وخيام وكرفانات حديدية مقامة بين ركام المنازل المدمرة، أمّا الأحياء فقد أقبلوا على مقابر الأموات، وأقاموا بيوت عزاء رمزية لإحياء الذكرى السنوية الأولى لمن رحلوا قبل عام، تلك هي الأجواء التي رافقت أيام عيد الفطر المبارك في قطاع غزة، خصوصاً المناطق المدمرة فيه.

وجاء عيد الفطر هذا العام في الوقت ذاته الذي شنت فيه إسرائيل في يوليو الماضي حرباً هي الأعنف التي يتعرض لها قطاع غزة، حيث سادت ملامح الحزن بين أهالي الشهداء، خصوصاً العائلات التي أباد الاحتلال معظم أفرادها، أما المشردون فلا يملكون مكاناً يستقبلون فيه العيد وبهجته.

في مخيم الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة، كان يجلس أطفال بعمر الزهور على أبواب منزلهم في أول أيام عيد الفطر، وقد خيم الحزن على ملامحهم، وهم ينظرون إلى بقايا أرجوحة لطخت بدماء أشقائهم ورفاقهم.

ففي اليوم الأول لعيد الفطر عام 2014 استغل مجموعة من الأطفال في مخيم الشاطئ وقت التهدئة التي أعلنت لساعات قليلة، من أجل اللعب والترفيه عن أنفسهم، وبينما كانوا يستقلون أرجوحة صغيرة نصبت على أبواب منازلهم، غدرت بهم طائرات الاحتلال، لتغتال براءة 10 أطفال ارتقوا شهداء دفعة واحدة، وتصيب 20 آخرين، دون أي ذنب اقترفوه سوى أنهم أرادوا الحياة في وقت الموت الذي نشرته إسرائيل في كل مناطق القطاع.

ورغم مرور عام على تلك المجزرة، إلا أن الأطفال الذين نجوا منها رفضوا قضاء أجواء العيد، فمشاهد القتل الغادر لأشقائهم ورفاقهم، مازالت حاضرة في أذهانهم لا تغيب لحظة واحدة، ليشعل العيد هذا العام في نفوسهم لهيب الحزن على من تقاسموا معهم جميع اللحظات في الأعوام الماضية.

ومن بين الأطفال الذين قتلهم الاحتلال في مجزرة الشاطئ، براء أكرم مقداد البالغ من العمر ستة أعوام، ليكون هو الشهيد الثاني لوالديه، فقد حرما ابنهما محمد 17 عاماً، بفعل جرائم الحرب التي شنتها إسرائيل ضد القطاع نهاية عام 2008.

«الإمارات اليوم» التقت أم محمد مقداد، والدة الطفل الشهيد براء داخل مقبرة الشيخ رضوان شمال مدينة غزة، حيث قضت اليوم الأول لعيد الفطر بجانب قبر طفليها اللذين غابت معهما أجواء العيد وبهجته.

«قالوا بكرة العيد، قلت العيد لأصحابه، ماذا سيفعل العيد لمن فارق أحبابه»، تلك العبارة قالتها أم محمد مقداد بصوت مختنق، لتختصر بها الحالة التي تعيشها في الذكرى الأليمة التي حرمتها طفلها براء، وخطفت صوته المرح، الذي كان يملأ البيت فرحاً وسروراً في كل عيد.

وبالعودة إلى منزلها في مخيم الشاطئ، الذي خلا من أجواء العيد، قلبت أم محمد ألبوم صور ولديها، والدموع تذرف من عينيها مسترجعة أياماً جميلة قضتها معهما في الأعياد الماضية.

بالانتقال إلى حي الشجاعية، شرق مدينة غزة، أكثر المناطق التي تعرضت لجرائم القتل والدمار في الحرب الأخيرة، افتقد علاء البطش فرحة طفله الصغير، قصي، وهو يرتدي ملابس العيد الجديدة، وقبلته الرقيقة التي كان يطبعها على وجنتيه.

وقضى علاء هذا العيد وحيداً من دون أطفاله الأربعة وزوجته، الذين قضوا شهداء جراء المجزرة البشعة التي ارتكبتها الطائرات الإسرائيلية عندما قصفت منزل عائلة البطش، ما أدى إلى استشهاد 18 فرداً جميعهم أشقاء علاء أو أطفالهم وزوجاتهم، بالإضافة إلى أسرته الصغيرة، فيما أصيب ما يقارب 50 فرداً.

 

 

تويتر