الإمارات: التضامن السبيل الوحيد للخروج من المأزق العربي الراهن

شاركت الشعبة البرلمانية للمجلس الوطني الاتحادي برئاسة رئيسة المجلس أمل عبدالله القبيسي، في المؤتمر الـ23 للاتحاد البرلماني العربي الذي انطلقت أعماله أمس في مقر جامعة الدول العربية في القاهرة، لمناقشة موضوع «الوضع العربي الراهن»، بمشاركة رؤساء البرلمانات العربية ورؤساء الوفود.

وألقت القبيسي كلمة قالت فيها: «لا يخفى علينا جميعاً ما تعيشه منطقتنا العربية منذ عام 2011 من ظروف استراتيجية معقدة وأحداث واضطرابات بلغت الذروة في بعض حالاتها، بدفع دول عربية عريقة إلى حافة الانقسام والتفكك، بينما انزلقت دول أخرى إلى حالة اللادولة، حيث استطاعت تنظيمات الإرهاب والتطرف بسط سيطرتها على مناطق جغرافية شاسعة، كما تآكل مفهوم سيادة الدولة في إطاره المعرفي المتعارف عليه، ولا شك أن الانتشار الجغرافي الوبائي لتنظيمات الإرهاب وجماعاته، وكذلك الطموحات التوسعية البغيضة لقوى إقليمية تحاول استغلال الظروف الراهنة في تحقيق أهدافها ومراميها التآمرية، مسببات رئيسة أسهمت في تعميق هذه الحالة من التشتت والتفكك غير المسبوق في تاريخنا العربي المعاصر.. وإذا أضفنا إلى هذه التطورات تلك الإشكاليات والقضايا التي تحتل صدارة الاهتمامات العربية منذ عقود مضت وفي مقدمتها الاحتلالان الإسرائيلي والإيراني لأراضٍ عربية من دون أفق واضح للحل والتسوية السلمية، فضلاً عن قضايا التنمية والبطالة وغيرها من القضايا العربية الملحة، فإن مجمل الواقع العربي المؤلم بما يموج به من تحديات وتهديدات استراتيجية بالغة الخطورة يقلقنا في دولة الإمارات العربية المتحدة، وبالدرجة ذاتها نثق بأنه يثير قلق بقية الدول العربية الشقيقة، ولاسيما التي تشاركنا الرؤى والتصورات نفسها حيال ما يواجهه عالمنا العربي من تحديات وأخطار استراتيجية جمة».

أمل القبيسي:

• لا بديل أمام البرلمانات عن تبني استراتيجية عربية موحدة في مواجهة الإرهاب تمتلك مواصفات البقاء والقابلية للتطبيق الفعلي.

• نطالب بإنهاء الاحتلال الإيراني للجزر الإماراتية الثلاث، وأن تعمل الدول العربية على تفعيل القرارات الصادرة عن الجامعة العربية والاتحاد البرلماني العربي والبرلمان العربي.

وأكدت أمل القبيسي إيمان دولة الإمارات بأن التضامن والتعاون العربي هو السبيل الوحيد للخروج من المأزق الراهن، وقيادتنا الرشيدة وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، أدركت منذ بدايات التأزم الذي تعانيه منطقتنا الآن ما يحاك لشعوبنا ودولنا من مؤامرات وخطط، وما يدبر لها من مكايد ينفذ الكثير منها من خلال وكلاء يتدثرون برداء الدين تارة ورداءات أيديولوجية مغايرة تارة أخرى، فكانت مشاركة القوات المسلحة لدولة الإمارات العربية المتحدة في عمليتي «عاصفة الحزم» ثم «إعادة الأمل»، بمنزلة تجسيد لثوابت ارتكزت عليها سياستنا الخارجية منذ تأسيس دولة الاتحاد في الثاني من ديسمبر عام 1971 على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (طيب الله ثراه)، فمساعدة الأشقاء في حفظ الأمن والاستقرار نهج ثابت وراسخ في سياسة الإمارات الخارجية، ونحن نثق بأن هذا النهج كان بمنزلة طوق النجاة الذي حفظ الشعب اليمني في مواجهة اعتداء غاشم تعرض له ولايزال على يد فئة باغية انقضت على الشرعية الدستورية والعملية السياسية، وأرادت التحكم في مصير هذا الشعب العربي الأصيل.

وأضافت القبيسي: «نقف جميعاً وقفة إجلال وإكبار لشهداء الإمارات الأبرار وبقية شهداء دول التحالف العربي الشقيقة، وأن تضحياتهم ودماءهم التي سالت على أرض اليمن الشقيق خطت بحروف من نور في أنصع صفحات التاريخ أسماءهم، وأن المجد لهؤلاء الشهداء وكل الاعتزاز بجنودنا من القوات المسلحة البواسل، والشكر والتقدير للقادة الذين اختاروا الاصطفاف والتوحد وراء هدف الدفاع عن الشعب اليمني الشقيق في مواجهة هذه الظروف العصيبة، فهذه الدماء الطاهرة ستظل رمزاً قومياً استثنائياً للعروبة ووحدة الدم والمصير».

وقالت: «إننا في دولة الإمارات العربية المتحدة نؤمن أيضاً بأن الأمن القومي العربي كل لا يتجزأ، وسنواصل العمل جنباً إلى جنب مع الدول العربية الشقيقة في أداء واجبنا والتزاماتنا القومية من أجل إرساء دعائم الأمن والاستقرار الإقليمي، والتصدي للمخططات والأجندات الأجنبية التي تسعى إلى فرض واقع معين على شعوبنا، وتنشر الفرقة وخطط التقسيم العرقية والمذهبية».

