لاجئة سورية تحمل طفلها وهي تغادر مخيماً للاجئين قرب أثينا بعد التحقق من وثائق تسمح لها بالسفر إلى الحدود اليونانية - المقدونية. رويترز

دمشق تقبل باتفاق وقف إطلاق النار.. وشكوك حول إمكانية تطــبيقه

أعلنت دمشق، أمس، قبولها باتفاق لوقف إطلاق النار في البلاد توصلت إليه الولايات المتحدة وروسيا، أول من أمس، ومن المفترض أن يدخل حيز التنفيذ فجر السبت المقبل مستثنياً مجموعات متطرفة وسط شكوك تحوم حول إمكانية تطبيقه على الأرض. في حين سيطر تنظيم «داعش» ومقاتلون من فصائل مسلحة على بلدة خناصر الاستراتيجية الواقعة على طريق الإمداد الوحيدة التي تربط محافظة حلب بسائر المناطق السورية غداة تمكنهم من قطعها.

وقال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السورية في بيان، إن «دمشق تعلن قبولها بوقف الاعمال القتالية»، مشيراً إلى أن ذلك «على أساس استمرار الجهود العسكرية بمكافحة الاٍرهاب ضد (داعش) وجبهة النصرة والتنظيمات الإرهابية الاخرى المرتبطة بها وبتنظيم القاعدة، وفقاً للإعلان الروسي الأميركي».

وأعلنت الولايات المتحدة وروسيا، مساء أول من أمس، في بيان مشترك أن اتفاقاً لوقف اطلاق النار سيدخل حيز التنفيذ في سورية في 27 فبراير اعتباراً من منتصف ليل الجمعة/السبت بتوقيت دمشق. ولن يشمل الاتفاق «تنظيم داعش وجبهة النصرة (ذراع تنظيم القاعدة في سورية) وبقية المنظمات الإرهابية التي حددها مجلس الأمن»، وفق البيان.

وأبدت الحكومة السورية «استعدادها لاستمرار التنسيق مع الجانب الروسي لتحديد المناطق والمجموعات المسلحة التي سيشملها» الاتفاق.

وتصنف الحكومة السورية جميع الفصائل التي تقاتلها بـ«الإرهابية».

وفي محادثة هاتفية، أول من أمس، أكد الرئيس الاميركي باراك أوباما ونظيره الروسي فلاديمير بوتين على ضرورة احترام الاتفاق من قبل الأطراف جميعها و«التركيز» على محاربة «داعش».

ورحب وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت، أمس، بـ«الإعلان الإيجابي»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أنه «سنكون يقظين لناحية تنفيذه».

وقال الباحث في معهد الدراسات الاستراتيجية والعلاقات الدولية كريم بيطار لـ«فرانس برس»، إنه «على الرغم من أن التشكيك قائم يبدو أن هناك تنسيقاً وثيقاً بين الروس والاميركيين، اذ يبدو أنهم جاهزون لضمان تنفيذ هذه الهدنة».

ورغم تأكيده أن العقبات لاتزال موجودة، أكد بيطار أن «الهدنة المؤقتة من مصلحة جميع الاطراف المعنية». أما على الأرض، فالشكوك تحوم حول إمكانية تنفيذ اتفاق مماثل في ظل الأوضاع المعقدة في سورية.

واعتبر قائد كتيبة في «اللواء العاشر» الموجود في ريف اللاذقية الشمالي (غرب)، أبوإبراهيم، أن الاتفاق «مضيعة للوقت ومن الصعب تطبيقه على الارض»، متسائلاً «هل هناك ضمانات ألا يقصف النظام أو يتمدد؟».

ورأى البعض أن من شأن استثناء «جبهة النصرة» من الاتفاق ان يعيق تطبيقه على الأرض، خصوصاً أن الجبهة منتشرة في مناطق عدة في سورية ومتحالفة مع فصائل مقاتلة أخرى.

واعتبر الناشط زين الباشا على صفحته على «فيس بوك» أن المجموعات المقاتلة الموالية للحكومة السورية بـ«أمان»، إذ إن الاتفاق «يمنع أي أعمال عدائية ضدهم، بل يحق لهم مهاجمة أي مكان يرونه للنصرة أو داعش».

وكانت الهيئة العليا للمفاوضات، المنبثقة عن اجتماع للمعارضة في الرياض وتمثل أطيافاً من المعارضة السياسية والمسلحة، أكدت ان «الالتزام بالهدنة مرهون» بفك الحصار عن المدن والمناطق المحاصرة، وإيصال المساعدات والإفراج عن المعتقلين، ووقف القصف الجوي والمدفعي.

واعتبر أحمد السعود من «الفرقة 13»، الناشطة في محافظة ادلب في شمال غرب البلاد، في حديث لـ«فرانس برس»، أن «النظام السوري لديه أوراق كثيرة يلعبها، ولذلك نريد بادرة حسن نية منه وإلا على أي أساس سنتعامل مع وقف إطلاق النار؟».

ويأتي اتفاق وقف إطلاق النار بعد نحو ثلاثة اسابيع على هجوم واسع شنه الجيش السوري في محافظة حلب شمالاً، حيث تتواجد «جبهة النصرة». ونجح الجيش السوري في السيطرة على مناطق عدة في الريف الشمالي، وفرض حصار شبه كامل على الفصائل المقاتلة في الاحياء الشرقية من مدينة حلب.

وبعد ساعات على اعلان الاتفاق الأميركي الروسي، أعلن الرئيس السوري بشار الاسد 13 ابريل موعداً لإجراء الانتخابات التشريعية. وفي هذا الصدد، اعتبر بيطار أن الاسد «يريد ان يظهر أنه لايزال يدير الاجندة السوري على الرغم من جميع المساعي الدبلوماسية».

على الصعيد الميداني، قال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبدالرحمن لـ«فرانس برس»، إن تنظيم «داعش» ومقاتلين من فصائل أخرى، بينهم مقاتلون تركستان، شنوا هجوماً واسعاً تخللته عملية انتحارية ضد مواقع قوات النظام السوري في بلدة خناصر وتمكنوا من السيطرة عليها.

وتأتي السيطرة على خناصر، أمس، غداة تمكن التنظيم وفصائل أخرى، من خلال هجومين متزامنين، من قطع طريق حلب - خناصر الاستراتيجية في ريف حلب الجنوبي الشرقي (شمال).

وهذه الطريق هي الوحيدة التي يمكن لقوات النظام الموجودة في غرب مدينة حلب ومناطق محيطة بها، سلوكها للوصول من وسط البلاد الى محافظة حلب وبالعكس.

وبحسب عبدالرحمن، تعد بلدة خناصر «معبراً» الى هذه الطريق الاستراتيجية، مذكراً بأن قوات النظام السوري «خاضت معارك عنيفة لاستعادتها من فصائل مسلحة قبل نحو عامين».

وأوضح أن خسارتها مجدداً تعد «خسارة معنوية لقوات النظام».

وقال عبدالرحمن ان سيطرة «داعش» على خناصر تعد «نصراً معنوياً للتنظيم في مواجهة الفصائل المقاتلة التي تخسر في ريف حلب الشمالي». ورأى أن التنظيم «يوجه بذلك رسالة إلى الشارع السوري، خصوصاً في مدينة حلب، تفيد بأنه الوحيد القادر على مواجهة قوات النظام ومحاصرته في الأحياء الغربية».

الأكثر مشاركة