رئيس نيجيريا يواجه أول اختبار في مكافحة الفساد
يواجه الرئيس النيجيري، محمد بخاري، أول اختبار من نوعه بشأن حملته لمكافحة الفساد، وذلك مع بدء محاكمة رئيس جهاز الأمن السابق، المتهم باختلاس ملايين الدولارات المخصصة لمكافحة منظمة «بوكو حرام».
وتم الإفراج بكفالة، يوم الجمعة الماضي، عن مستشار الأمن القومي في عهد الرئيس السابق، سامبو دسوقي، وأربعة مسؤولين سابقين آخرين، بعد اتهامهم بأكثر من 13 تهمة تتعلق بغسل الأموال وخيانة الأمانة. ونفى كل من الرجال الخمسة هذه المزاعم.
وتتعلق التهم باختلاس قدر كبير من الأموال كان مخصصاً لشراء أسلحة، وتمثل هذه التهم جزءاً من تحقيقات بشأن 2.1 مليار دولار، تم سحبها من البنك المركزي وتحويلها إلى حساب دسوقي، خلال السنة التي غادر فيها جوناثان السلطة.
وبدأت هذه المزاعم تظهر إلى السطح، جنباً إلى جنب مع الكشف عن تحقيقات الكسب غير المشروع الأخرى، منذ أن تولى بخاري منصبه في مايو، ما أطلق العنان لعاصفة سياسية، في وقت تواجه نيجيريا أزمة اقتصادية، وتناضل من أجل القضاء على ميليشيا «بوكو حرام». وقد تكون تلك المزاعم مرتبطة بجهود الحكومة الجديدة، لإحكام سيطرتها على أموال الدولة التي أصبحت عرضة للنهب، واسترداد الأموال المسروقة، وهما وعدان تعهد بهما بخاري أمام النيجيريين.
وتوضح هذه القضية جزءاً يسيراً جداً مما كان يحدث خلال فترة جوناثان، وفقاً لحليف وثيق لبخاري، وذلك قبل أن يصل التحقيق إلى نتيجة بشأن مزاعم تسريب مبالغ طائلة من شركة النفط الحكومية، ما يجعل هذه القضية مهمة للغاية وتثير أسئلة بشأن دور الرئيس السابق في أنشطة الفساد هذه.
واتصلت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية بالعديد من المسؤولين الذين خدموا مع جوناثان، والذين أكدوا أن الأموال كانت ضرورية جداً لشراء مروحيات ومعدات أخرى، ودفْع أموال لمرتزقة من جنوب إفريقيا، يساعدون في دحر ميليشيات «بوكو حرام» بعد أن احتلت رقعة كبيرة من أرض البلاد.
وأكد دسوقي أنه كان في جميع الأوقات يتصرف بصورة قانونية بموجب تعليمات جوناثان، وهي الرواية التي يؤكدها مسؤولون آخرون متورطون في هذه القضية. وذكر دسوقي، في بيان مقدم إلى المحكمة، قبل موعد جلسات الأسبوع الماضي، أن ذلك يشتمل على سحبه 47 مليون دولار من البنك المركزي نقداً، التي زعم أنه تم توزيعها على أعضاء حزب الشعب الديمقراطي الحاكم آنذاك.
ويعتقد مسؤول سابق أن الآثار المترتبة على الادعاءات وخيمة للغاية إذا ثبتت، أولاً لأن هذه الأموال هي الأكبر حجماً منذ استعادة الحكم المدني في عام 1999 التي يتم سحبها من موازنة البنك المركزي، وتسليمها إلى أحد مساعدي الرئيس، في تحايل واضح على إجراءات المشتريات والميزانية، ومن دون أي رقابة لاحقة، ثانياً تشير المزاعم إلى أن جزءاً من تلك الأموال على الأقل، قد تم استخدامه لمصلحة حملة إعادة انتخاب جوناثان. وهناك اتفاقية تنص على عدم ملاحقة رؤساء الدولة السابقين، لهذا يصبح التحقيق بشأن جميع هذه المزاعم اختباراً حقيقياً، فهل سيمضي الرئيس حتى نهاية الشوط أم سيتراجع؟ وهل لدى الدولة القدرة على متابعة هذه القضية إلى النهاية؟
ويشجع الدبلوماسيون البريطانيون والأميركيون بخاري على عدم ملاحقة سلفه، وفقاً لمساعدي الرئاسة، خوفاً من أن ذلك قد يخل بالسابقة الإيجابية التي اتخذها جوناثان عندما قرر بقبول الهزيمة الانتخابية.
ومع ذلك، هناك بعض المسؤولين داخل الإدارة يعتقدون أنه تنبغي محاسبة الرئيس السابق إذا ثبت أنه انتهك القوانين.
لم يظهر إلى السطح أي دليل موثوق يفيد بأن التحقيق يشير إلى أن جوناثان أمر بسحب العملات الأجنبية نقداً، أو أنه طلب تحويل الأموال لمصلحة حملته الانتخابية.
ويقول رئيس برنامج العدالة، التابع لمعهد المجتمع المفتوح، شيدي أودينكالو: «إذا استطاع المدعون العامون أن يثبتوا أن جوناثان تلقى منافع مادية من تحويل الأموال العامة، فإنه ينبغي أن يخضع حينئذ للمساءلة القانونية من خلال العملية القضائية»، لكنه يضيف قائلاً «لكن هذا ليس بالأمر السهل، لأن معظم محاكمات الكسب غير المشروع، لم تكن ناجحة حتى الآن، سواء كان ذلك على قدر من الفساد في النظام نفسه، أو فشل في الارتقاء فوق الضغوط لإثبات المطلوب، وهذا ما نحن نعانيه بالفعل».