خطيب "المسجد الأقصى": قانون تجريم ازدراء الأديان يظهر الصورة السمحة للإسلام
أشاد خطيب المسجد الأقصى المبارك النائب الأول لرئيس الهيئة الإسلامية العليا بالقدس الشيخ الدكتور يوسف جمعة سلامة بالقانون الذي أصدره صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، والذي يجرم كافة أشكال ازدراء الأديان والمقدسات وخطابات الكراهية والتكفير، كما يجرم كافة أشكال التمييز على أساس الدين أو العقيدة أو الطائفة أو المذهب أو الأصل أو اللون أو العرق ويجرم كل قول أو فعل يدعو إلى إثارة الفتن .
وقال الدكتور سلامة إن هذا القانون يظهر صورة الإسلام السمحة المبنية على التسامح مع الآخرين فالناس صنفان : إما أخ لك في الدين : "إنما المؤمنون إخوة " أو أخ لك في الإنسانية: "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير".
وأضاف سلامة " أننا عندما نتصفح كتب التاريخ فإننا نجد صفحات مشرقة عن التسامح الإسلامي مع أهل الديانات الأخرى وعن الأسلوب الطيب الذي اتبعه المسلمون في احترام الآخرين كما نلاحظ المعاملة الطيبة من المسلمين تجاه أهل الكتاب وهذا ما دفع الكثير من أهل الكتاب للدخول في هذا الدين الجديد لأنهم وجدوا فيه ضالتهم من السماحة واليسر والمحبة والأخوة " .
وأكد أن التسامح الذي عامل به الإسلام غيره لم يعرف له نظير في القارات الست ولم يحدث أن انفرد دين بالسلطة ومنح مخالفيه في الاعتقاد كل أسباب البقاء والازدهار مثل ما صنع الإسلام وفي أي مجتمع يضم أناسا مختلفي الدين قد يثور نقاش بين هؤلاء وأولئك .. وهنا نرى تعاليم الإسلام صريحة في التزام الأدب والهدوء " ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن ".
وشدد سلامة على أن الأخوة الإنسانية هي الأساس الذي تقوم عليه علاقات الناس حيث أن القرآن الكريم وضع دستورا للعلاقة بين المسلمين وغير المسلمين أيا كانت ديانتهم كما جاء في قوله تعالى :" لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين *إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون ".
وأشار إلى أن العهدة العمرية التي أرسى قواعدها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع بطريرك الروم صفرونيوس في السنة الخامسة عشر للهجرة تمثل لوحة فنية في التسامح الإسلامي الذي لا نظير له في التاريخ حيث نصت العهدة على حريتهم الدينية وحرمة معابدهم وشعائرهم.
وقال " لعل من أشهر النماذج على احترام المسلمين لغيرهم قصة القبطي مع عمرو بن العاص رضي الله عنه والي مصر حيث ضرب ابن عمرو بن العاص ابن القبطي بالسوط لأنه سبقه في السباق وقال له : أنا ابن الأكرمين ! فما كان من القبطي إلا أن ذهب إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه في المدينة المنورة وشكا إليه عمرو بن العاص وابنه فاستدعى الخليفة رضي الله عنه عمرو بن العاص وابنه وقال كلمته الشهيرة : " يا عمرو متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ".
وشدد خطيب المسجد الأقصى على أن الإسلام لا يفرق بين المسلم والذمي في المعاملات العامة لأن الجميع سواسية أمام القانون لا تفضيل ولا محاباة حتى وإن كان أحد الخصمين مسلما رفيع المكانة والآخر يهوديا أو مسيحيا وقد كثرت الأحاديث الخاصة بتحذير المسلمين من ظلم غير المسلم أو انتقاصه حقه أو إلحاق الأذى به حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم- :" من ظلم معاهدا أو انتقصه حقا أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس منه فأنا حجيجه يوم القيامة ".
وأضاف " هذا هو المنهج الإسلامي القويم في التسامح مع الآخرين وفي علاقة التعايش السلمي المبني على الوفاق والعدل مع غير المسلمين ما داموا على العهد والميثاق محافظين وتلكم هي سماحة الإسلام التي أثرت الكون كله منذ سطوع فجره ونثرت على الإنسانية بردها وسلامها وخيرها وأمانها " صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون ".