«تسريبات المطالب».. سوء التقدير على الطريقة القطرية
لا يبدو أن المخيلة القطرية قادرة على ابتكار طرق جديدة لتبرير موقف الدوحة المهتز، سوى الاستمرار في مسلسل البكائية وادعاء المظلومية.
الحجة القطرية هذه المرة تقول إن قطر بلد صغير لا يمكنه تلبية مطالب الكبار الصعبة، وهي حجة سقطت منذ الساعات الأولى لترديدها بمواجهة مجموعة من حقائق التاريخ والمنطق معاً.
فالتاريخ شاهد على اتفاق الرياض، الذي وقعت عليه قطر عام 2013، والاتفاق التكميلي عام 2014، ما يعني قبول الدوحة بما في الاتفاقين من مطالب.
هنا يقف المنطق عاجزاً عن تبرير رفض قطر الضمني الآن لما وافقت عليه في الماضي قبل ثلاث سنوات وأكثر.
صحيح أن الرفض لم يصدر رسمياً، لكن المتابع لوسائل الإعلام الدائرة في فلك الدوحة لا يخفى عليه ما يدور من نقاشات في أروقة «قصر الريان».
نحن إذا أمام نظام لا يحترم تعهداته بل ويقر علناً بذلك، ولأن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين فلم تجد الدول المتضررة من السياسات القطرية إلا التشدد في مطالبها هذه المرة، لتتجنب إعادة السيناريو نفسه من دون ضمانات واضحة من طرف اعتاد نكث العهود.
ومن غير المعروف حتى الآن من أشار على صانع القرار القطري بتسريب قائمة المطالب، فقد أضر من حيث أراد أن ينفع، فالتسريب دليل على رفض الدوحة لتحكيم العقل والمنطق.
وإذا كانت قطر ترغب في حل الأزمة فكان لابد أن يكون قادتها الآن عاكفين على دراسة المطالب، لا تسريبها لوسائل الإعلام.
وإذا كانت قطر حريصة على علاقاتها الخليجية لكانت منحت نفسها وقتاً لدراسة المطالب بدلاً من رفضها ضمنياً.
والواضح أن قرار قطر تسريب المطالب بدلاً من الرد عليها خلال القنوات الدبلوماسية، يثبت أن الدوحة لم تعد في حاجة للوساطة الكويتية وتسعى لإفشالها مكتفية بالحليف الإيراني.
قصر النظر هذا الذي تعانيه الدوحة جعلها لا تدرك أن أغلبية المطالب المقدمة تهدف إلى حماية مجلس التعاون لدول الخليج العربية وضمان استمراريته كقوة إقليمية مؤثرة.
ولأن سوء التقدير يلازم الدوحة فهي لم تدرك أيضاً أن المطالب المقدمة تسعى لمنع التدخلات الأجنبية في البيت الخليجي.
والقراءات القطرية الخاطئة للمواقف الإقليمية والدولية تجعلها أيضاً لا تدرك حقيقة واضحة مفادها أن المطالب المقدمة تعبر عن موقف موحد للدول الأربع المقاطعة، وليس موقف دولة بذاتها.
والواضح أن قصر النظر، وسوء التقدير، والقراءات الخاطئة، عناصر ثلاثة تمثل العامل المشترك الأعظم لكل تصرفات الدوحة خلال الفترة الأخيرة.