وعبّرت رئيس المجلس الوطني الاتحادي بالأصالة عن شعب دولة الإمارات وأعضاء وفد الشعبة البرلمانية عن خالص التقدير والامتنان للدور الذي تضطلع به القيادة السعودية وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، في المرحلة التاريخية الراهنة دفاعاً عن حقوق ومكتسبات الشعوب العربية كافة.

وشددت رئيس المجلس الوطني الاتحادي في كلمتها خلال المؤتمر الـ23 للاتحاد البرلماني العربي على أنه علينا أن ندرك أن دولنا العربية تخوض معركة مصيرية هي معركة استئصال آفة الإرهاب، الذي تحوّل في الآونة الأخيرة إلى خطر داهم يهدد العالم أجمع.

وأكدت أنه لا بديل أمام البرلمانات عن تبني استراتيجية عربية موحدة في مواجهة الإرهاب تمتلك مواصفات البقاء والقابلية للتطبيق الفعلي من خلال توافر شروط عدة، أهمها أولاً نشر قيم التسامح والوسطية والاعتدال وقبول الآخر بديلاً للتعصب والتشدد والغلو ونبذ الآخر. والشرط الثاني لهذه الاستراتيجية المقترحة وضع خطط تنموية فاعلة والاهتمام بمعالجة قضايا الشباب، وفي مقدمتها التعليم والبطالة وتوفير فرص عمل مناسبة. والشرط الثالث المضي على مسارات متوازية في مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، والمزاوجة في الخطط الوقائية والاستباقية والعلاجية بين الأدوات الأمنية والعسكرية والثقافية والسياسية والفكرية والتربوية والاعلامية والدينية. والشرط الرابع توافر الإرادة السياسية الداعمة للتطوير والتجديد في الفكر والخطاب الديني، وتشجيع النخب الدينية على الخروج من دائرة الطرح إلى مربع التنفيذ.

وقالت إن الشرط الخامس في هذه الاستراتيجية العربية المنشودة لمكافحة الإرهاب والتطرف أن تلتزم الشرعية الدستورية والسياسية، وتحافظ على سيادة الدول العربية على أراضيها في مواجهة ما تتعرض له من تآكل وتراجع تحت وطأة ضغوط الخارج ومؤامرات الداخل في كثير من الحالات.

وجددت القبيسي أهمية وحدة الموقف العربي في إنهاء النزاعات في المنطقة وفقاً للقرارات الدولية، ففي اليمن لابد من إنهاء التوصل إلى تسوية بموجب قرارات مجلس الأمن، خصوصاً القرار رقم 2216، كما ندعم الجهود الدولية الرامية إلى تحقيق تسوية سلمية شاملة في سورية بما ينهي الصراع.

وقالت: «لاشك أن ما سبق من أولويات لا ينبغي أن يطغى على قضايانا المصيرية الملحة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والاحتلال الإيراني للجزر الإماراتية الثلاث (طنب الصغرى وطنب الكبرى وأبوموسى)، حيث نطالب بإنهاء الاحتلال الإيراني للجزر الإماراتية الثلاث، وأن تعمل الدول العربية على تفعيل القرارات الصادرة عن الجامعة العربية والاتحاد البرلماني العربي والبرلمان العربي وكل المؤسسات الأخرى، بشأن اتخاذ ما يناسب من إجراءات لضمان الاستجابة الإيرانية لمساعي دولة الإمارات المشروعة دولياً في إنهاء هذا الاحتلال، إما بالتفاوض الجاد المباشر وفق أجندة محددة أو عبر آليات التحكيم الدولي، وأن يتم وقف كل الإجراءات الأحادية الجانب التي تقوم بها إيران في الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة».

من جهته، دعا رئيس مجلس النواب المصري، علي عبدالعال، إلى ضرورة تفعيل الاتفاقيات العربية لمكافحة الإرهاب، وكذلك البروتوكولات ذات الصِّلة، لتجفيف منابع الإرهاب ومصادر تمويله ومعاقبته العقاب الرادع، محذراً من خطورة التحديات التي تواجه المنطقة العربية وعلى رأسها الإرهاب.

من جانبه، حذّر الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي من حجم المخاطر والتحديات التي تواجه أسس الدولة الوطنية العربية والأمن الإقليمي العربي بمعناه الواسع، ما يحتم على القائمين على شؤون العمل البرلماني العربي الارتقاء بدور البرلمانات العربية وآليات عملها، لتتمكن من الاضطلاع بمسؤولياتها الكبرى إزاء الأوضاع المضطربة التي تهدد المجتمعات العربية.

وأكد العربي، في كلمته أمام الدورة الـ23 لاتحاد البرلمانات العربية، على أن هذه المخاطر تستدعي التحرك السريع لبلورة رؤية عربية مشتركة إزاء التعامل مع الأزمات المشتعلة من حولنا، وفي مقدمتها بالطبع الأوضاع الصعبة التي تعيشها سورية واليمن وليبيا والعراق، والتي تهدد تداعياتها، ليس فقط هياكل الدولة الوطنية المستقلة لتلك الدول، وإنما أيضاً تهدد مستقبل الأمن والاستقرار في المنطقة بأسرها.

وأكد رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، على دعم بلاده لدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وشيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب، لتوحيد الأمة العربية ونبذ الإرهاب والتطرف والدعوة إلى الاعتدال والوسطية.

الأكثر مشاركة